أجرى الحوار الكاتب الأستاذ سهيل عيساوي والكاتبة د. روز اليوسف شعبان
1.س: انت تكتب القصص القصيرة والرواية وقصص الأطفال والدراسات والمقالات،
ماذا يعطيك هذا التنوع؟ إلى أي لون تجد نفسك أقرب؟
اعتقد أنَّ شخصيتي هي مزيج بين كلّ هذه الأنواع الأدبية، ويبدو لي انني بحكم مهنتي كأمين مكتبة، قد تأثَّرت بها جميعًا، ليس هذا فحسب، فأنا عاشق للكتاب وللأدب منذ الصغر، ويبدو أنَّ “الدّيوان العربي القديم الذي كان يجمع رجال الحي في مكان واحد” كان له بالغ الأثر على بلورة شخصيتي، بالاستماع الى قصص الأجداد، وحكايات وقضايا المجتمع من روّاد الدّيوان. أو من هناك ربما كانت جذوة الانطلاق.
كما أنَّ لأمّي رحمها الله، بالغ الأثر في التّأثير عليّ في سرد القصص الشعبية والتراثية، وكان لأبي أيضًا أبلغ الأثر في انطلاقة فكري السّياسي رغم سذاجة الطرح والموقف، واذكر ما حيك من قصص وبطولات حول عبد الناصر ومصر العروبة، وقصصها مع الاتحاد السوفيتي، والعدوان الثلاثي عليها وأثره الشّديد على نفسيتي وعلى روحي الوثابة لقضايا العروبة.
هذا التّنوع في الكتابة يشتّتني أحيانًا، ولا أستطيع أن استقرّ على لون أدبيّ واحد، فعندما يطغى علي السّياسي أو الاجتماعي فأجدنني أكتب المقالة، وعندما يشتد تأثّري بالأدب الجميل والفكر الراقيين، ويخلو لي الجو العام، فتجدني اكتب النقد والقراءة كتعبير عن احاسيسي الجياشة، او اذهب لكتابة القصة او التفكير بالرواية التي اكتب.
الأدب الوحيد الّذي يثير مخاوفي ويثير احاسيسي، أحاول الابتعاد عنه ولا اكتبه الا في حالات القناعة التّامة بمضامينه، ولا أقترب منه إلا في الحالات التي يتملكني شعور طاغ بجودة النّص وجماله وأنّه يفي بإيصال الرّسالة الأدبية التي أريد ايصالها للمتلقي، هو أدب الأطفال، ومع هذا فأنا لا اعتبر نفسي كاتب أدب أطفال، أحبه جدًا واخشاه كثيرًا.
ويبقى السّؤال الأساس من أنا وكيف اعرّف نفسي من خلال الأدب الأحب إلى قلبي، أنا ” روائي وقاص” أحب الرّواية وأحب أن أتوه في عالمها، فيها أعيش الحياة مرّتين، واعيش حياة شخصيّاتها بكل أحاسيسي ومشاعري، وهذا بحدّ ذاته يكفيني، وبهذا الصدد يكفيني ان اردّد أمنية محمود درويش في كتاب” محمود درويش صاقل الماس” للأديب زياد عبد الفتاح حين يقول ردًا على سؤال ص 117″ هل تتخيل أن سقف أمنياتي أن أكتب الرّواية، تسألني لماذا؟ وأقول لك دون تردّد بأنّ الرّواية هي أمّ الأدب، فأنت تضمّنها كلّ ما يلذّ ويطيب، تنظم شعرًا ونثرًا ووصفًا وبديعًا وثرثرةً، وفوق كلّ ذلك تُقيم بناءً هندسيًا يحتمل التّأويل والمُقاربة الفنّية، بكلّ ما تزخر به من ثراء وخيال، والرّواية هي غوصٌ في علم النّفس وتحليل الشّخوص وتُطل على الفلسفة والماورائيات”.
2. س : قصّتك مغامرات نجم البحر استوحيتها من الطّفل كريم أبو الهيجاء، حدّثنا كيف حدث هذا الإلهام؟
في هذه القصّة أنت تدعو الأطفال للانطلاق في أفكارهم وأحلامهم والتّحليق عاليًا والسّعي والاجتهاد والتّحدّي من أجل تحقيقها.
: يقول كريم على لسان نجم البحر الّذي قضى جُلّ حياته في قعر البحر، بانفعال شديد: “هذا ليس عدلًا، ليس عدلا أن أقضي حياتي في قعر البحر بين الصّخور، أريد أن أخرج من القاع، أريد أن أصعد إلى الأعلى، أريد أن أطير إلى النّجوم المعلَّقة في السّماء، هناك سأرى العالم، من الأعلى.
