عندما يأتي اليّ الموت
لن ابكي
ولن أحزن
ولكنّي سأطلب منه وقتا
كي أزور قبور من رحلوا
وأجمع بعض أوراقي
وأشرب نخب من وهبوا الحياة نقاءها
وأعيد روح الذكريات
الى أماكنها العريقة
والجميلة
وأصب شيئا من بقايا قهوتي
تلك التي اعتادت عليّ
لأستفيق مع الصباح وأحتسيها
أتراه يسمعني
ويستجيب لرغبة الكهل الذي يمشي
على أطراف أرصفة الحياة ويشتهيها
إنّي أراه يدور حولي بانتشاء وصبابة
يدنو ويرمقني بسخرية
ويصرخ…..
كيف حالك يا نديمي
ثم يتركني وحيدا
مستكينا
كي أفكّر بالإجابة
أعدو إلى الماضي
وأبحث عن أحبّائي
الذين تعمّدوا بالياسمين
أمضي
وأسأل في حوانيت الأزقّة والمقاهي
عمّن تبقّى من صحاب
فلقد أخذت كثيرهم
وبقيت وحدي في الغياب
لكن لماذا؟
عبثا أحاول أن أنام
وتصطلي فيً الجراح
فبأي حزن يستطيع القلب أن يحيا، وينبض
بعد أن نهب الأحبة ليل رقاده ثم استراحوا
أترى سترضيك الإجابة
ها أنت تهتف من جديد
صارخا بي حانقا
لا… ليس هذا هو الجواب
أخفقت في جمع الحساب
وفي تفاصيل الرواية
منذ ابتدأت بالسرد المكرر
حتى وصولك للنهاية
فكّر قليلا وتذكّر
عندما خلّفت بيتك مشرعا للآخرين
ظلّ الباب يسأل عنك ملحاحا رعونا
وتسأل عنك نافذة
تطلّ على صفاء البحر تنتظر
وشجرة التين
التي أكل الجفاف شبابها
لكنّها تحيا وتنتظر
وتسأل عنك كلّ من مروا بها ليلا
وعند الصبح تحتضر
لكنّها تحيا وتحيا
ثمّ تنتظر
كرسيّ جدّك
ذلك المعقوف مركونا أمام السلّم الخشبيّ
ينتظر
كانت يداك الطفلتان تهزه
ليفيض وجه الكهل مبتسما حبورا
وتطلق أنت قهقهة
فيصحوا من سبات النوم اخوتك الكبار
ويهرعون الى الطعام
ويطبعون على جبين الجدّ قبلتهم
وعلى أكفّ الوالدين شفاههم تلقي التحيّة
بانتظار الجبن والزيتون والزعتر
وتفوح رائحة البخور
فتصيح أمي…
هيا يا صغاري
هيا تعالوا تلك مائدة الفطور
فكّر قليلا وتذكّر
أرجوحة عاشت معلّقة بصحن البيت
كانت للصغار وللكبار
مرّوا عليها كلّ أخوتك الذين ترجّلوا
وبقيت أنت تسأل عنك
تنتظر
سلاح أبيك ينتظر
وتدور حولي، صارخا بي من جديد
ها أنت تخفق بالإجابة
فكر قليلا يا نديمي
أعطيك وقتا كي تفكّر قبل أن تجد الجواب
فلكلّ شيء في الحياة ثوابه
وهناك ذلٌ وعقاب..