هل نحن نعيش أزمة هويّة؟
هذه الحواريات: اللغة، وكما هو معروف، هي مركّب هامّ من هويّة البشر، ولا تستطيع في هذا السياق أن تتناول الأولى دون الثانية ولا الثانية دون الأولى. هكذا فعل كلّ من كتب عن لغتنا العربيّة في يومها العالمي ال-18 من كانون الأول، وقيّض لنا أن نقرأه.
خصّصنا في موقعنا الإلكترونيّ حيّزًا لهذا اليوم؛ كلمتنا، ومقالًا لعضو الاتّحاد بروفيسور إبراهيم طه. مقال طه، وكالعادة، أثار اهتمام القراء بما فيه من طرح متميّز، وأثار اهتمامهم حول مقالات ذات صلة أشار إليها طه طالبين إعادة نشرها.
اقترح بروفيسور طه وتلبية لرغبة أولئك القراء أن ننشرها على موقعنا، وحيث أن مقالاته المُشار إليها كانت في بعض محطّاتها نقاشًا مع أطروحات جاءت في مقالات لآخرين تناولت الموضوع تزامنًا، (أيمن عودة وسعيد نفّاع)، فرأينا وبالتشاور ولأهميّة الموضوع واكتمالًا للصورة أمام القراء أن نعيد نشر المقالات كلّها في زاوية “حواريّات” على موقعنا Alkarmel48، مع بعض الملاحظات التي تبودلت بين الكتّاب.
وكي نضع القارئ في سياق وأجواء الحوار فلا بدّ من الإشارة إلى تسلسل الحوار بين الكتّاب الثلاثة: نشر الكاتب سعيد نفّاع مقالة دراسيّة تحت عنوان: ” أنا وطنيّ إسرائيليّ! وقفات على مفارقنا الإسرائيليّة البعيدة والقريبة – (دراسة) “ في أربع حلقات أسبوعيّة في صحيفة “حديث الناس”، بدءً من وعلى مدار شهر حزيران 2020. وتزامنّا وتحديدًا يوم 19.6.20 نشر النائب أيمن عودة مقالة في صحيفة “الاتّحاد” تحت عنوان: ” الثقة بالانتماء القومي أرسخ مداخلنا للشراكة العربيّة اليهوديّة”. ناقش إبراهيم طه أيمن يوم 26.6.20 بمقال تحت عنوان: “لغتي هويّتي- الهويّة جشتالت وخيارات يا أستاذ أيمن!“.
بعد هذا وبمعزل، كان بروفيسور طه قد قرأ مقالي الدراسيّ، فعلّق:
تحيّاتي،
قرأت بتلهّف فعلا وأفدتُ كثيرًا من هذا المقال العميق والجريء والصريح والمفاجئ! المقال يقع في دائرة الحديث عن الهُويّة. وكنت قد نشرت المقال المرفق في الاتحاد عن هذا الموضوع وهو في ربعه تعليق على مقالك وفي الربع الآخر موافقة على ما تطرحه وفي الربع الثالث اختلاف مع بعض أطروحاتك وفي ربعه الرابع أحاور نفسي ببعض التأتأة.
سلامات،
إبراهيم 27.6.20
على خلفيّة هذا قرأت مقال إبراهيم وهذا ما علّقت به:
تحياتي
هاك بعض ملاحظاتي على رجل واحدة أو أقل!
أولًا: قبل قليل انتهيت من قراءة المقال للمرّة الثانية ولكن “خرائطيا” إن صحّ التعبير كنّا أيام الدراسة حين نصطدم بمقال “مشربك” (بالمعنى الإيجابي في سياقنا هنا) نقرأ ونرسم خارطة كي نفهمه. وهذا فعلًا ما فعلت.
ثانيًا: اضطررتني أن أعود لمقال أيمن وحتّى ل”ملهاة” محمّد. وعدت إلى مقالك السابق ومن ثمّ عدت أقرأ الحالي للمرّة الثانية “خرائطيّا”
ثالثًا: أراك تطرق بابًا آخر مهمّا وكما أنّك في الأصلي أصيل فلا تقلّ إصالة في هذا، وبتاتًا ليس من باب المجاملة.
رابعًا: يا ريت لو كان هنالك من كتّاب الاتّحاد من يقبل التحدّي الذي وضعته في مقاليك، ولكنّي أشك.
خامسًا: في الطرح والاستعراض والبناء ليس فقط إنّي أوافقك وإنّما استفدت كثيرًا.
ولكن طبعًا عندي عدم توافق مع بعض الخلاصات والتحفظّات على غيرها، ربّما أكتبها لاحقًا.
