يوميات حرب – بلا رقم بأمل لعلّها الأخيرة _ بنيامين حيدر

قيل لنا: انتهت الحرب.

 صدّقنا.

فابتسمنا بصدق

ولم نتصنع الابتسامة 

ونظرنا

الى السماء فبدت أكثر زرقة،

والأطفال عادوا يركضون 

يضحكون..

دون أن يقطع ضحكاتهم صفّارة إنذار.

لعلّها الأخيرة،

نقولها 

ونحن نلملم بقايا الخوف،

ونغسل وجوهنا بماء الرجاء،

نفتح النوافذ، 

لا لنراقب الطائرات،

والصفارات

بل لنستقبل النسيم وأغاني الصباح.

في بلدي عبلين، 

سمعتُ صوت العصافير يعلو على ذاكرة القصف،

كأنّ الحياة عادت تمشي على أطرافها،

لكنها تمشي… وهذا يكفي الآن.

السلام  كالصباح

لا يأتي دفعةً واحدة،

بل يتسلّل بخجل،

من بين الدموع اليابسة،

والقلوب التي تعلّمت كيف تنبض رغم الحصر

في الغرف المغلقة

والخوف

والاوجاع

والعتمة

والهواجس

والجروح المفتوحة

والعذابات

ليعود الأمل،

ذلك الضوء الصغير الذي لم ينطفئ رغم كل العتم،

ها هو يكبر…

يتمدّد في قلوبنا كفجرٍ جديد،

ويعلّمنا أن نكتب من الرماد بدايةً،

لا نهاية.

قالوا لنا

انتهت الحرب

سنعلّم أبناءنا أن الغيم لا يبقى،

وأنّ الأغنية التي خنقتها الحرب،

ستعود تُغنّى في الساحات.

وسنقول للغد:

تعال كما تشاء،

فنحن الآن نعرف كيف نحيا،

حتى بعد كلّ موت.

نعرف كيف نزرع،

حتى في أرضٍ مُتعبة.

ونعرف أن السلام ليس حلمًا،

بل طريقٌ نسير فيه… معًا.

قيل لنا: انتهت الحرب،

والقلب يرتجف من جديد

سأجمع نفسي من جديد

وارفع قلبي 

مثلما يرفع الربيع زهرة صفراء

الى المطر

وألملم حروفي

وأصهرها داخل قصيدة

حيث يمكنني 

أن أغني للقمر

ووميض الشمس

وزقزقة العصافير

والصباح

وغروب الشمس

أراقب المستقبل آتيا

والحاضر يغيب

وأرفع دعاءً خافتًا:

يا رب، اجعلها الأخيرة…

واجعل السلام لا يرحل.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*