الأحلام الأحلام! – عفيفة خميسة

الافتتاحيّة_ تحية للألفيّة الثالثة في يومها الأوّل من عامها الأوّل-(1.1.2000)
وقد وجدت طريقها للنفاذ إلى النور في رأس السنة الدامية هذه.. في زمن حفر المقابر الجماعية لأحلام الحياة بالحياة. في زمن تجريد الحياة حتى من حلم البقاء بالمجرّد!! ويجترع العزّل سلاحًا مركّبًا من حلم وحرف!!
أطلقْتُ مع افتتاحيتي صيحة.. ونصيحة لولدي، وولده المنتظِر دعوة رسميّة للمشاركة بعرس الحياة…
وزّعتها على أبنائي الأربعة محبّرة بدمعة فرح يحلّق في أجواء لا تتكرّر إلّا كلّ ألف عام.. وأبقيتُ على النسخة الأصليّة شهادةً توثيقيّة ورد فيها:
إذا كنتَ جاهلًا عالم الأحلام، وقد قرأتَ عنها في عيون الكُتُب، وراغبًا بالتعرُّف عليها عن كَثَب، فاعلم أنّ حدائق أحلام عصركَ غابات! إن شئتَ التنزّه فيها فاحذر الانجذاب الأهوج لأزهارها. ولا تنسَ أنّ أكثر الأحياء سمومية هي الأكثر سحرًا! كما أنّ أكثرها وسامة وفتنة هي الأقدر على إيقاعكَ في حبائلها.. فافتح عينكَ جيّدًا، لتبصر ما تضمر غمّازاتها؛ فالأحلام الرعناء بارعة بفنون الإغراء!!
لا تستصغر من الأحلام أكثرها بساطة وتواضعًا، فهي الأصدق والأقلّ دهاءً.. تودّد منها، لا تتأخّر ولا تتردّد!
لكنِ احذر التقليد!
أما إذا كنتَ من هواة صياغة الأحلام، وابتكار تصميمات جديدة منها، فاحرص على اقتناء الأدوات الخاصة بنقش منمنماتها؛ فهي معادن، وأيّ أداة دونها ليونة كفيلة بتمويه زخرفها.. وأيّ أداة دونها صلابةً كفيلة بتشويه جوهرها.
إذا كنتَ عاشقًا راغبًا بمساكنتها، فإنّ الحكمة تدعوكَ منذ اللحظة الأولى للجم شهيّتها، فلا تضطرّ لتطبيق نظام غذائيّ صارم. فالوقاية حصانة! وفي الأحلام ما هو نهِم وغبيّ قد يطعمك الجوز فارغًا.. ومنها ما هو ساحر أكول يمكنه تناول الماء مضغًا والخبز لعقًا! لذا يكون عليكَ أن تراقب سلوكها باستمرار قبل أن يشتدّ عودها. فالأحلام، يا أجمل أحلامي، أحياء يجب تربيتها تربية صارمة، فلا تنفخ صدورها ثقة إلّا بعد التأكّد من قدرتها على تلقّي وصدّ الصدمات.
الأحلام أصدقاء. لضمان استمرار العلاقة الطيّبة بها، عليكَ اختيار ما يناسبكَ سنًّا وطباعًا. فالحلم الوفيّ يحيا فيكَ ويكبر معكَ على مدار الأيام.
الأحلام الأحلام… الأحلام، يا حلمي الكبير، تهوى الطيران وتعشق التحليق.. فمن الحكمة ألّا تترك لها الحبال على غواربها فتهلك في مصيدة الغرور. فلا غير الغرور يحول دون تطلّعكَ إلى الأمام.. إلى الهدف.
الأحلام، يا كلّ أحلام والدِيكم، من بنات روح وعقل الله، وحقّها بالرعاية والحماية مقدّس!

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*