أَتَذَكَّرُكَ وَأَشْتَاقُ إِلَيْكَ
وَالْوَطَنُ السَّاكِنُ فِي عَيْنَيْكَ
يَتُوقُ لِصَوْتِكَ: “لَبَّيْكَ.. لَبَّيْكَ!”
سَيَبْقَى طَيْفَ مَجْدٍ فَوْقَ التِّلَالِ
يُقَارِعُ.. يُصَارِعُ..
يُكَافِحُ .. يُصَافِحُ..
يَصُولُ.. يَجُولُ..
مَعَكَ فِيكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ
فِي الأَرْضِ، فَوْقَ السَّحَابْ…
قَبْلَ الْإِيَابِ وَبَعْدَ الْغِيَابْ
يَذْهَبُ مِنْكَ، يَلِفُّ حَوْلَكَ.. يَعُودُ إِلَيْكَ.
لَا أُرِيدُكَ أَنْ تَأْتِيَ وَهُنَا تَحِلَّ
لِأَنِّي لَمْ أَعْهَدْكَ أَنْ تَرْحَلَ..!
ابْقَ… ابْقَ…
ابْقَ كَمَا أَنْتَ… كَمَا كُنْتَ
ابْقَ أَمَلِي…
مُعَلِّمِي،
فِي قَوْلِي..
ابْقَ حَوْلِي..
مُرَافِقًا لِي…
ابْقَ مَعِي، فِي دَاخِلِي،
وَاصِلْ جَرَيَانَكَ فِي شَرَايِينِي
خَفِّفْ أَنِينِي
ابْقَ مَعِي
اسْمَعْ صَوْتَ أَدْمُعِي
لَا تَبْرَحْ أَضْلُعِي!
ابْقَ مَعِي.. ابْقَ مَعِي
لَا أَتَذَكَّرُكَ.. لِأَنِّي لَمْ أَنْسَكَ
يَا شَاعِرَ الْوَطَنِ وَحَبَقِ الدَّارِ
يَا سَاكِنَ الْغَارْ
أَيُّهَا الْقَاطِنُ فِي الْقَلْبِ وَلَهُ جَارْ
أَيُّهَا الْفَارِسُ الْمِغْوَارْ.
أَتَذَكَّرُكَ وَمَا أَنْتَ بِغَائِبْ
لَسْتَ مُسَافِرًا خَلْفَ الْحَقَائِبْ
أَنْهَارُ الْجَلِيلِ سَيْلٌ مِنْ دِمَائِكَ
قِمَمُ الْكَرْمِلِ تَرْقُبُهَا مِنْ سَمَائِكَ
أَنْتَ لَسْتَ بِغَائِبْ
وَأَرَاكَ حَزِينًا وَغَاضِبْ..!
كَانَتْ الرِّسَالَةُ أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ الْأَقَالِيمِ
وَمِنْ خِيَمِ الْمَضَارِبْ
وَبَقِيتَ مُتَفَائِلًا وَغَيْرُكَ خَائِبْ
أَنْتَ ظِلُّ الْوَرْدِ عَلَى الْأَرْضِ
لَا تَسْتَسْلِمُ لِظَالِمٍ أَوْ لِغَاصِبْ..
لِمَنْ سَتَلْجَأُ هُمُومُ السِّنْدِيَانْ؟
وَلِمَنْ سَتُغَرِّدُ أَفْنَانُ الْبَيَانْ؟
كَانَتِ الْأَعْنَاقُ تَشْرَئِبُّ
وَالصَّوْتُ آتٍ
مِنْ وَرَقِ الزَّيْتُونِ وَالرِّيْحَانْ
مِنْ عَطَشِ الصَّبَّارْ..
يَا مَنْ يَفْخَرُ بِهِ الْكَفَنْ،
يَحْمِلُ الْعَزْمَ، يَرْفُضُ الْوَهَنْ
يَنْشُرُ الْأَمَلْ…
يَكْرَهُ الْعَفَنْ
يَرْفُضُ الشَّجَنْ
يُقَاوِمُ الْمِحَنْ.
يَا عِزَّ أُمَّةٍ حَضَنَتْهُ جُدْرَانُ الدِّيَارْ
يَا نُورًا يُدَافِعُ عَنْ صَوْتِ النَّهَارْ
كَمَا الليَالِي نُجُومَهَا وَالْأَقْمَارْ
اشْتَاقَتِ الْمَنَابِرُ فَارِسَهَا الْمِغْوَارْ
فَانْظُرْ كَيْفَ نَاحَ الْيَمَامُ وَذَبُلَتْ أَكَالِيلُ الْغَارْ
رُغْمَ عَوَاصِفِ الْجِرَاحْ
وَأَنِينِ الرِّيَاحْ
يَا مَنْ جُبِلْتَ مِنْ كِفَاحْ
أَسْتَلُّ عِطْرًا مِنْكَ فَاحْ
نَكْهَةُ الفَرَائِدْ
شَغَفُ القَصَائِدْ
عِطْرُ الوَرْدِ، كُنُسٌ وَمَسَاجِدْ
مَاسٌ لِلْقَلائدْ
مَا زِلْتَ تَمْشِي مُنْتَصِبَ الْقَامَةِ
مَا زِلْتَ تُغَنِّي مَرْفُوعَ الْهَامَةِ.
أَمَامَ كُلِّ سَفَّاحْ
نَادَيْتَ الْأَحْرَارَ بِإِلْحَاحْ
بِقَوْلٍ وَضَّاحْ:
“دَمُنَا لَنْ يُسْتَبَاحْ”!
بِعِطْرِ “قُصْفَةِ زَيْتُونٍ”،
أَوْ عَلَى أَسِنَّةِ الرِّمَاحْ
سَنَهْزِمُ الْأَشْرَارَ وَالْجِنَّ وَالْأَشْبَاحْ.
أَيُّهَا الْمُحَارِبْ
وَكُلُّ الْعَرَبِ لَكَ أَصْدِقَاءُ وَأَقَارِبْ
رُغْمَ سِهَامِ الْغَدْرِ وَهَوْجَاءِ الرِّيَاحْ
وَأَصْوَاتِ الْحَسَدِ وَالنُّبَاحْ
حَضَنْتَ الشَّوْكَ قَبْلَ الْوَرْدِ
وَفَاضَ وَجْهُكَ بِالسَّمَاحْ
حَلَّقَتْ بِكَ الْأَمَانِي
بَقِيتَ عَالِيَ الْجَنَاحْ
يَا ابْنَ الْعَامِلِ
يَا ابْنَ الْمُنَاضِلِ
أَيُّهَا المُكَافِحُ الْفَلَّاحْ..
مَا زَالَتِ الْأَلْحَانُ تَرْسِمُ أَجْرَاسَ الْكَنَائِسِ الرَّاسِخَةْ
مَا زَالَتِ الْحُرُوفُ تُزَيِّنُ قِبَابَ الْمَآذِنِ الشَّامِخَةْ
وَأَنَا أَمْشِي مَعَكَ.. وَأَنْتَ تَمْشِي مَعِي
لَا تَبْرَحُ أَضْلُعِي!
وَشِعْرُكَ.. يَمْشِي
نُورُكَ.. يَمْشِي
ظِلُّكَ.. يَمْشِي
صَوْتُكَ يَمْشِي
مَعِي يَمْشِي مَعِي يَمْشِي…
حَتَّى نَعْشِي… حَتَّى نَعْشِي…
مَعِي يَمْشِي حَتَّى نَعْشِي…
حَتَّى نَعْشِي… مَعِي يَمْشِي