في موقدِ كانوني تخمدُ جمرةٌ سنويّا،
أندملُ في رمضائِها فننًا
مغضّنَ الجفون
وعودُ كاحلي فتيلُ سراجٍ
يحتكُّ بهِ، فيدفى الطربون
وأصابعُ الهوا تجدِلُ منه صلاةً
تزمزمُها النارُ ترجيعَ ربابةٍ
تحنُّ في حنجرةِ الداخون
وترتفعُ أبراجُ النغمةِ أدراجًا
يصعدُها العمرُ تلاوةً عَشريّه:
خمسون…ستون…سبعون…
فأستمهلُ العاصفة
ويصيرُ وترُ الريحِ مفكّرةً مسافرةً
صفّارةً تستلهمُ من شمعتي لحنًا رويًّا
يطربني…! وأخافُ تسبقني السنون!
فأركبَ الفضا غيمةً هائمةً
ممسكةً بصدرِ أُمٍّ حنون
شعلةُ الحبِّ في عبِّها نارٌ دفيّه…
يتجلّى على سدّةِ ليلِها بدرُ كانونَ سافرًا
يسيلُ درُّ ثغرِهِ خريرًا عسليّا
تهنا بأسالتِهِ ذوابلُ العيون
فيهلُّ أبي في معبدِهِ أيلولًا عاكفًا
يضمّدُ كلومَ تشرينَ بكفٍّ نديّه
تُمَرْهِمُ “شْوَيِّ مْنِ وْراقِ” الطيّون…!
ويناول مُرضعي الشاي… وفطيرةً
ملفوفةً بحطّةٍ تلوِّحُ لسحابةٍ مجنَّحةٍ
ظلَّلتِ البيتَ بسنوناتٍ حائمات
يرقّصن العصرَ مدّعياتٍ واثقات
أنّا هنا الضيوفُ! ويرحّبون!
ونصدّق أنّ أهلَ الدارِ مناقيرُ… وأجنحةٌ
نحن فيها عابرون!
ويتعرّمُ فرحي غرامًا بمُلهَمٍ
عمّرَ في سقفيَ حبًّا بالطينِ معجون…
فتضحكُ مني أُميّاتٌ في الحبِّ
ويسخرُ جاهلون:
يا لحظّها في العشقِ ما أعثرَه
مجنونةٌ تهيمُ برحّالةٍ مجنون!
تزلّجَ الحنينُ على شبّاكِ عيني
حبّةَ برَدٍ بردانةً ذوَّبَ دفؤُها مليون!
ورنينُ جرسِ العيدِ سربُ أنسامٍ مسائيّه
ترفرفُ فوقَ مذوَدِ بيتِ ساجدٍ
لمعلِّمٍ حَمَلٍ
سينزلُ من على سطحِ السماءِ تواضُعًا
ليقوّمَ عدّادَ الزمانِ
وله الرعاةُ مع الخرفانِ يهلّلون…
فأنامُ دميةً موعودةً بحبٍّ سيخطِبُني
عروسًا حنطيّةً، أُمّها زيتونةٌ أبيّه
أبصرتِ العريسَ غصنَ سلامٍ
والخاتمُ نجمٌ يسطعُ في قلبِ كانون!