” غبار” و “مقعد فارغ “: قصيدتان – محمد جمال الزعبي

غبار

*****

ضائعٌ

وراءَ السِّتارِ

كائنٌ من غبارٍ

أراكِ هُنا

أراكِ هُناكَ

المكانُ أصبحَ صحراءً

الليلُ يسقُطُ أسئلةً

سؤالٌ وراءَ سؤالٍ

لماذا لا تأتينَ إليَّ الليلةَ؟

لماذا تَغيّرَ مذاقُ الوقتِ؟

أَصواتٌ

لا جوابَ

أَينَ ذهبَتِ الْكلماتُ؟

وَجهِي كلامٌ صامتٌ

رأيتُكِ هُناكَ

في الشَّوارعِ الصّفراءَ

كلُّ الطُّرقِ التي تؤدِّي إليكِ

لا تؤدِّي إليكِ الآنَ

ماءٌ، ماءٌ

عطشٌ

موتٌ مؤقَّتٌ لا شفاءَ

انتهى موسمُ الطَّيرانِ

كلُّ شيءٍ أصبحَ غريبًا

أصابعُ يدي

شفتايْ

الضوءُ

إيقاعُ خطواتي بطيءٌ

لا لقاءَ

كلُّ الطرقِ التي تؤدِّي إليكِ

لا تؤدِّي إليكِ الآنَ

المكانُ هُنا أصبحَ صحراءً

الليلُ يسقطُ أسئلةً

سؤالٌ وراءَ سؤالٌ

لماذا لا تأتينَ إليّ الليلةَ؟

يعودُ السؤالُ

ويعودُ

لماذا لا تأتينَ إليّ الليلةَ؟

لا جوابَ

غبارٌ

غبارٌ

غبارٌ

~~~~~~

مقعد فارغ

*******

هُنا

مقعدٌ فارغٌ للضوء 

سماءْ

شمسٌ أشرب منها لونَ البرتقال

سؤالٌ، بحرٌ وأنا

يابسة لها اسمْ

مسرح الجسد والدمْ

روح…  صمت!

“آسِف، انتظروا قليلًا

سئمتُ الحديثَ عن الماضي”

يجوز لي أن أغيّر الأشياء كما أشاءْ

يجوز لي أن أقولَ

إنّ ابتسامة الرب في فصل الطفولة غناءْ

يجوز لي أن أشربَ

المطر نبيذًا من يد الملائكة إغواءْ

يجوز لي إذًا

أن أنسى

أن أرقص، أن أقفز

على اخضرار الجليل

أن أصلّي في حدائق الحمام كما أشاءْ

أشرب الماء على قباب المعابد

أطير وأطير

أسبح في الفضاءْ
أتأمّل الخلاءْ

إذًا يجوز لي

أنا أغيّر الأشياء كما أشاءْ

أن أخلع أسود الحاضر عن وجه السماءْ

أشقّ بطن البندقيّةِ

أدوس على وجه الرصاصِ

وأخنِق الحرب والبكاءْ

“آسف، انتظروا قليلًا

انفعلتُ قليلًا

سئمتُ الحديثَ عن الماضي

والماضي جرح قديم غائِرْ”

 

هُنا مقعدٌ فارغٌ للضوء

شمس برتقاليّة

ماء فاترْ

بحر هادئْ

جئتُ هنا للانفصالْ!

أعلامٌ ترفرفْ

أعلامٌ جاءت اغتصابًا

أحرق الصمتُ احتراقي

وجهي القديمُ الغريقُ القتيلُ الباردِ

من بين الأمواجِ

ينظر إلى… إلى وجهي الحاضرِ

“أنا آسف

لا يجوز لكَ.. الانفصالْ؟!”

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*