3. س: كيف ترى دور قصّة الأطفال في ترسيخ مثل هذه القيم الهامّة؟
وماذا يجب على الكبار، الأهل والمربين أن يفعلوا؛ حتّى يرسّخوا قيم التّحدي في نفوس الأطفال ويشجعوهم على الأحلام والانطلاق والإبداع؟
ايماني أنّ الطّفل له عالمه وطريقة تفكيره وانطلاقته إلى اكتشاف العالم وفهم الحياة، هو شخصية قائمة بذاتها وغير تابعة لأحد، ممنوع علينا نحن الكبار أن نقرّر له سلوكه أو نرسم له طريقه، إن كان في الحياة أو في الادب، هو بحاجة إلى توجيه وإعطائه الفرصة والأدوات ليختبر كلّ شيء ويكتشف العالم بنفسه، من خلال تجاربه ومحاولاته ومن خلال خياله الّذي يحلّق إلى السّماء العليا والعودة إلى الأرض إلى الواقع، هكذا يمكن أن ترسم شخصيّة الطّفل هكذا يختار بوعيه وإرادته طريقه وسلوكه وفهمه ووعيه بكل مقدره هكذا نبني نحن مجتمع سليم معافا، مفكّر وخلاق.
في هذا السّؤال يخطر على بالي، حقيقةً، ما قاله غسّان كنفاني لابنة أخيه لميس، عندما وعدها أن يقدّم لها هديّة وهي إبنة الثّماني سنوات وذلك عام 1963، قال لها: كي احافظ على وعدي لك، وهديتي اليك قررت ان اكتب لك قصة، فمهنتي ان اكتب قصة. وسوف اكتب لك واحدة اسمها القنديل الصغير، تكبر معك كلما كبرت ” … استشهد غسان ولميس في عملية اغتياله بتفجير سيارته وكانت لميس برفقته، دفنا معًا وتركا كتابهما القنديل الصّغير كي نقرأه جميعًا. وهذا قد اسمّيه تناص رغم أنّه ليس تناص، وليس اقتباس ولكنه أخذ نفس الفكرة والمعنى، لم اقصد ذلك وربما كان تاثراً.
لميس أرادت من خالها قصّة وكريم أراد أن يقصّ لجدّه قصّة من وحي خياله، كي يفرحني أو يشدّني اليه، فاختلطت عليه الأمور بين نجم البحر ونجم السّماء فذهبت واياه في رحلة، ومغامرة جميلة لنتعرف على النجمين نحلّق الى أعالي السماء ونغوص إلى أعماق البحار، ونعيش لحظات المتعة في المعرفة والاكتشاف، بقيت القصة لكريم ولأجياله الصّغار، وبقي هو يعيش القصّة وتفاصيلها مع أصدقائه، وذهبت انا الى عالمي عالم الرواية.
- س: هل تمّ تسليط الضّوء على نتاجك من قبل النّقاد، وما رأيك في الحركة النّقديّة في بلادنا فيما يخصّ أدب الأطفال؟
نعم تم تسليط الضوء على نتاجي الأدبي من قبل العديد من النّقاد، وأنا سعيد جدًا بان العديد من النقاد انتبه لانتاجي الادبي وتطرقوا اليه، وكتب عنه الكثير، وانا فخور بإنتاجي الأدبي قصّة ورواية وأدب أطفال، وإعتزازي الأكبر بالقارئ المتلقي وصاحب القول الفصل، لأني أعتبر أنّ القارئ هو النّاقد الأول والأخير في موضوع النّقد الأدبي، فالأدب الجيّد ما يدوم وهو ما يدخل القلب والعقل بدون استئذان، وهذا الأمر يريحني كثيرًا، وهذا ما أراه جليًا في روايتي عودة ستي مدلله، فالقارئ قال كلمته الفصل في الرّواية رغم كل ما واجهته من نقد إيجابي او سلبي، وهي روايتي الأولى. حتى أصبح اسمي مرتبطًا بها.
الحركة النّقدية عندنا ضعيفة جدًا وبحاجة إلى قوننة أو وضعها ضمن إطار وضوابط معينة بحيث تشمل أو تتطرق لمجمل الادب وليس نقد انتقائي، هي بحاجة إلى ضوابط، كي تستطيع متابعة الإنتاج الأدبي عند الكتّاب بمهنيّة عالية وبموضوعيّة تامّة، باعتقادي أنّ للاتحاد العام للكتّاب الفلسطينيين تقع على عاتقه مسؤوليّة ودور هام في قيادة هذا الأدب من خلال متابعته ونقده وتصحيح مساره، أدب الأطفال بحاجة إلى ضوابط صارمة، كي لا نسيء لأطفالنا وتربيتهم تربية صحيحة، وأن نأخذ بأيديهم نحو عالم راق وجميل.
هناك بعض النّقاد للأسف الشديد انتقائيين وغير موضوعيين، وينظرون للكاتب من برجهم العاجي ويحاولون إحباط الكاتب أو الأديب في بداية الطريق، لا لشيء إلا لإشباع الايغو الأنا الأناني عندهم، وهذا الأسلوب انا شخصيًا أمقته، وأعتقد أنّنا الشّعب الوحيد ربما، الّذي يقف عائقًا أمام إبداع وتطوّر مبدعيه من خلال إحباطهم والشد بهم نحو القاع، بدل دعمهم وتشجيعهم والأخذ بأيديهم نحو العلا. وأرى أننا في الاتحاد العام ومن خلال شذا الكرمل، ومن خلال “برنامج بين طيات الكتب” نقوم بدور غاية في الأهمية رغم أنّ البعض لا يعيره اهتمامًا في قضية دعم المسيرة الأدبية لكتّابنا.
