الإنسان الذئب والذئب الإنسان –   معين أبو عبيد

من منّا ليس له حاجة ماسّة لمساحة زمنية شخصية من العزلة والصّمت، ليراجع حساباته، ليستخلص العِبر، ويتعلم من أخطائه التي لا شك أن لها قيمةً عُليا عنده، وهو مستعد أن يحارب من أجل المحافظة عليها.

أنا على قناعة وإيمان بذلك لكني أستبعد أننا نتعلم من أخطائنا ولا نفكر إلا بأنفسنا، ونعود لذكر الباري فقط في وقت الضيق والمحن، أسوة بعبيد السوء.

وعندما تحل أزمته وضيقه، يعود لسابق نهجه ومسلكه وينسى استجابة ربه لدعواته منقطعة النظير. عجبا حتى الطفل عندما يلمس المدفأة فلا يلمسها مرة أخرى.

من خلال تقريري هذا، سأحاول أن أركز على صفات وتصرفات الذئب التي وللأسف أشبهها بتصرّفات كثير من بني البشر، ولا أطلب المعذرة من أحد رغم أبعاد وقسوة ما أقول.

في داخل كل منّا ذئبان؛ ذئب أسود وآخر أبيض. الأبيض وكما هو معروف، يدل على البراءة، النقاء، والوضوح، ويوحي بالسكينة والسلام ويكبر بالإيمان والحب بعكس اللون الأسود.

“الإنسان الذئب” هو الذي يعيش في خوف ووجل، كراهية وحقد قاتل، من زاويتي أرى في الكثيرين من الناس خداعًا إلى جانب خدّاع يعيشون مع الذئب الذي يغير جلده، لكنه لا يستطيع أن يغير طبعه، ويبكون بلوعة ومرارة مع الراعي، لا يقدر ولا يعترف بالفضل وينكر الجميل، متناسين أنه مهما قدمت له فيظل يحن إلى الغابة.

هذه الوضعية توصلنا لمفترق طرق تحتّم علينا أن نحتار ونختار لنعرف أيها نطعم ومتى؟

وهنا يحضرني قول جبران:

“الذئاب تصطاد الغنم في ظلام الليل، ولكن بقعة الدم تسود على حجارة الوادي حتى طلوع الفجر والشمس لا بد أن تكشف الجريمة”.

ومهما كان الثعلب مخادعًا، فسيأتي يوم ويقع ضحية مكره، فالذئب الإنسان ما كان ليكون ذئبا لو لم تكن الخراف خرافا، فإن كنت لا تستطيع مواجهة الذئاب فيستحسن أن لا تذهب إلى الغابة.

في موت الذئب البشري ينعم الإنسان، الإنسان الواقعي والمتزن، بالأمن والأمان.

نعم، كل إنسان تعرض وسيتعرض لرياح عاتية غدارة تجعله ينحني ويتلوى ترغمه ليحدد مكانته في الحياة وعليه لا تفرح بالعيد قبل أن ترى الهلال.

للخلاصة، علمتني الحياة الشائكة؛ أن غنى بلا سخاء كسرج بلا ضوء، وقراء بلا تفسير  كالزرع بلا غلة والمؤمن بلا حكمة كالفرس بلا لجام. فلا شيء أسمى من الحق ولا فقر أذل من الطمع.

أسألك ربي، مجيب الدعوات، رافع السماء، باسط الأرض، أن ترفع عن الشرفاء والمؤمنين والضعفاء كل بلاء وتحميهم من الذئاب البشريّة.

والله، والله كل ما أريده هو  مساحة شخصية تمكنني أن أحلم من جديد كل شروق وغروب.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*