في زمنٍ تُسرق فيه الحكايات، وتُشوه فيه الحقائق، تصبح الكتابة فعلًا من أفعال النضال. نحن نكتب لا لنروي مجرد مشاعر، بل لنحفظ الذاكرة، ونثبت الوجود، ونُعلي الصوت الذي حاولوا إسكاتَه. الكلمة ليست حبرًا على ورق، بل شهادة على ما جرى، وراية تُرفع في وجه النسيان.نحن نكتب لأن لنا رواية… ولأن من لا يكتب روايته، يكتبها عنه الآخر كيفما يشاء.
نحن اليوم نعيش صراع بين روايتين:
إمّا أن تَروي أو يُروى عنك الحكاية”
رواية أصحاب الأرض، أهل القصة الحقيقيين، من عاشوا التجربة، ومنحوا من أعمارهم وعرق جبينهم لهذه الأرض…وبين رواية “الآخر”،الذي يمتلك المال وأدوات الإعلام المُسيّس، ومنصات الصوت العالي، والقدرة على الترويج لسردية للوهلة الأولى تبدو كأنها الحقيقة لكن ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.إذا لم نكتب روايتنا ونصرخ بها بأعلى الصوت واكتفينا بالصمت أو الانتظار أو الخوف…سنستيقظ على قصة لم نكتبها،سردية لا تعرفنا ولا نعرفها.
لماذا يجب أن نكتب روايتنا؟
لأننا أدرى بتفاصيلها، وبوجعها، وبأحلامها.
لأن الكتابة مقاومة، وسرد الحقيقة هو سلاح أقوى من أي آلة إعلامية.
الرواية أمانة علينا ان نكتبها لأن أولادنا يستحقون أن يقرؤوا ما حدث بعيوننا، لا بعيون الآخر.
علينا نعلي الصوت لأن التاريخ لا يرحم الصامتين.
الرسالة هنا واضحة:
إياك أن تترك قصتك للآخرين!حتى لو كنت تظنها بسيطة أو عادية، فهي قطعة من الحقيقة، ومساهمة في حماية الذاكرة الجماعية.شارك، اكتب، صور، احكِ، وثّق… بأي وسيلة تستطيع. المهم ألا تترك فراغًا يتسلل إليه الكذب.
يا أصحاب الأقلام لا تتركوا الحصان وحيدا،إياكم أن تبرحوا الجبل ،زاحموا بأقلامكم كل الألوان وكل الأصوات أروا الرواية اكتبوا السردية لأنكم انتم الحماة أقلامكم هي اداة لحماية الرواية من التشويه والنسيان.
كل نصّ مكتوب – سواء كان شعراً، قصة، مقالة، أو مذكّرة – هو لبنة في جدار الذاكرة الجمعية، يحميها من النسيان أو التحريف.
علوا الصوت !أصواتكم خط مواجهة للرواية المضادة .
الروايات الزائفة تُبنى على الصمت، والكتابة تفضحها. الكلمة تصبح هنا مقاومة، تردّ وتُفنّد وتعيد صياغة الحقائق كما عاشها أهلها.
يا من أخذتم الكتاب بقوة انت لسان حال الصوت المغيّب صوت الشعوب المظلومة التي لا تمتلك وسائل إعلام “قوية”، فتكون الكتابة وسيلتها لتكسر الحصار وتصل إلى ضمير العالم.
أكتب! ثم أكتب! تم أكتب!
كتاباتك إلهام للأجيال الجديدة ،حين يقرأ النشأ الجديد نصًا لشاعر / كاتب أو رواية عن النكبة، هو لا يقرأ فقط أدبًا، بل يرث رواية وطن عصي على النسيان .
يا أيها الحماة أكتبوا ، وثقوا ، ارسموا، احكوا وارفعوا الراية:
“نحن نكتب كي لا نموت بصمت… نحن نكتب كي لا تُروى رويتنا بألسن غيرنا.”