- س: قصتك الاولى صبيحة تشتري العلامات،
ما هو تأثير الأحفاد على كاتب قصص الأطفال، اشرت انك استوحيت الفكرة من حفيدك، هل تحدثنا كيف حصل ذلك؟
“صبيحة تشتري العلامات” ليست قصّتي الأولى، وهذه القصة لاقت الكثير من القبول والمحبّة عند الأطفال، يمكن لفوز فرنسيس ان تحدّثكم كيف فازت بالمرتبة الأولى في مدرستها كأفضل قصّة، كما كانت في قائمة الكتب المطلوبة ضمن برنامج مسيرة الكتاب في سنوات سابقة.
للأحفاد محبّة ومعزّة خاصّة ولكن لم استوحي فكرة القصّة من الأحفاد، ولكن للقصّة هذه حكاية جميلة حول اسم بطلة القصّة” صبيحة” وعشرات الأطفال والكبار سألوني من أين حصلت على هذا الاسم الغير مألوف “صبيحة”، فقد كنت في رحلة إلى إسطنبول تركيا، وفي رحلة العودة قالوا لنا أنّكم ستقلعون من “مطار صبيحة” وليس من مطار اتاتورك الدّولي، قلت لزوجتي غريب هذا الاسم، تعالي نسأل عن سر الاسم ، وفعلًا توجّهنا إلى المرشد السّياحي فقال لنا، غريب كيف انتبهتم للاسم، انّه اسم ابنة مصطفى كمال اتاتورك المتبنّاة، فقد كانت أول رائدة طيران في تركيا، إمرأة تقود طائرة ، منذ عشرات السّنين، ومن هنا كانت هذه الشّخصية موضع إعجاب وتقليد يمكن أن تحاكى في القصص، لانّ الطّفل بطبيعته يُحب هذه الشخصيّات الّتي توحي له بالعظمة ويحاول تقليدها في مجاله، فكانت صبيحة التي تشتري العلامات إلى صبيحة التي تعلمت الدّرس من الغش وأصبحت مجتهدة ونشيطة، وتحب قيادة الدّراجة.
- زوجتك المربّية فتحيّة عبد الفتاح تكتب قصص الأطفال، هل هناك تأثير متبادل بينكما في مجال أدب الطّفل؟
باعتقادي ان الكاتب الذي لا يتأثّر بمحيطه وببيئته فهو حتمًا لن يكون ناجحًا، وأنا بطبيعتي استمع لكل ما يقال، وآخذه بالحسبان. زوجتي معلمة علوم ورياضيات، ومربية ناجحة جداّ في مهنتها، وأعرف كم سهرت وقلقت في الليالي من أجل نجاح طلابها. كتبت قصّة واحدة وأظنها متأثّرة بالجو العام بالبيت، وهي باعتقادي من أجمل القصص العلميّة الّتي كُتبت في هذا المجال وهي بعنوان “في البدء” وافتتحتها بالآية القرآنية “وجعلنا من الماء كل شيء حي” تروي علميًا قصة قطرة الماء ودورتها وفائدتها ومسار حياتها بأسلوب جميل وراق جدًا، أظن أنَّه سيأتي يوم يلتفت اليها أحد ويجعل منها قصّة إلزاميّة لأي طالب في المرحلة الإعدادية لأنّها ، حقيقة، تستحق الالتفات والتّقييم، وأتمنّى أن يلتفت إليها أعضاء الاتحاد كتاب أدب الأطفال وتقييمها.
زوجتي هي ملهمتي وهي سندي، ورفيقة دربي في كل شيء، ليس فقط أستشيرها في أدب الأطفال، وانما في جميع مجالات الحياة، هي صديقتي ورفيقتي وبوصلتي في الحياة، كيف لا! وقد علّمت وربّت أكثر من ثلاثين جيلًا متعاقبًا في مدرسة كوكب وكفر مندا، وأذكر كيف كان قلقها على كل طالب كانت تفيق ليلًا لتحدثني عن طالب ما عنده قضية أو يعاني من مشكلة، كانت تحلم بطلابها المجتهدين، وعندها فراسة غريبة في معرفة قدرات الطّلاب الذهنية والعقليّة ومدي نشاطهم، واجتهادهم، كانت تعاملهم كأبنائها فكيف لا أتأثر بها.
كيف لا وقد ربينا خمسة شباب اعتز وافتخر بهم أكثر مما أعتز بنفسي، أولهم “يوسف” مهندس برمجيّات حاسوب وخريج التخنيون، ثانيهم الدكتور “بسام” طبيب ناجح جدًا في مهنته وفي تخصّصه بالأمراض الباطنيّة، وثالثهم “جبران” ممرّض ومدير أعمال، ومدير مستشفى عجزة “غرياترية”، ورابعهم نور القلب والروح، واسطة العقد “مرام” خريجة جامعة حيفا بموضوع البيولوجيا وعاملة مختبر في صندوق المرضى مكابي، ناجحة ومحبوبة في عملها وفي تربيتها لأبنائها، وخامسهم اصغرهم “محمد” خريج جامعة تل ابيب “مدقق حسابات” له مكتب خاص ويعمل في شركة كبيرة في تل ابيب، اخلاقهم وسلوكهم وعزّة النّفس، والقيم التي تربوا عليها، هي كنزهم وثروتهم الأولى ولا يضاهيها أخلاق، وهذا جواب لما لزوجتي من أثر عليّ.
