بوصلة فلسطين شعر: عبد الرحيم الشيخ يوسف. الطيبة/ المثلث لجنوبي
البَـــرُّ يَـــغلــــي وقَــلْـــبُ الـبَـحْــــرِ يَنْفَطِــــرُ –
ويا بِلادي أَهذا اليَوْمَ نَنتَظِرُ؟(1)
لَنـا رُجــوعٌ إِلــى يَـــوْمِ الأُلــــى نَهَضَـــتْ –
أَمْجادُهُمْ صُعُدًا والشِّرْكُ يُحْتَضَرُ
قد رَوَّضوا النَّفْسَ بالأخْلاقِ وارْتَفَعتْ-
راياتُ حُـبٍّ بِحَبْـلِ اللّه تأْتَزِرُ
دانَ الزَّمــانُ لَهُــمْ في يَــــوْمِ وَحْـدَتِهِـــمْ-و
الـمُصْطَفى بِكِتابِ اللّهِ مُقْتَدِرُ
ساسوا شُعوبًا وصارُوا في ديارِهُمو-
رَمزَ العَدالَةِ لا يُطْغيهُمُ البَطَرُ
باعــوا الجَهالـــةَ للجُهَّــــالِ وانْغَـــمســوا-
في بَحْرِ عِلْمٍ وفي آدابِهِمْ بَهَروا
خَرّوا صُقورًا على جَيْشِ العِدا وَثَبوا-
مِثْلَ الأُسودِ وبالتَّكبيرِ قَدْ زأروا
أَرضُ السَّوادِ(2) وسَعْـدٌ(3) في مَيامِنِها-
في «القَادِسِيَّةِ» يَحْلو النَّصْرُ والظَّفَرُ
«يَرْموكُ» رنَّت بأَعْطافِ الدُّنى هَزَجَتْ-
َصْرٌ مُبينٌ وَعَـهْدٌ لَيْسَ يَنْبَتِرُ
سَيـفُ الإِلـهِ (4) يَـــرُدُّ الـكُـــفْـــرَ صارِمُــهُ-
يَرْمي الكُماةَ كَما البُرْكَانِ يَنْفَجِرُ
«أَبــو عُبَيْـــدَةَ» لَــيْـــــثُ السَّــاحِ مُنْطَــلِــقٌ-
قَدْ دَجَّجَتْهُ سُيوفُ الهِنْدِ والسُّمُرُ
اقْـــذِفْ بِهِـــمْ غَـــرَقًا، مَــزِّقْ لَهُـمْ فِـرَقًـا،
-ابْعَثْ لَنا أَلَقًا يَزْهو بِهِ العُمُرُ
وَجَلْجَلَ النَّصْـرُ بالأرْجاءِ واحْتَرَقَــتْ
-جُيوشُ شِرْكٍ وَزال الخَوْفُ والخَطَرُ
« « «
مِـنْ أرْضِ باديــــةٍ تَرْنــو العُيـــونُ إلى
-أنحاءِ قُدْسٍ فَفِيها الـمَنْبتُ الخَضِرُ
طــــارَ «الـبُــراقُ» إِليهـا طَيْــــرَ مُؤتَـمَـــرٍ
-يُقِلُّ أَشْرَفَ من يَنْجو بِهِ البََشَرُ
ثــمَّ ارْتقــى مِثْلَ خَطْفِ البَرْقِ مُخْتَرِقًـ
ا-سَبْعًا طِباقًا وبالآياتِ يذَّكِرُ
يا صَخْـرةَ القُدْس يـــا تَقْويــــمَ عِــزَّتِنــا
-هَلْ نأكُلُ الزَّيتَ ما في صَفْوِهِ عَكَرُ
خَــبَّـــــتْ إِلــــى بَــلَـــدِ الأَحــــرارِ راحِـــلَـــــةٌ-
في رِحْلَةٍ حَفِِظَتْها النَّاسُ والسِّيَرُ
فــــاروقُ صِــــدْقٍ وَديــــنُ اللَّــــه غَــايَتُـــهُ
-لَمْ يَثْنِ عَزْمًا لَهُ كُفْرٌ ولا غَرَرُ
شَرْطٌ لصَفْرونِ (5) لا يَرْضـى بهِ بَدَلًا-أَ
ن يَحْضُرَ القُدْسَ مِنْ صحرائِهِ عُمَرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في الأبيات الخمسة الأولى نوع من البديع هو التطريز بحيث تكوّن الأحرف الأولى من الأبيات الخمسة الأولي كلمة «القدْس».
