صدر مؤخرًا للكاتبة الزميلة عناق مواسي من مدينة باقة الغربية مؤلف شعري بعنوان: أثر الحبر، الصادر دار جدل – دالية الكرمل ، يقع الديوان في 102 صفحة من الحجم المتوسط، أنيق بحلته مهدىً إليّ بكل الود والثناء، وبدأت أسبرُ أغوار القراءة الممتعة،يحدث لدى المتلقي الدهشة ، يضم صورا شعرية جديدة مبتكرة لغة شعرية خاصة بعناق ، تعانق الأحرف الابداع من أوسع أبوابه ، قاموس شعري وأدبي ثري كبير، وعميق، إنها لا تشبه الشعراء في قصائدهم لا تقلد الشعراء المعاصرين في شطحاتهم وانفعالاتهم وقوالبهم الشعرية ، من حيثُ صياغة الافكار والالتفاتُ إليها، يعمدُ القارئُ للعودة الى النص اكثر من مرة . بسبب بعض الغموض الذي يكتنف الصور الشعرية والتعابير ، الموسيقى الداخلية ، الأفكار العميقة ، قصائد الديوان ليست طويلة لكنها جاءت كثيفة المعاني ، مثقلة بالشعر والتجديد .
من الممكن ان تفسر الكلمات وتحمل على أكثر من وجه وهذه لذة الشعر ومتعته ، المرأة هي محور الديوان ، المرأة التي خاب ظنها من الكثيرين ، المرأة العاشقة التي تحاول رسم تقويم خاص بالعشاق انظر قصيدة " تقويم ص 89،المرأة التي تهيم بالحب وتعرف العزف على أوتاره ،خارج الزمن وخارج التابوهات الجاهزة ، المرأة التي تحلم بغد افضل . في القصائد الكثير من الرموز الدلالات الدينية والصوفية ، لفتت انتباهي قصيدة "يوسف" ص79 ، تذكرنا بقصة يوسف عليه السلام القرانية ، وماذا حدث معه من تجني من قبل اخوته ، وقصته مع النسوة والبراءة ، وكيف صورت الحبر بالدم التي بقي أثره على الملمح الجسدي في القميص، والملمح العاطفي على الروح والملمح الحركي على الأصابع، وكان يوسف هو الشاعرة المسجونة وكان يوسف هو الشاعرة السجانة.
،القدس والكنائس ذكرت ص ٣٤ ، الصلاة ، الله ، روح الله ، السماء ، نحو السماء ، انزل الشرائع ، الاله ، خمسين ركعة ، الحب صلاة. الجنة ، ليلتي القدسية إشارة الى الاسراء والمعراج ، عرجنا ، السماوات العلا، الاله ، تسبيح ، يا الله ، سبع سماوات ، سبع تغريدات ، الله الذي اطل من عليائه ، الحواري ، الراهب قدس الماء ، خمر يسكر ، الكون ، فلك السماء ، طواف ، سنطوف سبعا ، القبلة ، نصلي في صحن الكعبة ، احد عشرا ، قسم ، تنير سمواتهم ، الاشهر الحرم ، يحرك السحاب ، سبع آيات ، أرقي بها نفسي ، سبع سنين سمان ، دلالة على رؤية النبي يوسف في مصر ، سبع سموات. جنة ، البسملة ، سدرة المنتهى .الله اقرب ،المدينة المقدسة ،الله يغفر الخطايا ،مناجاة ،تغسل الخطايا ،سر بي يا الله ، عرج في سمواتها السبع، ، الداعين ، الأزل ، هنالك ستعمال متكرر لكلمات اخرى مثل العمر ، فنجان القهوة ، الليل ، الظل الماء ، العيون. الشعر ، الشاعر ، قصيدة ، شاعرة ، الرقص ، سكينة ، لحبر ،الحرير ، الوقت ، القلب ، امرأة ، شمس ، ، فجر ، عطر.. جاء وظيف هذه الكلمات موفقا ، ويحمل دلالات أدبية واشارات ثقافية عميقة ، كذلك هناك إشارات وطنية ، وردت في الديوان : يافا ، القدس المدينة المقدسة ، البرتقال ، وان كانت شحيحة .
خلاصة ديوان شعري غني بالصور الشعرية والشعر الحقيقي الذي ينبع من قلم ملم ينجح في التقاط حركات الحياة العابرة ، المواقف ، أصوات الداخلية ، وترجمتها الى قصيدة تطرب الروح وتحرك تفكير العقل. مبارك هذا الاصدار والذي من عنوانه يقرب لنا انه سوف ينقلنا الى عتبات الشعر الأزلية ، كذلك العنوان فيه من الابداع والرمز ، كما هو معروف العنوان هو عتبة النص ، لا يستلم للقارئ بسهولة ، مثل قصائد الديوان .
القصيدة الجميلة هي التي لا تستسلم للقارئ من أول نظرة، التي يعود اليها أكثر من مرة ، التي تعود اليك ، تبادلك الأسئلة الفلسفية الوجودية والأدبية ، هي القصيدة التي تتعمشق على أهداب روحك ، تثير جراح القلب ، تخاطب اللغة ، تتمرد على الحرف ، تصدمك ، تدهشك ، شعر انك تشاطر الشاعر أو الشاعرة المشاعر والمواقف ، هكذا هو ديوان أثر الحبر ، يترك الأثر على الشعر واللغة والقارئ ، يشير الى شاعرة استثنائية ، تعرف كيف تعزف على أوتار اللغة بسلاسة وحكمة وانسياب ، الحق يقال ، ليس من السهل فك شيفرة لغة الشاعرة عناق مواسي ، لانها تتعمد تضليل القارئ للوهلة الأولى وتختار مفرداتها بعناية ، ومنها تسبك القصيدة الجميلة . جاءت قصائد الديوان مثقفة .
اثر الحبر قصائد شعرية للشاعرة والأديبة عناق مواسي ، يترك الديوان الأثر الطيب في روح الشعر وقارب الابداع الى أن يأخذك الى مرسى الدهشة .