- روايتك الأولى “عودة ستي مدلَّلة”، إلى أي مدى يمكن القول إن أحداثها واقعيّة؟
كلّ أحداث روايتي “جدار في بيت القاطرات” هي من صميم الواقع الفلسطيني، هي رواية النكبة بامتياز، هي قصة التّهجير والغربة في المهجر هي قصّة المعاناة الفلسطينية بكلّ ابعادها ومستوياتها، هي القصّة التي اعجبت القارئ حتى الثمالة، رغم ملاحظات بعض النّقاد وبحق، وتوجيهاتهم ورغم أنّ كثيرون من النقاد اشادوا بما فيها من جماليات، يبقى القارئ هو الحكم، ويسعدني هنا أن أقرأ فقط بعضًا مما كتبه لي في رسالة “خاصة ” أبونا المطران الياس شقور، مطران عكا وحيفا والنّاصرة وسائر الجليل وصاحب كلّية مار الياس في عبلين يقول: إني قرأته” عودة ستي مدلله” وكنت مرارًا أقول في داخلي ” بارك الله الكاتب” إنَّه يصف الواقع الذي عاشه، لقد دمعت عينيّ مرارًا بأن سردك لأحداث مُؤلمة، مُؤلمة جدًا . أنا أيضًا لاجئ من كفر برعم وقد سلبوا أراضينا وهدموا بيوتنا وأصبحنا لاجئين، لا مرجع لنا ولا عنوان لقيامهم. أنا على يقين أنّك لم تتخيّل ستي مدللة بل وصفت خبرتك الأليمة ألّتي ما زال يختبرها آلاف الفلسطينيين، إنّ الله في ذاكرتك.”
وعودة الى السؤال واظنّك تقصدين هل أحداث الرّواية حقيقيّة، وأقول لك أن ستي مدللة شخصية حقيقيّة وقصتها بمعظمها حقيقيّة، انا لا أعرفها اطلاقًا، هي جدّة زوجتي، وعرفت فقط قصتها بعد أن طال بها العمر، وفقدت الذّاكرة، وبقيت قريتها صفورية هي الوحيدة العالقة في الذّاكرة، وهذا ما أوحى لي بكتابة الرّواية والاحداث من صميم الواقع في قرية صفورية المهجّرة. حتى أن قامت القاصّة والممثلة انتصار أيوب بتمثيلها تمثيلًا صامتًا في جامعة حيفا، كما قدمت عرضًا خاصًا اثناء إشهار الرّواية على أرض صفورية المهجّرة تحت شجرة كبيرة باقية رغم النكبة، وبحضور لافت لاهالي صفورية. كان هذا العمل بداية انطلاقة لإحياء وإشهار كتب وروايات كتبت عن المكان او القرية المهجرة. هكذا أقمنا لقاء على ارض قرية دير ياسين لرواية احمد أبو سليم “يس”. وهكذا فعلنا في” قنير” المهجرة للشاعر السجين الامني ناصر الشاويش وكتابه” انا سيد المعنى” ومرّة أخرى في صفورية لرواية الكاتب كميل أبو حنيش عن صفورية وتحمل عنوان ” مريم مريام”.
- ترجمت رواية جدار في بيت القاطرات، للّغة العبريّة.
ما هي أهميّة التّرجمة وما مدى قبول الجمهور العبري لمحتوى رواية كتبت باللغة العربيّة لكاتب عربيّ؟
ليكن واضحا ان كتابي جدار في بيت القاطرات جاء ليقلب الطّاولة على أفكار نمطية عن شخصية العربي، او ليقلب الجرة على فمها كما يقولون، في المفاهيم الصهيونية، ورسم لصورة الانسان العربي الفلسطيني كما هي، وليس كما يريدونها.
الانسان العربي الفلسطيني رافع الراس، الانسان الطّيب، المُسالم، عاشق الحياة وغيرها، امام صورة العربي في الأدب العبري المعكوسة تمامًا، والرواية تتحدث أيضا عن الشخصية اليهودية الَّتي يصطدم بها الفلسطيني أثناء ممارسته لحياته اليوميّة. وهي تطرح شخصية اليهودي بألوانها المختلفة، فهي تطرح صورة المجنَّدة، والَّتي تتعرّف على العربي من خلال ملامحه الشرقيّة، لتهينه أمام النَّاس. وصورة الشّرطي الَّذي ينظر باستخفاف وتحقير للعربي وحتّى إهانته وضربه. وصورة الأم اليهوديّة الثّكلى الَّتي تتسم بالعنصرّية، وتصحو على كذبة الصّهيونية، فتتراجع وتطلب الحياة المشتركة مع العربي، علّها تريح ضميرها. وصورة اليهودي الزّميل والصّديق في السّكن في الجامعة، والَّتي تحاول ان تكون حياديّة دون جدوى، وصورة الفتاة اليهوديّة الصّديقة الَّتي تبحث عن عاطفة وحب، يبعدها عن واقعها اليومي.
