يستغيث القلم، ويصرخ الحبر لا تكبل يدي! دعنا نكتب عن أوجاعنا ومعاناتنا، رغم أنّنا نعرف حق المعرفة، أنّ الكتابة ليست سبيلا لمحوها، فوجع مكتوب خير من وجع مكبوت.
لو مرّ بجانبنا قطار يسير نحو الماضي، إلى أيام العفوية والبساطة لمقاعد الدراسة، أيام المراهقة، أزقّة الحارة القديمة ببيوتها المتواضعة المتشابكة، والحقل بأشجاره المعمرة الباسطة ظلالها تجمع حولها الأهل والجيران، فأعتقد أنّ الجميع سيركبون، وسيبقى الحاضر النّازف شبه خالٍ، كيف لا، وقد وصلنا إلى زمن صرت فيه إذا أردت أن تخسر الناس صارحهم، وإذا أردت أن تكسب الناس كن منافقًا وملونًا، وإذا أردت أن تكون مكروهًا، فقل كلمة الحق، وإذا أردت أن تكون ناجحًا فانحرف!!
في هذا الزمن المتقلب العجيب، تكاد الأوطان لا تصلح للعيش بكرامة وهداة بال، ولا تصلح لدفن موتانا فيه، نشعر أننا ضائعون في غربة الوطن بلا هوية، بلا عنوان، مشرّدون، منسيّون على قارعة الرصيف المنسي والمستغيث. إننا على وشك أن نفقد طعم الحياة وأيامها التي عشناها لأنها غدت متشابهة ومتشابكة، كأننا نعيش أيّامًا متكرّرة طوال السنين لا يختلف فيها سوى التاريخ.
بداخل كل منّا حكاية مليئة بالأحداث، منها المحزنة ومنها المفرحة، فيها تحدّيات، نجاحات، إخفاقات، آلام، لوعة وحسرة، وطريقها ليس دومًا أوتوستراد، وليست دائما كما نريدها، فليست كل الطرق تؤدي إلى ما نتمناه.
ليست كل النهايات تسعدنا، وليس الضياع أن تتوه بين الشوارع والأزقة، وإنّما أن تغوص في داخلك ولا تجد نقسك، كما هو حالنا اليوم.
قال سقراط:
“إن لم نكن في الأماكن التي نحبها، فنحن لاجئون أينما كنّا ”
ما أتمناه عندما تقرأ ما أكتب بماء الروح، أن تقول وبصوت عال وبكل لهفة؛ أكمل أنا هنا بين هذه العبارات.