كل أنواع الفنون عبارة عن أساليب ومهارات مستخدمة للتعبير عمّا يجول في النفس البشرية أو جماليات الطبيعة والمكنونات الداخلية كالأفكار، المشاعر، العواصف، الرغبات والهواجس التي بدورها تثير وتنير الأعمال الفنية والشعور بالأمل أو السخرية وتنتج من وحي فكر الفنان.
جاءت هذه المقدمة تزامنا مع إصابة الفنان الشفا عمري، سعيد سلامة، بسكته دماغية كادت تسكت قلبه الخفاق والمعطاء، إلّا أن إيمان سعيد الكبير، إرادته، وحبه الذي لا يعرف الحدود استطاع أن يتخطّى هذه المحطات التي لا تليق به، وأبى أن يرفع الراية البيضاء.
عندما نتحدث عن الفنان سعيد سلامة، لا يمكننا أن لا نقف مطولا على سيرته الحافلة، أعماله، مكانته ونشاطاته على مدار الساعة، كونه فنانًا قديرًا من كبار الفنانين على المستوى العربي خاصّةً والعالميّ عامة. والحقيقة مهما طال الحديث في هذه المحطة لا نستطيع أن نَفِيَه حقه، وتبقى الكلمات والعبارات محنية كسنبلة القمح المثقلة أمام سيرة ومسيرة هذا الفنان، أحد رموز التمثيل والفن الصامت، هذا الفنّ الذي يعتبر من أصعب الفنون المسرحية والفريد من نوعه، وكما هو معروف، فإنّ القلائل في العالم من يقومون بتأديته بصورة مميزة. وسعيد الفنان والإنسان واحد منهم، ومن المؤسسين لمهرجان التمثيل الصامت كونه تأثر بعملاق المسرح الفانتوميم الإيمائي الفرنسي صاحب أشهر مدارس التمثيل في العالم، مارسيل مارسو الذي قدم سعيد أمسية خاصة تكريما لذكراه.
أعود إلى المشهد الدرامي الذي واجهه الفنان سعيد وإصابته بالأزمة الدماغية التي حلت به وكادت تسكت قلبه الخفاق، لكن تمسكه بالحياة وحبّه للفن الذي تدور حياته برمّتها حوله من تمثيل، مسرح، ودراما، أبت كلّ هذه الأمور عليه أن يستسلم ويرفع الراية البيضاء ولاقى ردود فعل على أعلى المستويات، وتصدّر عناوين مواقع التواصل الاجتماعي، فكلها ترقبت وتابعت حالته الصحية وابتهلوا للعلي القدير أن يخرجه من هذه الأزمة، وحمدا لله تعافى سعيد ورجع لذويه وأصدقائه ومجتمعه.
لا مجال لذكر المواقع، التقارير، وردود الفعل من شخصيات قيادية، سياسية، تربوية وثقافية وفنية على المستوى المحلي والعالمي التي تطرقت إلى ما ألمّ بالفنان سعيد، لكن نذكر منها؛ رئيس السلطة الفلسطينية، د. يوسف الحمدان رئيس نقابة الفنانين في البحرين، الفنّان
الفلسطيني المخرج غنام غنام من الشارقة، مسؤول الهيئة العربية للمسرح في العالم العربي، الكاتب المسرحي اللبناني عبيدو باشا، نعمة بدوي، نقيب الممثلين في لبنان، الفنانة المسرحية بشرى العمور، عميدة كلية المسرح في المغرب، بروفيسور هشام زين الدين، عميد كلية لفنون في جامعة بيروت، الممثلة الأردنية أمل الدباس، مصطفى الخاني الملقب بالنمس، وغيرهم.
بدوري أقول لزميلي سعيد “فوكسي”:
أنت حامل أعظم رسالة، كل الود والتقدير وعبارات الإطراء وقصائد الشكر والثناء لا تفيك حقك، أنت مبدع، والمبدعون أمثالك يسجلون أسماءهم في صفحات الخلود صفحات ذهبية لا يمكن أن تمحوها الأيام وتعاقب السنوات، فكم نحن محظوظون بوجود شخص لديه هذه الأفكار المبتكرة، الطاقات والقدرات لا تعرف الحدود، دائما تدهشنا بأعمالك وأداء أدوارك على خشبة المسرح، لك من محبّيك زاوية في كل قلب.