أزالَ التّاجر ثَمنَ الفستانَين الّلذَين بقيا معروضَين في دكّانه للسّنةِ الثّالثة على التّوالي، وضع عليهما ثمنًا آخر أقلّ بكثير من ثمنهما الأصلي، عَلَّه يستطيع بيعهما والتّخلّص منهما. ثمّ عَرَضَهُما عند مدخلِ الدّكّان بحيث تراهما كلّ امرأة تدخل.
وعندما دَخَلَتْ إحدى النّساء، حملت أحدَ الفستانَين، ودأبت تتفحصُه بعينين نسائيّتين خبيرتين تريان ما لا تراه عيونُ الرّجال… انْتَظَرَ حتّى قرأت عيناها الثّمنَ الجديد فعاجلها قائلًا:
– هذا الفستان من تصميم شركة ملابس جديدة.
فسألتْه ناظرة بإزدراء إلى ثمنه:
– هل هذا هو ثمنه؟!
أجابها بصوت متهدِّج:
– نعم هذا هو ثمنه.
وأردف متحاشيًا النّظر إلى عينيها:
– هذهِ الشّركة تريد أن تضارب على الشّركاتِ الأخرى، فَخَفَّضَتْ أسعارَ الملابسِ الّتي تُنْتِجُها… إإ…إنّها شركة جيّدة…
قَلَّبَتِ المرأةُ الفستان بيديْها، ثمّ صعّرت وجهها وأعادته مكانه مبتعدة عنه بغرور…
…ودخلتِ امرأة أخرى… وأوّل ما فعلته بعد أن حملت أحدَ الفستانَين، هو أن نظرت إلى ثمنه، ثمَّ ابتعدت عنه هيَ الأخرى بزهوٍّ، مُتَّجهة نحو مجموعة أخرى منَ الفساتين… وتكرّر هذا الأمر مع عِدَّةِ نساء، بحيث لم ينجح ببيعهما على الرّغم من ثمنهما المغري!
اعتلتِ الحيرة قلبَ التّاجر، وصمَّم على رميهما، أوِ التَّبرُّع بهما، إذا لم يُباعا خلال أسبوع. وعندما عَلِمَت زوجته بالأمر ضحكت قائلة:
– عشر سنوات وأنت تبيع فساتين نساء، ولم تُدرك عقليّةَ المرأة بعد!؟
وأردفت بين المزح والجد:
– أنتَ رجل فاشل.
نظر إليها زوجها بدهشة قائلًا:
– قصدكِ تاجر فاشل.
ردّت عليه بضحكة خبيثة:
– لو لم تكن رجلًا فاشلًا، لما كنتَ تاجرًا فاشلًا…
ثمَّ ذهبت وإيّاه إلى الدّكّان. نَزَعَت ثَمنَ الفستانَين الّذي وضعه زوجها، ووضعت ثمنًا آخر يساوي ضعفيّ ثمنهما الأصلي، وعَلَّقت أحدَ الفستانَين في الواجهةِ الزّجاجيّة للمحلِّ.
في اليومِ التّالي، طَلَبَتْ إحدى النّساء من صاحبِ الدّكّان أنْ يُحضر لها الفستانَ المعروض في الواجهةِ الزّجاجيّة… تَفَحَّصَته… قرأت ثمنه… تَجلّى الإعجاب في عينيها… ارتدته… أُعجبت به… دفعتِ الثّمنَ الّذي وضعتهُ الزّوجة كاملًا، وخرجت مُزْهُوَّةً بنفسها وبالفستان.
…ووضعَ التّاجرُ الفستانَ الآخر مكانه، بعد أن تَوَلَّته الدّهشة، منتظرًا وقوع امرأة أخرى في الفخ.