في العديد من الأيّام ألتقي في ساعات الصّباح بأعداد من أحبّائنا الطّلّاب وهم متوجّهون لمدارسهم، قسم منهم يجرّ أو يدفع حقيبتَه الثّقيلة الّتي تتحرّك على عجلات، وقسم آخر ينوء بعبء حملها على ظهره، والقاسم المشترك بين الفريقين هو الإعياء والعبوس الباديان على وجوههم البريئة!
أمام هذه المشاهد المؤلمة رحتُ أتساءل:
كيف وصلنا إلى مثل هذا الوضع المحزن؟
ومَن المسؤول عن هذه المعاناة الّتي يعاني منها أحبّاؤنا الأعزّاء؟
ثمّ أين دور الآباء ولجان أولياء الأمور الموقّرة؟
وما مدى مسؤوليّة المدارس بهيئاتها التّدريسيّة ومديريها المحترمين؟
أين دور أقسام المعارف في سلطاتنا المحلّيّة؟
يجب أنْ يعرف الجميع، أنّ هناك معايير وضوابط للحقائب المدرسيّة؛ فقد نصّت تعليمات وزارة التّربية والتّعليم على ضرورة مراعاة عمر الطّالب ووزنه وطوله واختيار الحقيبة الّتي تناسب تلك المعطيات!
والمهمّ أنْ يتراوح وزن الحقيبة بين %5 – %15 من وزن جسم الطّالب!!
ولكن المؤسف أنّ حقائب طلّابنا تتجاوز هذه النّسبة بكثير، مما يسبّب لهم الكثير من الآلام والأوجاع في الرّقبة والأكتاف والظّهر والمفاصل والرّجلين، وقد يؤدّي ذلك إلى مخاطر وأضرار على العمود الفقريّ وعلى قِوام الطّلّاب حاضرًا ومستقبلا، بل قد يؤدّي حملُ الحقائب المدرسيّة الثّقيلة لفترات طويلة إلى: “حدوث انزلا قات غضروفيّة أو نشوء وسائد مليئة بالماء بين عظام الفقرات مما يؤدّي في المستقبل إلى الإصابة بترقّق العظام!”.
من هنا أدعو الجميع – وبصورة خاصّة الآباء ولجان أولياء الأمور والهيئات التّدريسيّة والمديرين وأقسام المعارف في السّلطات المحليّة – إلى تحمّل مسئولياتهم، والعمل على مواجهة هذه المشكلة وإيجاد الحلول النّاجعة لها.
وهنا أسمح لنفسي بتقديم بعض التّوصيات والاقتراحات الّتي من شأنها تخفيف المعاناة ومنع الضّرر عن أحبّائنا الطّلّاب:
- أنْ تقوم المدارس بالتّعاون مع لجان الآباء بتبنّي المعايير والشّروط للحقيبة المدرسيّة المثاليّة، وأنْ تكون هناك متابعة وفحص بصورة مستمرّة لأوزان حقائب الطّلّاب في الصّفوف المختلفة.
- أنْ يتمّ فحص وزن حقيبة كلّ طالب وطالبة ومقارنة هذا الوزن مع وزن جسم الطّالب/ة بحيث لا تتجاوز المعايير الّتي نصّت عليها تعليمات الوزارة!
- أنْ تحرص المدارس عند توزيع برنامج الحصص الأسبوعيّ بصورة لا تستدعي أنْ يحمل الطّلّاب جميع الكتب المدرسيّة والكرّاسات المقرّرة كلّ يوم!
- حثّ الطّلّاب على شراء دفاتر غير سميكة (مثلا: من 20 ورقة بدلا من 40 ورقة أو أكثر!)
- أنْ توفّر المدارس إمكانيّة ترك أوراق العمل والامتحانات الّتي أنجزها الطّلّاب في المدارس، وإتاحة أخذها مرّة في الشّهر ليطّلع عليها الآباء!
- أنْ تعمل المدارس على بناء خزائن مع أدراج تتيح للطّلّاب وضع كتبهم فيها دون الحاجة لحملها معهم في الحقائب كلّ يوم!
- أنْ تعمل المدارس على تخصيص غرف الصّفوف الدّنيا (الأولى – الثّانية) في الطّابق السّفليّ وبدون درج للتَسهيل على الصغار ذوي الأجسام الغضّة!
يجب أن تُعطى إرشادات حول شروط الحقيبة المثاليّة:
- كأنْ تكون الحقيبة ذات حمّالات/أحزمة عريضة محشوّة كي لا تضغط على عصب الأكتاف وتحمي ظهر الطّالب، وأنْ يكون الجزء الخلفيّ من الحقيبة مبطّنا للتّخفيف على العمود الفقريّ.
- “عرض الحقيبة: يجب اختيار حقيبة مدرسيّة بعرض مناسب لا يتعدّى أكتاف الطّفل.”.
- “جيوب الحقائب: يجب اختيار حقيبة مدرسيّة ذات جيوب متعدّدة حيث يعمل ذلك على توزيع الأحمال، وأن تكون الجيوب الأكبر في الخلف والجيوب الأصغر من الخارج لتوزيع الضّغط على العمود الفقريّ بشكل مناسب..”
- كما تُعطى إرشادات حول كيفيّة حمل الحقيبة أو جرّها بصورة لا تضرّ بصحة الطّلاب، مثل: ” يجب أنْ يحمل الطّالب الحقيبة على كتفيه، وليس على كتف واحد فقط، حيث يعمل ذلك على الضّغط على كتف دون الأخرى.”.
إنّنا على ثقة تامّة، أنَ أحبّاءنا الطّلّاب يستحقّون منّا كلّ رعاية واهتمام لأنّهم أهمُّ رأس مال نمتلكه، ولأنّهم جيل المستقبل، ولأنّهم – بإذن الله – بناةُ غدنا الواعد المشرق!
“*” – ملاحظة: اعتمدتُ على موادّ مختلفة في الإنترنت، وأحيانًا اقتبستُ جملًا وقد وضعتُها بين هلالين.