في جميع هذه الأنماط من الشخصيَّات يظهر العربي الانسان المكافح المبدئي، الانسان الباحث عن العدل، وعن الأمن والأمان، الشخص الَّذي يحاول أن يرسم صورة العربي الفلسطيني المتفوّق على اليهودي بإنسانيته، ووقوفه في وجه الصّعاب من أجل اثبات الذَّات الشخصيّة والجمعيَة.
منطلق الفلسطيني في الداخل هو اثبات الوجود والتمسك بالموقف والمبدأ والكرامة، بعيدًا عن التَّطبيع وسياسته، التي تُرسم بعيدًا عن اهتماماته اليوميّة.
اعتاد الأدب العبري على إنكار وجود الدافع القومي والوطني عند الشعب الفلسطيني، من خلال إظهاره كمتخلّف ولا يستحق الحريّة والاستقلال، فهو دائمًا جزء من كل “الشعوب العربية” والكل هذا يعني الملايين الَّتي تهدد وجود اليهودي وعليه يجب معاداتهم ومحاربتهم حتى النهاية ” “نحن” ضد “هم” بهذا حدث إلغاء العربي (الإسرائيلي الفلسطيني) ودمجه في الصّورة النَّمطية للعربي بشكل عام كتهديد وجودي لليهودي هناك العديد من النماذج في الادب العبري التي توضح الصورة، كقصة “نادية قصة طالبة عربية” للكاتبة “جليلة رون فيدر عميت وهي قصَّة فتاة عربيَّة من المثلّث، تريد أن تتعلّم في مدرسة يهوديّة، ليسهل عليها دراسة موضوع الطب، ويحدث الحوار والصّراع داخل المدرسة على القيم والمفاهيم الَّتي تحملها، وكيف ينظر اليها المجتمع اليهودي بنظرة العداء أو الخشية من الاخر. وحين يقع اعتداء عليهم، تكون هي ضحيتهم الأولى كعدو، أضف إلى ذلك الصّراع الدَّاخلي الَّذي تمر به نادية في مجتمع يرى بها عدوًا، وكيف تقاوم هذا الظلم الاجتماعي، وهذا العداء لها كعربية.
- ما هو موقفك من ترجمة قصص الأطفال للغة العبريّة وللغات أخرى؟
نحن نعاني من غزو ثقافي وليس من تبادل ثقافي، وانا ضد وأحارب هذا الغزو، بمعنى وضع أدبنا المحلي بدرجات متدنّية وغير مبرّرة امام أدب مُترجم أو وافد ويحظى بالأولية وبالمكانة الرفيعة، وللأسف نحن المربين نتساوق تمامًا مع هذا الفكر. أمّا التّبادل والتّلاقح الثقافي فانا معه وبهذا المعنى أنا مع التبادل الثقافي والتّعرف على الثّقافات الأخرى أيًا كانت عبريّة أم انجليزية أم أيّ أدب لأي شعب آخر وأنا كتبت في مجموعتي القصصية” طرق على جدار الذاكرة” قصة بعنوان” عقلة الاصبع بين طيرول والغول” كنت أظن أن كتّاب أدب الأطفال والنّقاد سيتناولها بكلّ الأبعاد، ويكتب عنها الكثير، ولكن للأسف، وهي تلخّص تمامًا قضية “التّبادل الثقافي” والتّلاقح الثّقافي” وبين الغزو الثّقافي والسّيطرة على العقلية الفلسطينية والامر خطير وبحاجة الى دراسة وجهد وانتباه فنحن نعيش في بيئة غير مسالمة وغير مستقيمة ولا يمكن الأركان لما تجود به.
- نشر لك في الأردن مجموعة قصصية، لماذا اخترت النشر في الأردن؟ وهل كنت تبغي بذلك انتشارًا أوسع للقصة في العالم العربيّ؟
كل كاتب واديب اقصى امنياته ان يصل الى أوسع انتشار في العالم العربي، وان يكون معروفا ومشهورا، هناك بعض دور النشر تحترم الكاتب وتحترم الالتزام مع الكاتب ولكن هناك أيضا تجارة بالموضوع تسيئ للأدب. الكاتب المحلي عندنا واقع في حيص بيص، وليعذرني الناشرون ودور النشر في وسطنا العربي، فالكاتب لا يعرف رأسه من رجليه عندما يصدر كتاب، او طباعة كتاب له، ولنقل أكثر من ذلك، الإصدار يتم بطريقة تجارية وغير محترمة للكاتب والناشر، هذا الامر يسيء للأدب وللكاتب وللناشر نفسه. لا مجال هنا للتعمق والشّرح أكثر، سأقول الطّريقة الصحيحة المُتّبعة عند “أولاد عمنا” أو في الغرب وكلّ واحد منكم يقارن ما حدث معه عند إصداره أيّ كتاب له، في الغرب تتعاقد مع دار النشر، بعد ان تقتنع ان نصك يستحق الطباعة والنشر، بطريقة شفافة واضحة لك ولهم، نسبة الربح واضحة لك ولهم في الاتّفاقية، عدد النسخ معروف وواضح، المراجعة الطّباعة وكل ما يتعلّق بالكتاب التوزيع وهو الأهم معروف وواضح، طريقة البيع والانتشار معروفة، كل كتاب يباع يعلموك به كمية المبيعات ليس من أجل المال، والقضية ليست مال وانما انتشار الكتاب الذي كتبته بجهد وعرق وسهر الليالي وتعب ولا تعرف عنه شيء، وفي نهاية المطاف هناك محاسبة بين الكاتب ودار النّشر.
