بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّبت رنين الشلبي (أخت الأسير عنان): ” اشكرك استاذنا الكريم على هذه الزيارة وجهودك الجبارة لرؤية أبطال خلف القضبان والتي بكلماتك المعبرة وصفت اخي الغالي عنان بأجمل وصف وكأنك تعرفه منذ الطفولة فهو الطفل الرجل البطل الشجاع الاسير المناضل عنان شلبي سيد الطيبة والبراءة صاحب القلب الحنون ذو العيون البراقة. انه اخي وصديقي، انه رفيق الدرب والطفولة هو من لازمني طفولتي وريعان الشباب إلى أن سهل الله أمره. افتقدته وكأني افتقد قطعة من روحي بكيت طوال واحد وعشرين عاما خلف هذا الزجاج كلما زرته وهمّ بالرحيل عن شباك غرفة اللقاء والانتظار. إنك استاذي اوجزت فأصبت. لك كل التحية والتقدير ومع ألف تحية لأسرانا ومسرانا وإلى اللقاء في يافا وحيفا وعكا مع أبطالنا إن شاء الله”.
وعقّب الصديق مفيد الشرباتي: “إن شاء الحرية جاية جاية، وموعدنا بلكونة الحرية بحيفا، الوعد والملتقى. جهودك مباركة فيلقنا حسن ودمت مناصراً لأسرانا”.
أما الصديق عبد الكريم زيادة فعقّب: “كل الاحترام للأسير عمار الزبن وكل رفاق وأخوة ومجاهدي الأسر وبوركت جهودك والعائلة الكريمة الزوجة والبنات والأحفاد لاهتمامكم ورعايتكم وانخراطكم في قضايا الاسرى ودعمها.”
“ ظمأ ما بعد الارتواء“
بعد لقائي بحسام وجمال صباح الثلاثاء 18.04.2023 في سجن نفحة الصحراوي أطلّ الأسير عنان زاهي عبد العزيز الشلبي بخطى متقافزة، مبتسماً ابتسامة مشرقة ساحرة، ضحكته من الذان للذان، وبدأ بالتعبيط والتبويس عبر الزجاج الباهت؛ لم أتخيّله بتلك البراءة الطفولية رغم عتمة الزنازين طيلة السنين العجاف؛ بادرت بسؤاله عن تطويل ذقنه فأجابني بعفويّة قاتلة “اللحية من يوم وقعة الحجّة!”.
أخبرني أنّ مسيرة “رنين القيد” شريط يلازمه ويدور في مخيّلته كلّ الوقت، من المخطوطة عبر النسخة الورقية، وصورة الغلاف على بلكونة الحريّة الحيفاويّة، وحفل الإشهار في عسكر، وندوة مناقشته في “اليوم السابع” المقدسيّة، وحفل الإطلاق في إربد، وحفل التكريم والإفطار الرمضاني في مركز يافا الثقافي في مخيم بلاطة، وعمالقة الصبر ولقائنا اليوم.
يعمل على كتابة “ظمأ ما بعد الارتواء”، مرّت عليه أحلى سنوات الأسر، فتحت له إُفق جديد، ورايح باتجاه العاطفة.
حدّثني عن صديقنا أحمد العارضة وعلاقته به منذ “روضة الشروق”.
لك عزيزي عنان أحلى التحيّات، إلى حين نلتقي على شاطئ حيفا لنتجوّل معاً على رماله.
“يحيى ودلوّلة”
بعد لقائي بحسام وجمال وعنان في سجن نفحة الصحراوي أطلّ الأسير عمار عبد الرحمن عيسى الزبن مبتسماً (متحمّم، وحالق ومزبّط حاله للاحتفاء بلقائي) وبدأ بالترحاب والسؤال عن زوجتي سميرة والبنات والأحفاد، والاستفسار عن مشقة السفر، وانتقل ليشكرني على إتاحة فرصة اللمّة الصباحيّة التي جمعته بحسام وجمال وعنان في غرفة الانتظار للقائي. ليتني كنت معكم يا عمار!
حدّثني بلهفة عن اشتياقه للحفيد يحيى (ابن بيسانِه) ودلّولة سيدها وكم يتوق لاحتضانهم وإلى لمّة العائلة الرمضانيّة، وفي العيد نهاية الأسبوع.
أخبرني عن يوميات الصديق عمار عابد، والبوسات التي وصلته منّي، وعن الفورة وطقوسها.
تناولنا دراسته الجامعيّة للدكتوراه، وأبحاثه، ووثيقة حماس السياسية 2017 والبند 20 خاصّة، ووعدته بتحويل الاستمارة البحثيّة للأصدقاء؛ المحامي علي أبو هلال والدكتور عبد الحميد صيام.
حدّثني عن علاقته بالصديق رائد الشافعي، وأخبرته بالاستعدادات لإشهار روايته “المعبد الغريب” تزامناً مع ذكرى النكبة في جامعة خضوري فانبسط كثيراً وطلب منّي مباركته باسمه وباسم زملاء الأسر في نفحة.
لك عزيزي عمار أحلى التحيّات، إلى حين نلتقي قريباً في حيفا، وسيكون يحيى ودلّولة وجميع أفراد العائلة بانتظارك.
الحريّة خير علاج للأسير.
حيفا نيسان 2023
___________________
الهوامش
[1] الأسير عنان الشلبي، أُعتقل يوم 21 آذار 2002، حكمت المحكمة العسكريّة الإسرائيلية بحقّه بالسجن المؤبد. [2] الأسير عمار الزبن ، أُعتقل يوم 11 كانون ثلني 1998، حكمت المحكمة العسكريّة الإسرائيلية بحقّه بالسجن المؤبد 27 مرة.