جندي قصير القامة لا يتجاوز طوله مترا ونصف المتر ، يضع على رأسه طاقية حمراء نسبة إلى لواء جولاني الاحتلالي ، يتكلم العربية بنصف طلاقة ، يسير في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة ، هذا الجندي القزع حاول إهانة الشباب عدة مرات ، كنا إذا رأيناه ضمن الدورية نتحاشاه ونلتف من شارع آخر ، طالت مدته في المخيم وكثرت مشاكله وإهاناته لشباب المخيم إلى حد أنه كان يرعب طلاب المدارس أثناء خروجهم من المدرسة ، تعود أن يمسك الشاب من ياقة قميصه ويجعر في وجهه ، عارف أنا مين ، ااه عارف ، أنت الخواجة ، يبقى هات علبة السجاير ، والفلوس من جيبتك ، يلا انقلع من قدامي جراي على بيتك ، صباحا ونحن خروج إلى المدرسة كان القزع يفعلها معنا كثيرا ، يحمل بندقية عوزي لا يضع على رأسه خوذة عسكرية كان يضع برنيطة ترمز إلى قوة اللواء الذي ينتمي إليه ، صار معروفا في كل أنحاء المخيم ، أراد أن يسترجل أكثر من اللازم ، أرسله قائده في عمليه خاصة وحده دون شريك معه ، ارتدى زيا مدنيا وضع كوفية على رأسه حمل شنطة دائرية الشكل ، كانت هي السائدة وقتها ، وضعها على كتفه وفيها سلاحه العوزي ، دخل المخيم ، سار فيه بهدوء واطمئنان ، كان الوقت ضحى ، أولاد المخيم وشبابه في المدارس أو في العمل لكن نساء المخيم يعرفنه جيدا سار حتى وصل أول المخيم الشمالي هو لم يشعر بشيء حوله ، اغتر بذاته ، لكن ما عرفناه فيما بعد أن بعضا من النساء كن يسرن أمامه على بعد مائة متر في أزقة المخيم لتحذير الفدائيين من قدومه ، فجأة وجد نفسه محاطا بعدة شباب ، حاصروه انقضوا عليه خلصوا منه الشنطة ، استولوا على سلاحه وجهاز الإرسال ثم اقتادوه إلى جهة غير معلومة . حدثتني أحد الشبان الذين شاركوا في العملية أنهم أخذوا القزع إلى بيت خاص خارج المخيم خوفا من فرض حصار وتفتيش ، أول ما فعلناه ، طلبنا منه خلع ملابسه قطعة قطعة وهو يقول : أنا مرة ،أنا مرة ابن مرة ، وهو يبكي ودموعه تنهمر حتى وصل إلى الملابس الحساسة حاول التشاكل لكن ضربة عصا غليظة على ساقه جعلته يرضخ ويخلع كل ملابسه تماما ، ماذا سنفعل به الآن ، أخذناه بسيارة خاصة إلى وسط المخيم مع خروج المدارس ، أنزلناه وهو مكبل القدمين واليدين ، طلبنا منه الانبطاح التام على وجهه ، بدأ الشباب استخدام البلطات والعصي بالضرب على الرأس والساقين إلى أن تأكدنا أنه في حالة إغماء ، بالبلطة قطعنا أصابع يديه وجزءا من لسانه بالسكين ثم تركناه وغادرنا ، بعد تركنا المكان بدقائق جاءت مدرعات جيش الاحتلال الأمريكية إلى المكان وأخذوه ، لم يعد القزع يظهر في شوارع المخيم ، لماذا لم تقتلوه ؟ القتل ليس مفيدا هنا ، حتى يبقى عبرة لغيره من جنود الاحتلال ومن يتعرفون عليه في مكان سكناه . كتبت إحدى الصحف الاحتلالية أن جنديا أصيب في حادث طرق بين اسدود ويبنا فقد الوعي ونقلته مروحية الى المستشفى .
من بداية إلقاء القبض عليه يبكى ويقول : رجعوني لأهلي والله ما أرجع غزة تاني ،سأعود إلى بلدي الأصلي هناك أهلي ، سأرجع إلى رومانيا .
في العام 1970 رآه أحد أبناء المخيم ذات يوم في شارع يافا الكبير وهو يبيع سجاير وكبريت على بسطة صغير مكتوب عليها بالعبرية ، خذ ما شئت و ضع الفلوس هنا ، يجلس على كرسي إعاقة أمام البيت الذين يطلقون عليه بيت رومانو ، وأنا أطيل النظر إليه اصطدمت برجل يرتدي زيا عربيا يافيا ، أهلا يا خال ، أشرت إلى الشخص القعيد على الكرسي، فهم خالي أنني أشير إلى بيت رومانو ، همس في أذني بيت رومانو بنته عائلة يهودية قادمة من رومانيا في أواخر عهد العصملي ، بنته بأموال الصندوق الصيوني اليهودي ثم صار مركزا لنشاط الحركة الصيونية .
..