إن لامس أحرفك الحبلى، تولدت قبل تمامها.
وإن انزوى في فكرك، فتضيق به قهرا.
لا تحاول ردّه وقمعه، فتخسر.
فأنت، كاتب شمسي، صديق الأشعة، عاشق بيارق الصبا، وزاهد في نمارق الزخرف والارتياح.
هو، كويتب تدلّى من نفس وضيعة، فلا يجرؤ على أن يلقي بنفسه وجها لوجه، ولو فعل، لرأيت منه عكس ما أراك، ولسمعت من فيه مدحا لا يليق إلا بمن هم أعلى منك قدرا.
أنت في مصطلح النحويين، ظاهر، لك محل من الإطراب. وهو –واحسرتي – مستتر تقديره أخرق جبان.
أنت تعرف ما يريد، بل وتجهر بكل قواك، بما يحتويك من فكر قويم،وأدب عذب زلال.
وهو يعبث بما لا يشتهي، ويرغب بما لا يفيد، يختفي لينحر، وبسموم اللفظ يُشهر، ولكنه في سربه آمن، وعن اللوم بمنأى ومهجّر، فهو يا سادة في عالم المجهول يقبع ويفجّر.
أنت تطعن لسان أحرفك، إن رغبت النيل من مشاكس، أو رمي بذيء الخلق، وسيء المظهر والمخبر.
وهو لا يقيم وزنا لأي خصلة حميدة، ولا يأبه بأي لفظ يُرمى، فالمهم لديه أن يفترسك قدر المستطاع، وأن يقتبس من نور المشاع، ويثبت لكل نواقصه بأنك هزيل، وكاتب من فصيلة البراكين الخامدة.
لا تندهش يا عزيزي مما أقول، فنحن في زمن الأقنعة، والكيّس الفطن،من امتلك عشرات الأسماء، حتى يثبت لكل أحمق، بأنه ذو قبول.
فرب مادح لك ذو مصلحة، ينحدر بجام غضبه، ليسدد لك لكمة، ويكسر لحرفك عظمة.
فلا تنبش ولا تعبس ولا تدر وجهك عن كفّه المثخنة، فسيبقى التميّيز ديدنك، وستزول آثار أصابعه عن خد أحرفك، وستنقشع تلك الغمامة السوداء، ليرى بكلتا عينيه، أنك الحقيقة التي يمقتها، والواقع الذي يزلزل سكونه، وحينها، تغرب شمس حقده، ويضطر آسفا لدفن ” مُعلّق أو مُعجب ” آخر، في تلك المقبرة التي حوت المئات من عديمي الضمير.