أمل على حافّة الموت _ نبيل طربيه

يــا لـلـرَّضيعِ وَقَـدْ غَـفا فـي غـارِهِ
وَطَــوى الـرُّكـامُ سَـريرَهُ فـي دارِهِ

وَبَـكى الـعُراةُ كَـذا الـحُفاةُ لِصَمْتِهِ
وَلِــصَـبْـرِهِ لـلـسِـرِّ فـــي إِصْـــرارِه

مِــنْ قَـبْـرِهِ قَــدْ أَيْـقَـظَ الآمـالَ لَـمْ
تُــطْـفَـأْ لـثـانِـيَـةٍ لَــــدى حَــفّـارِهِ

هــــذا أَبــــوهُ يُـحـيـطُـهُ بِـحَـنـانِهِ
حَــيًّـا وَمَـيْـتًـا تَــحْـتَ بــاقـي دارِهِ

مــا أَسْـلَمَ الأَنْـفاسَ فـي أَنْـقاضِهِ
أَوْ مــا سَـقـى مِـنْ حُـلْمِهِ وَقَـرارِهِ

هُــوَ ذا يَـقـومُ مُـجَدَّدًا مِـنْ عَـتْمَةٍ
لَــمْ تُـفْـنِهِ كَــيْ يَـرْتَـقي لِـمَـدارِهِ

يــا ابــنَ الـحَياةِ وَمُـنْتَهى غـاياتِها
كُــنْ طـائِـرًا يَـحْـيا جَـمـيلَ خَـيارِهِ

لَمْ يَبْكِ حَدَّقَ في الوَجوهِ وَلَمْ يَجِدْ
مَـــنْ كــانَ يَـغْـفو هـادِئًـا بِـجِـوارِهِ

هــذا الـمُسافِرُ فـي فَـضاءِ عَـذابِهِ
مُـنْـذُ انْـتِـفاضِ الـحُلمِ فـي أَوْتـارِهِ

لَـمْ يَـنْسَ طَـعْمَ الـبَحْرِ حـينَ أَرادَهَ
خُــبْـزا لِـمـا فــي قـاعِـهِ وَمَـحـارِهِ

مُـــذْ جَـرَّبَـتْهُ الـرّيـحُ بَـيْـنَ نُـيـوبِها
وَجَــدَتْــهُ مُــــرًّا لا يَـلـيـنُ لِــكـارِهِ

والـبَـرْدُ أَوْغَــلَ فـي خَـلايا عَـظْمِهِ
وَالـثَـلْجُ أَصْـبَـحَ مْــنْ وُثـيـرِ دِثــارِهِ

مِــنْ أَلْـفِ مَـوْتٍ قَـدَ نَـجا وَمُـصيبَةٍ
لَــمْ تَـحْـظَ أَنْـيـابُ الـرَّدى بِـحِصارِهِ

أَكَــلَـتْ أَبـــاهُ الأَرْضُ بَـعْـدَ نَـجـاتِهِ
مِـــنْ أَلْـــفِ حَــرْبٍ لا تُـقِـرُّ بِـنـارِهِ

لا يُـطْـفئُ الأَحْــلامَ بَـيْـنَ ضُـلوعِهِ
قَـصْفُ الـمَنايا فـي لَـهيبِ مَسارِهِ

يــا لـلـرَّضيعِ وَقَــدْ تَـوَهَّـجَ وَجْـهُـهُ
وَمَـضى يَـشُقُّ الـدَرْبَ نَـحْوَ نَـهارِهِ

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*