(2) أرض السّواد: يعني العراق.
(3) الـمقصود سعد بن أبي وقّاص.
(4) خالد بن الوليد.
(5) صفرون: ترخيم صفروينوس، بطريارك القدس في هذه الفترة.
حــــلَّ الـمدينَـــــــةَ يَعْــلــــو ظَهْــــرَ ناقَـتِــــــهِ-هذا الأَميرُ وإِيليا(1) كُلُّها بَصَرُ
مَســــاجــــدَ الـلَّـــه يَبْـنــــي بَــــينَ أربُــعِـهـــا- باسْمِ الإلهِ تُدوِّي الآيُ والسُّوَرُ
وعُـهَــدةُ الحَـــقِّ (2) كانَــــتْ للــملا عِـبَـــرًا- صِيغَتْ من النُّورِ أَو جادَتْ بِها العُصُرُ
« « «
مَـــرَّ الزَّمـــانُ مُــــرورَ الغَيْــــمِ وانْقَـلَبَـــتْ- أَيّامُ نَصْرٍ وجاءَ الغَرْبُ يَسْتَعِرُ
فـــي أَرْضِ يَعْــــرُبَ والأحــقَـــادُ ثائِـــرةٌ- حَطّتْ جُيوشٌ من الأَحلافِ تَنْتَشِرُ
يـــا قُدْسُ غنّي لِبَحْـرِ الدَّمِّ واحتَضِنــي-سبعونَ أَلفًا (3) بأَسيافِ العِدا نُحِروا
بــاسْـمِ الـمَسيــحِ تَـداعَـــوا غَيْـــرَ أنَّهمــو-لاقَوا أُسُودًا وفي حِطِّينَ قَدْ قُبِرُوا
« « «
جــــاءَ الأَلَنْبــــي يَـقُــــودُ الـغَــرْبَ ثــانـيَـــةً-وصوتُهُ لصَلاحِ الدِّين يَفْتَخِرُ
لَــمْ تُـنْــهِ أَنْــــتَ حُـــروبًا كُـنْــتَ فـارِسَهـا-جِئْنا إِليكَ بِجَيْشٍ كُلِّه قُدَرُ
حَرْبُ الصَّليبِ بهذا اليَـوْم قًدْ حُسِمــتْ-كَما أرَدْنا ويا عُرْبُ انْتهى الخَبَرُ
نَــــحْــــنُ الأشــاوِسُ لا أَنْـــتُـــم بأربُعِـهــا-عِيشوا رُعاةً وهذي الضَّأْنُ والبَقَرُ
يا قُدْسُ أضَحَـتْ بلادُ العُـرْب قَاحِلــــةً-حُكَّامُها سَقَطوا في غَيِّهِمْ سَكِروا
باعُوا الشَّهامَةَ وانْحلَّـــوا بـــــلا رَسَــــنٍ-ماتَتْ مبادؤهُمْ واستُغْفِلَتْ عِبَرُ
أَسيافُهم فـــي رِقــــابِ الأَهْــــلِ قَاطِعَــــةٌ-ما إِنْ توانَوا بِقَتْلِ الأَهْلِ أَو فَتَروا
لَـــمْ يَحسِبـــــوا أَبـــدًا للشَّعْـــــبِ ثــائِـــــرةً-لَمْ يَعْلَموا أَنَّنا بالحقِّ نَنْتصِرُ
مَـــوْجُ الظَّـــلامِ وَظُلـمُ الـغَـــــدْرِ نَـعْـرِفُـــهُ-والعُنْصُرِيَّةُ طَبْعٌ ساقِطٌ كَدِرُ
كانَـتْ مُحــاوَلـــةُ (4) الأَشْــرارِ خاسِـــرَةً-قالوا: الـمجانينُ أَوروا النَّارَ وازدُجِروا
أَرْضُ الـــدّيـــانــات للـمُـحْـتَــــلِّ رافِــضَــةٌ-ضَجَّت قُلوبٌ وضَجّ الجِلْدُ والشَّعَرُ
لَــنْ يَقْـبَــلَ الـشَّعـــبُ عَـــنْ أَوطانِــهِ بَــدَلًا-صَوتُ الشَّهِيدِ عَلا فَلْيحْفَظِ الأَثَرُ
لا القَتْلُ لا الطَّردُ من بَيْـتٍ ومِـنْ وَطَـنٍ-لا السِّجنُ ظُلـمًا ولا بُعْدٌ ولا سَفَرُ
لا الحِقْدُ لا الكُـرْهُ لا هَــدْمُ البُيــوتِ ولا-إرهابُ طِفْلٍ ولا نَابٌ ولا ظُفُرُ
يَثْني الجَماهيـرَ عـن وَقْـــدِ انتفاضَتِهــا-فهي الحَياةُ ومِنْها ينطِقُ الحَجَرُ
طـــردُ الـمئـــاتِ غَـــدًا طَبْـــعًا وطَــابَعَهُـــمْ-ظَنُّوا بذلكَ نَصْرًا ثُمَّ ما ظَفِرُوا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إيليا كابتولينيا – الاسم الرّومانيّ للقدس.
