الجندي القزع –  قصة /   بقلم    محمد بكر البوجي

جندي قصير القامة لا يتجاوز طوله مترا ونصف المتر ، يضع  على رأسه طاقية حمراء نسبة إلى لواء جولاني الاحتلالي ،  يتكلم العربية بنصف  طلاقة ،  يسير في  مخيم  الشاطئ  غربي مدينة غزة ،   هذا الجندي القزع حاول إهانة الشباب عدة مرات  ، كنا إذا رأيناه ضمن الدورية نتحاشاه ونلتف من شارع آخر ،  طالت مدته في المخيم  وكثرت مشاكله وإهاناته لشباب المخيم إلى حد أنه كان يرعب طلاب المدارس أثناء خروجهم من المدرسة ،  تعود أن يمسك الشاب من ياقة قميصه ويجعر في وجهه ، عارف أنا مين ،  ااه عارف ، أنت الخواجة ، يبقى هات علبة السجاير ، والفلوس من جيبتك ، يلا انقلع من قدامي جراي على بيتك ،  صباحا  ونحن خروج إلى المدرسة كان القزع يفعلها معنا كثيرا ، يحمل بندقية عوزي لا يضع على رأسه خوذة عسكرية كان يضع برنيطة ترمز إلى قوة اللواء الذي ينتمي إليه   ، صار معروفا في كل أنحاء المخيم ،  أراد أن  يسترجل أكثر من اللازم ، أرسله قائده في عمليه خاصة  وحده  دون شريك  معه ،  ارتدى زيا مدنيا   وضع كوفية على رأسه  حمل شنطة دائرية الشكل  ، كانت هي السائدة وقتها ،  وضعها  على كتفه وفيها سلاحه العوزي ،  دخل المخيم ، سار  فيه بهدوء واطمئنان ، كان الوقت ضحى ، أولاد المخيم وشبابه  في المدارس أو في العمل  لكن نساء المخيم  يعرفنه جيدا  سار حتى وصل أول المخيم الشمالي  هو لم يشعر بشيء حوله ، اغتر بذاته ، لكن ما عرفناه فيما بعد أن بعضا من النساء كن يسرن أمامه على بعد مائة متر في أزقة المخيم   لتحذير  الفدائيين من قدومه ،  فجأة  وجد نفسه محاطا بعدة شباب ، حاصروه  انقضوا عليه خلصوا منه الشنطة ،  استولوا على سلاحه  وجهاز الإرسال  ثم اقتادوه إلى جهة غير معلومة .   حدثتني أحد الشبان الذين شاركوا في العملية أنهم أخذوا القزع إلى بيت خاص خارج المخيم   خوفا من فرض حصار وتفتيش ، أول ما فعلناه ، طلبنا منه خلع ملابسه قطعة قطعة  وهو يقول : أنا مرة ،أنا مرة ابن مرة ، وهو يبكي ودموعه تنهمر  حتى  وصل إلى  الملابس الحساسة  حاول التشاكل  لكن ضربة عصا  غليظة على ساقه جعلته يرضخ  ويخلع كل ملابسه  تماما ، ماذا سنفعل به الآن ، أخذناه بسيارة خاصة إلى وسط المخيم  مع خروج المدارس ، أنزلناه   وهو مكبل القدمين واليدين  ، طلبنا منه الانبطاح التام على وجهه ، بدأ الشباب  استخدام  البلطات والعصي  بالضرب على الرأس والساقين  إلى أن تأكدنا أنه في حالة إغماء ، بالبلطة  قطعنا أصابع  يديه وجزءا من لسانه بالسكين  ثم تركناه  وغادرنا ، بعد تركنا المكان بدقائق جاءت  مدرعات  جيش الاحتلال الأمريكية إلى المكان وأخذوه ، لم يعد القزع يظهر في شوارع المخيم ، لماذا لم تقتلوه ؟  القتل ليس مفيدا هنا ، حتى يبقى عبرة لغيره  من جنود الاحتلال  ومن يتعرفون عليه في مكان سكناه . كتبت إحدى الصحف الاحتلالية  أن جنديا أصيب في حادث طرق بين اسدود ويبنا  فقد الوعي ونقلته مروحية الى المستشفى  .

من بداية إلقاء القبض عليه يبكى ويقول : رجعوني لأهلي  والله ما أرجع غزة تاني  ،سأعود إلى بلدي الأصلي هناك أهلي ،  سأرجع إلى  رومانيا .

في العام 1970  رآه أحد أبناء المخيم ذات يوم  في شارع يافا الكبير وهو يبيع  سجاير وكبريت على بسطة صغير مكتوب عليها بالعبرية ، خذ ما شئت و ضع الفلوس هنا ،  يجلس على كرسي إعاقة أمام البيت الذين يطلقون عليه بيت رومانو ، وأنا أطيل النظر إليه اصطدمت برجل يرتدي زيا عربيا يافيا ،  أهلا يا خال ، أشرت إلى الشخص  القعيد على الكرسي،  فهم خالي أنني أشير إلى بيت رومانو ، همس في أذني   بيت رومانو بنته عائلة يهودية قادمة من رومانيا في أواخر عهد العصملي ، بنته بأموال الصندوق الصيوني اليهودي ثم صار مركزا لنشاط الحركة الصيونية  .

 

 

..

 

 

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*