أنا وكلماتي – بنيامين حيدر

كل الاوراق اليابسة تتساقط
وتبقى الاشجار واقفة
نزار قباني
“”أنا وكلماتي”
أنا وكلماتي،
نسيجٌ واحد،
لا فرق بين الوجه والقناع،”##

ولا بين الصرخة والصدى،
كأنني أكتب لأتنفّس،
لا لأُقنع،
لا لأُدهش،
لا لأُصفّق على هامش القصيدة.
كلماتي تسير قبلي،
تعبُرُ المسافات التي لم تَطلها قدماي،
وتفتحُ الأبواب التي خُذلتُ عند عتباتها.
أنا لا أختبئ وراء الحروف،
ولا أُجمّل شروخ روحي بفواصل النحو،
كل ما فيّ واضحٌ كالماء حين يبكي،
عارٍ كالحقيقة حين تُقال في زمن الزيف.
أنا وكلماتي،
طفلان يشبهان بعضهما كثيرًا،
نضحك معًا،
وننزف إذا لُوِي المعنى.
نتقاسم الوجع كأسًا بعد كأس،
لا أحد يُسلي الآخر،
بل نُعيد تدوير الألم على مهل،
كما يُعاد تدوير الرماد ليصير حبرًا.
في الليالي الباردة،
أمدّ يدي إلى صدري،
فأجده مملوءًا بالحروف لا بالنبض،
كأن قلبي اعتزل الخفق،
واكتفى بالكتابة.
لا أكتب لأحكي،
بل لأُبقي جُرحي طريًا،
كي لا أنسى من أين أتيت،
ولا مَن أنا حين تذوب الوجوه في مرايا التجمّل.
أنا وكلماتي،
نحمل الهزيمة كوسام،
ونسير في الطرق المكسورة،
غير آبهين بمن عبرها راكضًا نحو الضوء،
فالظلام الذي نمشي فيه،
صادق أكثر من الأضواء الاصطناعية.
نحن أبناءُ الصمت،
لكننا تعلمنا الصراخ من داخلنا،
من الزوايا التي لم تُطأ،
من الوجوه التي نسينا كيف نراها بلا مرارة.
أنا وكلماتي…
مَنْ منّا يكتب الآخر؟
ومَنْ فينا يَجْرُح ومَنْ يُضمد؟
لا نعلم،
لكننا معًا،
نكمل هذا النزيف النبيل.
ونبحر
ضد التيار

##
نزار قباني

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*