كان يحمل عوده وكانه ابنه الوحيد
ركض مسرعا ليلحق بأمه واخوته وينضم الى طابور الترحال
اسرع اليهم بعدما اقفل باب البيت ووضع المفتاح في جيبه على امل الرجوع قريبا
وصل الى الطابور الطويل وبحث عن امه واخوته فلم يجدهم
تابع البحث وجد أخيرا شقيقته لوحدها تبحث هي الأخرى عن افراد العائلة تابعا السير وراء الكم الهائل من الناس الهاربين من بطش الحرب ومن خوفهم من مصير مجهول بحثا كثيرا لكن ما من جدوى لا احد من افراد العائلة فقط هم الاثنين جورج والعود و نادية
العودة الى الوطن هو حلم كل مشرد تاه عن موطنه ومهما مرت الأيام يشتد الشوق الحنين الى الرجوع
امل بالرجوع يوما الى وطنا بات حلما وسراب وطن ليس بوطن لكن هواجسه في القلب
و المفتاح حقيقة والبيت حلما
حلم طويل يمتد من السفر والترحال والهجرة حتى وقصص لا تنتهي فالوقت يمضي والزمن لا يرحم وكلما تبقى فقط امل الرجوع الحنين ينادي و حنين إلى الماضي وصراع أجيال تختفي ونظرية “العودة التي يتغنى بها الكثيرون، فكلما أراد الكثير منا التنديد بما لا يعجبهم في زمانهم لجأوا إلى مخزونات أو ذكريات جميلة من الماضي، ليثبتوا للناس ملاذ الماضي وعدم جدوى الحاضر.
ولا تتوقف مدلولات نظرية “العودة” عند الحنين إلى الماضي ولا عند أزمة صراع الأجيال وعدم القدرة على التداول أو التعايش السلمي بين الجميع، بل تتعدى ذلك إلى أزمة تمزق كينونة هؤلاء، فالماضي لا يزال بالنسبة إليهم هو كل شيء، وأن كل شيء حديث لا يتوافق مع مزاجهم وهواهم هو انحراف عن الخط.
لا بد أن نعترف بأننا أمة تبجل الماضي، تمقت الحاضر وتخاف من المستقبل، وإلا لما كنا نسير حاضرنا ونخطط لمستقبلنا بموروث لا نملك الجرأة على إخضاعه للحقيقة والمنطق. ورغم أننا منبهرون بحاضر الأمم وبتخطيطها للمستقبل، وعندما يتعلق الأمر بأنفسنا، وهو سلوك ينطوي على أزمة متشابكة في تفكيرنا ووجداننا. لننظر على نحو الان لنسال أنفسنا ما ذا انحن كيف وصلنا الى هنا شعب يؤمن بالخرافات وبعيون الناس يؤمن للمنجمين ولأقوال الزعماء ووعودهم ويسلم قلبه بسرعة لمن يظهر له المحبة من اول نظرة ولا يسلم من اهداف الحاسدين والحاقدين
الحاضر الذي نمقته والمستقبل الذي نخاف منه لم يكن منزلا علينا من السماء، بل هما صناعة أيدينا، وبدل أن يتم النظر إلى الأمام يجري دائما الهروب إلى الخلف، بدعوى الزمن الرديء نتباهها بماضينا وحضارة امتدت قرون حتى الذكريات هي جزء من تركيبة المرء والحنين إليها شيء طبيعي لاستحضار الزمن أو الجيل، وهي لحظات قد تكون للترفيه كما قد تكون للتقييم والتقويم، لكن لا يمكن أن تكون قطْعا مع الحاضر والمستقبل، خاصة وأن شعوبا وأفرادا مازالوا يعيشون على أمجاد الماضي، بينما تم تدمير تلك الأمجاد في حاضرهم لأنهم لم يفهموا لعبة الزمن بأبعاده الثلاثة، ولذلك ضاع حاضرهم ومستقبلهم لأنهم أفرطوا في العيش بماضيهم.