عندنا الامر مقلوب أنت مسؤول عن الكتاب من الفه إلى يائه أنت ربما تدفع من جيبك أو تأخذ بضعة قروش، وبعد الإصدار يمنون عليك ببعض النسخ لتهديهم للأصدقاء، وربما يقوم الناشر بتخزين نسخ الكتاب الى الابد لأنه قبض ثمنه من مكان ما. وتقيم احتفالات إشهار وغيره دون أن يعرف النّاشر عنك شيئًا ودون أن تعرف أنت عن كتابك شيئًا، هذا مسيء جدًا للآدب، ومحبط للكاتب، باعتقادي يجب تصحيح المسار، على دار النشر ان تلتزم بتوزيع الكتاب او تتكفل بتوزيعه، عليها ان تراجعه بمسؤولية تامة وان تعاقب إن هي أخطأت، على الأقل ان تقاطع يجب ان يكون الكاتب شريك حقيقي في مسار نشر كتابه. في الدول العربية الوضع أسوء من عندنا ولذلك من الصّعب النّهوض بأدبنا. الا بثورة أدبية من هنا. وبسبب الجغرافيا والحدود الدّولية وصعوبة المراقبة فان كتابك لا تعرف عنه شيئًا.
- شغلت وظيفة مدير المكتبة العامّة في قرية أبو الهيجا، كيف أثّر ذلك على ثقافتك، وعلى كتاباتك؟
البذرة كانت موجودة كما اسلفت في السؤال الأول من قصص الآباء والاجداد في الديوان وحكايات الام الخرافية لاطفالها في البيت، وحب الكتاب، وقراءة القصة والادب وغيره رافقتني منذ كنت صغيرا، والكتاب المتنقل من صديق الى اخر في القرية، لقد تربيت على قصص ألف ليلة وليلة، على قصة علي بابا والأربعين حرامي وعلى ليلى والذيب والبجعات المتوحشات وغيرها وبعدها على الادب المصري الذي رشح الينا من مصر بعد هزيمة عام 67 وعشنا مع طه حسين ونجيب محفوظ واحسان عبد القدوس وخالد محمد خالد وانيس منصور وتوفيق الحكيم وغيرهم.
وجاءت المكتبة لتكمّل الدّائرة وتغني الذّاكرة، وتضع الأدب والثّقافة في مكانها الأعلى وترسخ حب الكتاب والمطالعة اليومية. كان للمكتبة والكتاب الدور الحاسم في اغناء وعيي الثقافي وفي توجهي نحو الكتاب ودوره دون أدنى شك، ويبقى العامل الذاتي والرغبة الكامنة في الشخص نحو بناء شخصيته والاتجاه الذي يريده، هو الأساس.
- ما هو مدى تأثيرك على تشجيع الثقافة في القرية؟ أي البرامج تبنّيتها للتأثير على الناس في إقبالهم على القراءة في المكتبة العامّة بشكل عام، وعلى الطلّاب بشكل خاصّ؟
ما الذي لم اقم به خلال عملي ما الذي لم تقم به المكتبة العامة من برامج تثقيفية وتوعوية، من اجل رفع منسوب الثقافة والوعي والانتماء وترسيخ الهوية الوطنية والاجتماعية في نفوس الأجيال المتلاحقة، في الحقيقة قامت المكتبة ومنذ تأسيسها بثورة ثقافية على لترسيخ الوعي وتشجيع القراءة والمطالعة، والعيش في ظل الكتاب.
خلال اكثر من ثلاثين عاما اقمت الندوات الثقافية والسياسية والاجتماعية على الأقل مرة في الشهر واستقطبت مختلف الشخصيات والتوجهات والمشارب الثقافية والسياسية والاجتماعية، حتى أصبحت المكتبة منارة للثقافة والوعي، اقمت العشرات من التكريمات والمحفزات لشخصيات فاعلة ومؤثرة في المجتمع ، عشرات الدورات للإثراء الثقافي مثل دورة شطرنج او دورات بسيخومتري للطلاب ودورات إبداعية وإصدار كتب من تأليف الطلاب مثل كتاب بواكير كتابات إبداعية دورات لمحو الامية لأجيال متقدمة في السن ، المساهمة والمشاركة في فعاليات ثقافية للمدارس، أيام اللغة العربية بمشاركة عشرات الكتاب والادباء وفي مقدمتهم الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين الكرمل 48 وغيره من الفعاليات الناشطة مثل المسرحيات المنتقاة والهادفة وساعة القصة بشكل دوري خلال العام للطلاب ومعارض الكتب في المدرسة او المكتبة وغيره الكثير من النشاطات التي من الصعب احصائها، وبقيت بهذه الوتيرة حتى خرجت الى التقاعد، وخرجت عندما عرفت ان لا فائدة ترجى من منافسة البلفون والحاسوب لان الكتاب هو الخاسر الأكبر والتوجه العام هو نحو البلفون والتكنلوجيا الحديثة ومن الصعب مقاومة التيار.