(2) العُهْدة العمريّة الّتي كتبها عمر بن الخطّاب ونظّم بواسطتها حقوق الـمواطنين في القدس.
(3) اعتمادًا على مؤرّخ الحروب الصّليبيّة – ابن الأثير.
(4) الإشارة إلى إشعال النّار في العَهْدِ الإسرائيليّ.
لـم يَهِزِمُـوا قَـــطُّ شَعْبًا مَــجَّ ضَيْمَهمُــو-فَصْلُ البُطولَةِ مَعروفٌ ومُدَّخَرُ
نيـلُ الحُقــوقِ ضميـــرٌ مـــن ضمائِرِنـــا-بالحِلْمِ والسِّلْم يَرقى النَّاسُ والبَشَرُ
أَبْـــشِــــرْ مُكَــــبِّــــــرُ لَـــنْ تَــنْـــــدَكَّ رايــتُــنـــا-عَهْدُ ابنِ مَكْتومِ وَعْدٌ فهوَ مُعْتَبَرُ
صَــوْتُ الـمؤَذّن بالتَّـوحِيــــد مُــرْتَــفِـــعٌ-ذِكْرٌ حَكيمٌ بهِ الآياتُ و الغُرَرُ
قَـــرْعُ النّــواقيــــسِ هَــتَّــــــافٌ يُجَـلجِـلُهــا-سَيُقهَرُ الظُّلـمُ والإِجرامُ والخَطَرُ
إِن كــــان لا بُــــدَّ مــن بَـــذْلٍ نَــجـــــودُ بِــــهِ-فلنَبْذِلِ الرُّوحَ بالإِخْلاصِ نَقْتَدِرُ
فالرُّوحُ في البَـذْل تَسمـو في مَنازِلِهــا-في جَنَّةِ الخُلْدِ مأَواها ومُنْتَظرُ
شيرينُ حَقًّا نَسيتِ الـمَوْت هم نَفَقـوا-لا عِزَّ لا مَجْدَ لا أخلاقَ وانْدَثروا(1)
شيرينُ مَهْلًا فَشعْبُ القُدْسِ صاعِقَةٌ-تمزّقُ الحِقْدَ لا تُبقي ولا تَذَرُ
لم يَعْـــلُ مَجْدُكِ فـــــي أعـــلـــى مطالِعِــــهِ-حتّى غَدَتْ أَنجُمُ الأعداءِ تنحَدِرُ
بـــــابُ الـــشهــــادَةِ مفــــتـــــوحٌ لـــداخِـلِــــهِ-فأَنتِ داخلَه والسّادَة الغُرَرُ
أيْقونَةَ القُـدْسِ مَرْحــــى كُنــــتِ رائــــدةً-للصّدقِ والحَقِّ أو ما يكتُبُ القَدَرُ
يا أُمَّةَ العُـرْبِ هـــذي الأَرْضُ مَـوْطِنُنـــا-القُدْسُ نَبْعٌ وبالأَحْرارِ تَزْدَهِرُ
لَــنْ يُرفَـعَ العـــارُ مِــــنْ تاريـــــخِ عزَّتِنــــا-مَهْما ادَّعَيْنا وَجُنْحُ القُدْسِ مُنكَسِرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أُضيفت الأبيات الخمسة المتتابعة على أثر اغتيال الصّحفيّة الـمَقْدسيّة شيرين أبو عاقلة في جنين، يوم 11/5/2022.