ولعلّي الآن أذكر أنّ ما طرحته أنت عن التعدديّة وووو في ثلاثيّة المقدّمة يتوافق تمامًا مع ما طرحته أنا منذ أن تمّ “زواج المتعة” هذا.
خوفك المعبّر عنه هنالك والمشوب بالشكّ فمن ناحيتي لا شكّ عندي في ذلك.
لا أدري إن كنت تقصد مقالي في قولك: “من النُخب الفكريّة والأكاديميّة من يتحدّث بنبر انتقائي عن حسم محدّد بين خيارين”، فإن كنت فهذه قراءة غير دقيقة لما طرحت أنا، أنا حاولت أن أجد المعادلة “غير الانتهازيّة” بين وبين.
عن الممارسة وأبعادها فأنا عند طرحي، وإن أسعفني فهمي ما طرحته أنت، فنحن مختلفان. نحن كذلك مختلفان في خلاصتك: الأسطر الأخيرة…
حقيقة اشتقت للقاء وجاهي أمل أن يكون قريبًا.
سعيد نفّاع
فردّ إبراهيم:
أجمل تحيّات،
أولا: أقول الحقيقة كاملة غير منقوصة، لا ربعها ولا نصفها، لم يصادفني حتى الآن، خارج تخصّصات البحث الأكاديمي، من يأخذ الأمور بجدّية متناهية مثلك أنت، صدقًا! أن يدفعك مقال عابر إلى قراءته أكثر من مرّة وقراءة كلّ ما يحيل إليه المقال هذا أمر استثنائي في المشهد الثقافي الفلسطيني. أعود وأؤكّد، لأسفي الشديد، صحّة ما قلته مرّة بشأن أزمة القراءة عندنا.
ثانيًا: الفهم الدقيق والعميق وقراءة السطور وما بينها وما تحتها وما فوقها هو ملكة نادرة. قدرتك على قراءة النصّ في أطروحاته العامة وتفاصيله الصغرى هي قدرة متفرّدة.
ثالثًا: كتبت مقالي الأخير، الذي سينشر غدًا، من باب فتح الحوار العميق حول مسألة الهُويّة وهي مسألة جوهرية تتّصل بمصيرنا كأقلّية قومية خاصة. كان مقال أيمن عودة قبل أسابيع المحفّز المباشر. وعندما عقّبت على مقاله ذاك في مقالي الأول توقّعت أن يردّ. لكنه ردّ بالستر، من بعيد لبعيد، في مقال نشره أول أمس يوم الثلاثاء دون أن يذكرني بالاسم…
رابعًا: يجوز أنني لم أفهم بعمق ما طرحته في مقالك/ دراستكـ ولذلك سأعيد القراءة مرّة أخرى وسأتبنّى طريقتك الخرائطية. (وبالمناسبة يصرّ المعجميّون على أن نقول خريطة ولا نقول خارطة). وعلى أساس هذا الفهم غير الدقيق، مثلما تقول، خصّصت جزءًا كبيرًا من مقالي للنقاش مع أطروحاتك أنت. وهي معلّمة باللون الأخضر. أما ما علّمته باللون الأحمر فهو إحالات مباشرة وغير مباشرة لما كتبه أيمن. (انظر النسخة المرفقة).
خامسًا: الاختلاف معك في بعض المواضع يا عزيزي ضرورة قومية ووطنية وفكرية لإثراء النقاش وتعميقه في هذا العالم الثقافي الراكد الضحل الذي نعيشه.
سادسًا: جاءت الكورونا وعطّلت أيّ لقاء مرتقب أو محتمل. كنا خطّطنا لعقد لقاء ثقافي أتحدّث فيه عن التوجّهات الجديدة في الأدب النسويّ الحديث. إذا كان هذا متعذّرًا فأرجو أن يجمعنا لقاء شخصي قريب.
واسلم لأخيك الذي يقدّر جهودك الثقافية والفكرية العميقة ويثمّنها عاليًا،
إبراهيم طه 9.7.20
لاحقًا المقالات حسب الترتيب الآتي:
1_ الثقة بالانتماء القومي أرسخ مداخلنا للشراكة العربيّة اليهوديّة – أيمن عودة.
2_ لغتي هويّتي- الهويّة جشتالت وخيارات يا أستاذ أيمن! – إبراهيم طه.
3_ أنا وطنيّ إسرائيليّ! وقفات على مفارقنا الإسرائيليّة البعيدة والقريبة – سعيد نفّاع
4_ التنسيق الأمني بين الهُويّة الأصلانية والبطاقة – إبراهيم طه.
5_ الهويةّ مرّة ثالثة: ثلاث جدليّات – إبراهيم طه.
المحرّر