المكتبة العامة كنز ثقافي تراثي ادبي علمي، لا يعرف قيمته الا من يستعمله وللأسف مجتمعنا العربي ومؤسساتنا المحلية الثقافية والتربوية والخدماتية تتعامل مع المكتبة العامة بصورة فوقية بقلة احترام وتقدير، لا يعطوها صورتها ومكانتها التي تستحق وهي لا تقل قيمة ومكانة عند الشعوب الراقية عن المدرسة ولكن للأسف عندنا هي مكان لا فائدة منه او للعب واللهو من قبل بعض الطلاب المشاغبين، والمؤسف اكثر ان المعلمين والمربين بمعظمهم لا يولون الاهتمام للكتاب ودوره وقيمته ولا يفكرون كيف يوصلونه الى القراء من خلال المكتبة. ولا الاهل في البيت يعون المكانة والاهمية والدور الذي تلعبه او يمكن أن تلعبه المكتبة في تنمية وعي الطالب وبناء شخصيته في جميع المواضيع وبغض النظر عن ميوله الثقافية.
- قصّتك دجاجة دندن، وجدتها قصّة رمزية، فقد يقرأها الكبار ويسقطون رمزيّة سجن الدجاجة ورغبتها في الخروج من القفص والعيش بحريّة في الحقل، على السجناء الذين يتوقون للحريّة، أما الصغار فيرون فيها قصّة مثيرة تدعوهم للرفق بالحيوان وعدم سجنه، لأن الحريّة تقود إلى الفرح والانتاج والإبداع.
فهي إذن قصّة تعزّز الانتماء والهويّة.
ما هي الأهمية التي تراها في الكتابة عن موضوعيّ الانتماء والهويّة في قصص الأطفال؟
هل لك قصص أخرى تطرّقت فيها للهويّة والانتماء؟ حدّثنا كيف ظهر ذلك؟
دجاجة دندن ” تحمل في طياتها الكثير الكثير من الأفكار والمعاني الظاهرة والعميقة، وبرأيي تصلح لكل الأجيال، فيها من العمق والخيال ما يجعل الجميع يستمتع بها، وقد كتبتها وأنا اقصد كل كلمة فيها، بمعنى الرّسائل والصّور الجمالية التي يجب ان ترتسم في مخيلة المتلقي. ومن هذه الرسائل:
النضال المتواصل حتى لو كنت وحدك من اجل التحرّر والانعتاق
الانتماء إلى البيت والمسكن والوطن، بمعنى الهويّة والانتماء، كل الدّجاج كان خانعًا قانعًا لمشيئة الانسان الا الدّجاجة بنية اللّون المناضلة من أجل حرّيتها رفضت الخنوع والاستسلام وحاربت بوسائلها المتاحة، بما فيها الأمعاء الخاوية، حتى لو كان ذلك على حساب المأكل والمشرب او على حساب صحتها وحياتها.
الصمود والتحدي والالتزام بما تؤمن به: قاومت المرض والجوع والعطش ورفضت أن تبيض، وكان الثّمن الموت أو الرمي في القاذورات، ولكنها قررت أنّها تريد الحرية فهي اقوى من الموت ونجحت.
الهوية، كل الدجاج ابيض خانع ينتظر الذّبح أو أن يبيض من أجل صاحبه، مقابل لقمة العيش الا الدجاجة البنيّة الاصيلة، رفضت المساومة على ذلك، وقررت أنّها تختلف وان لها مستقبل غير هذا الذي لباقي الدّجاج. فأخذت حريتها مع الدّيك وذهبت لتعيش في أرض الوطن في الأرض الخضراء، في الجذور تبحث عن طعامها لوحدها وتعيش حرة كريمة وبيضها لها منه تأتي الفراخ او الصيصان، معهم تبني البيت والمستقبل وتعيش في عين الشمس وفي ظل الأشجار.
الغالبية الساحقة من قصصي وحتى الروايات تدور في فلك هذه القضايا التي يعيشها شعبنا الفلسطيني وهو اليوم يذبح أمام اعيننا بحثًا عن حريته واستقلاله، فتتقزّم كلماتنا وتذوب قلوبنا امام المشهد، ومن هذه القصص التي كتبتها قصة “صياد”، وهي عن طفل غزّي يحاول اصطياد عصفور ليطعم به عائلته في حين يحاول جندي اصطياده هو، يفضل الطّفل إطلاق سراح العصفور ليعود الى الوطن بينما يفضل الجندي إطلاق النّار على الطّفل من أجل أن يثبت قوّته وجبروته لنفسه.
ورواية عودة ستي مدلله كلها في هذا الاتجاه، البحث عن الحرّية والوصول إلى تثبيت الهوية والانتماء .
وفي قصّة عقلة الاصبع بين طيرول والغول محاولة جادّة لتلاقح حضارات بيننا وبين النرويج مثلًا في طيرول الذي يشبه الغول عندنا، نحن نخاف من الغول الذي يسكن في الغابات بينما هم وغولهم طيرول يحبونه ويبحثون عنه ويسيرون في طريقه لأنّه يساعد من يتوه او يضيع في الغابة، هذه الشّخصية الغول هي جزء من هويتنا الثّقافية والتراثية، ونحن نحاول ان نحسنها ونجعلها قابلة للحياة ونستطيع التمسك بها وابقائها كجزء من تراثنا وحضارتنا.
- هناك زخم كبير في أدب الأطفال: بداية كيف تعلّل هذه الظاهرة؟ وكيف ترى أبعادها؟
لا اظن أنّ المقصود “زخم” وهو ليس كذلك ومعناها: أعطاه القوة والدفع الى الامام، فأدبنا يعاني من قلّة الزّخم، أظن أنّ المقصود هو غزارة الإنتاج الأدبي وكثرة الإصدارات لكتب الأطفال، دون زخم بالإنتاج الادبي.
أولا هي ظاهرة مقلقة جدًا، يظن البعض أنّ هناك سهولة في كتابة نصوص أدبية للأطفال، بحيث يكتب الاديب نصًا قصيرًا بلغة خفيفة، دون الأخذ بالجوانب الأخرى أو وعيها، النفسيّة والعاطفيّة والتربويّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة التي ترافق عادة نصوص أدب الطّفل، وأخذ الحيطة والحذر في طرحها دون المس بهذه الشخصية الصّغيرة الموجودة في طور التّشكل والنّمو، فلا يعي الكاتب قيمة ما يقوم به، وبذلك يسيئ للطفل بدل أن يقدم له العون والدّعم، ويطور قدراته الابداعية.
انا شخصيا أخاف، وعندي رهبة حقيقة من الكتابة للأطفال، وكأمين مكتبة أقول بصراحة ان هناك نصوص لا يجب ان تكون على رفوف المكتبة، انا لست من الذين يقولون أن هناك اسهال في الإنتاج الادبي للأطفال او غزارة وهذا جيد كلما كان الادب نفسه جيد ، ولكن يجب الحذر والمراقبة، يجب على النّقاد بشكل خاص أن يأخذوا دورهم ويقولوا رأيهم في كل انتاج وخاصة الإنتاج الجيد واظهاره ودعمه، برأيي أيضًا أن على الاتحاد العام للأدباء الفلسطينيين أن يكون له دور وموقف، نملك ادبا جميلًا وجيدًا ، ولكن أدبنا مخترق ويجب التعامل معه على هذا الأساس بمعنى المراقبة والاشارة والتوجيه إلى الادب الرّاقي والجميل وإهمال السيء والرديئ هذه مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة.
- ماذا تقترح للنهوض بأدب الأطفال إلى المستوى الذي نبغيه من حيث المضامين، أسلوب السرد، الفكرة الابداعيّة، اللغة، الخيال وما إلى ذلك؟
اذا اردنا النهوض علينا التعرف أولا على أدب الأطفال وتعريفه: فهو نوع من الأدب الموجه خصيصًا للأطفال، يتضمن القصص، الأشعار، المسرحيات، الكتب المصورة، والمواد المكتوبة أو الشفهية التي تستهدف الطفل بشكل مباشر. يهدف هذا الأدب إلى تسلية الأطفال وتعليمهم وتثقيفهم من خلال تقديم مواضيع ومفاهيم تتناسب مع مراحل نموهم العقلية والعاطفية.
أدب الأطفال يتميز ببساطة اللغة، وفرة الخيال، ووجود رسائل أخلاقية وتربوية تتماشى مع حاجات الأطفال في التعلم والترفيه. يمكن أن يشمل هذا النوع من الأدب نصوصًا قصيرة وقصصًا خيالية، أو حتى معلومات تعليمية تم تقديمها بطريقة ممتعة تجذب اهتمام الطفل.
الغاية الأساسية من أدب الأطفال هي تنمية الخيال، تحسين المهارات اللغوية، وتعزيز الفهم الأخلاقي والاجتماعي للأطفال، مع الحفاظ على روح المتعة والإبداع التي يحبها الأطفال.
أدب الأطفال يلعب دورًا حيويًا في تنمية وتشكيل الأجيال الجديدة من خلال تعزيز الهوية الثقافية، تحسين اللغة العربية، وغرس القيم الأخلاقية، فضلاً عن تقديم المحتوى التثقيفي والترفيهي بطريقة تناسب احتياجاتهم النفسية والعقلية.
الخيال والإبداع: يعتمد على الخيال بشكل كبير لتحفيز التفكير الإبداعي لدى الأطفال، حيث يقدم شخصيات وأحداث غير واقعية، مثل الحيوانات التي تتكلم أو المغامرات في عوالم خيالية الادب أدب الأطفال يتميز بمجموعة من الخصائص والمميزات التي تجعله فريدًا ومناسبًا للأطفال، من هذه النظرة الشمولية علينا الالتزام بهذه النصوص والقواعد وعلينا ، وانا اقترح على الاتحاد العام للكتاب إقامة لجنة متخصصة بادب الأطفال وظيفتها مراجعة النصوص الأدبية للأطفال وان يكون لها راي وموقف في كل نص ويمكننا ان نحمي أطفالنا ومجتمعنا من النصوص التي تسيئ للطفل كحد ادني ، وفقنا الله جميعا.