إشهار تكريمي، تحت رعاية بلديّة الطيبة والاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين – الكرمل 48 – المؤرّخ طيّب الذكر صدقي إدريس ومؤلّفُه “الطيبة بنت كنعان” كلمة الأمين العام للاتحاد سعيد نفاع

المؤرّخ طيّب الذكر صدقي إدريس ومؤلّفُه “الطيبة بنت كنعان”

الطيبة 3 آذار 2023 إشهار تكريمي، تحت رعاية بلديّة الطيبة والاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين – الكرمل 48

كلمة

الأخوات والأخوة

لا يسع المرءُ أن يقف هنا مكرِّمًا مبدعاً آخر من الكثر من مبدعي أبناء شعبنا “الطيّباويّين” الأحياءِ منهم والأموات، وهي ليست المرّة الأولى لي، فكان قبلها طيّبو الذكر الشاعر محمود الدسوقيّ والكاتب عبد العزيز أبو أصبع، ومؤخّرا الأديب عبد الرحيم الشيخ يوسف يطول عمرُه هانئًا، لا يسعُه أن يفعل ذلك دون أن يعرّج على راعي هذه الوقفات الثقافيّة؛ رئيس البلديّة الزميل شعاع منصور ولجنة الابداع الى جانبه، ليقول لهم وفيهم قول امرئ القيس لِمَن عاونه في معركته: “وما يجزيك منّي غيرُ شكري إيّاك!”.

فعملُنا الثقافي في ظروفنا نحن الأقليّة العربيّة الفلسطينيّة في بلادنا، لا شكّ معركةٌ قاسية في وجه الأعداء، وفي وجه خوارجَ عن الصفوف من بين ظهرانينا، وبلديّة الطيبة برئيسها متصدّرةٌ في هذه المعركة. ونحن كحركة ثقافيّة تخوض معركة شرسة ضدّ أعداءِ ثقافتنا شرّفنا التعاون مع البلديّة ويشرّفنا.

لم يُقيّضْ لي أن أعرف المرحومَ الأستاذ صدقي إدريس صاحبَ هذه الأمسية المميّزة شخصيّا، ولكن وكما جاء في إنجيل متّى الإصحاح ال7 الآية 20: “من ثمارهم تعرفونهم. هل تجنون من الشوك عنبًا، أو من الحسك تينًا”؟

وفي القول الشريف الذي رأت العائلة في نفثتها مقدّمةً للمؤلّف أن تعتمدَه: “إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلّا من ثلاث، صدقةٍ جارية أو علمٍ يُنتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له”.

وإن لم أعرفْه شخصيّا ولكن وعلى ضوء ما تقدّم فقد عرفته أوّلًا في كريمته الدكتورة غادة إدريس مصاروة، صاحبةِ حقوق النشر لهذا المؤلّف، عرفته فيها عضوًا في الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينييّن – الكرمل 48 الشريك في رعاية هذه الأمسية، ثمرًا صالحًا لأصل صالح.

وعرفته ثانيًا في الصدقة الجارية، والتي كتبت فيها العائلة، “فإنّنا نأمل أن هذا المجلّدَ الذي بين أيديكم يُكتب عند الله كصدقة جارية في ميزان حسناته.”.

مررت على هذه الصدقة مرورًا سريعًا بجلّ عناوينها وكم ليس قليلًا من نصوصها ووجدتّني أمام ثمرة طيّبة لشجرة طيّبة. واهمّ ما لفت نظري هو إضافةُ “بنت كنعان” لاسم الطيبة، فرحت أذرع الكتابَ جيئة وذهابًا أفتّش عن كنعانَ فيه، فوجدت:

_ تكتب لجنة الابداع ص25: “وأرجع (المؤلّف) تأسيسَ الطيبة إلى الكنعانيّين، ومن هنا جاءت تسميتُه لسلسلة مؤلّفاته عن الطيبة تحمل: “الطيبة بنتُ كنعان”.”

_ ويكتب المؤلّف في الاهداء في الجزء الأوّل ص29: “إلى كلّ شجرة و … و … نبتت ونمت على ثرى طيّبتنا الحبيبة وريثةِ كنعان.”.

_ ص36 يُعنون النصَّ ب-“أجدادنا الكنعانيّين”، ويفتتحه شعرًا:

أهداب حبيبتي كرمةُ — عنب طيباويّة

وجديلة أمّي — أغنيةٌ فلسطينيّة

وأبي فلّاحٌ كنعانِيْ — للأرض المعطاءِ هاوِيْ

ويحبّ الأرضَ وأمّي والأولادَ — ويحبّ عيونَ الحريّة

_ص 172 يفتتح الجزء الثاني بالإهداء:

إلى روح أبي الفلاح الكنعاني.

إلى كلّ الكنعانيّات الحرائر في بنت صعب اللواتي وقفن وقفة الرجال إلى جانب أبطال هذا البلد عند الملمّات يوم … ويوم… ويوم اندلعت الثورة الكبرى في ال36 … ويوم هبّ رجالها لنجدة الطيرة عند مهاجمتها. (1948)

_ص 348 يعود ويهدي الجزء الثالث هكذا: “أهدي هذا العملَ المتواضع… لأمّنا طيّبةِ كنعان.”

_ ويعود مرّة أخرى في الجزء الرابع ص539 ليسأل: “لماذا بنى أجدادنا الكنعانيّون الطيبة في هذا الموقع؟

ويكتب ص 541: “يمكننا أن نقرّر إنّ هذا القطاعَ كان مأهولًا بالسكّان منذ الألف الرابع قبل الميلاد”. ويضيف:

“والكنعانيّون العرب… كانوا ساميّين قدموا من الجزيرة العربيّة وسكنوا بلادنا، أمّا ادّعاءُ بعض الباحثين الذين يدّعون عكسَ ذلك فهو محضُ افتراء وليس له أيُّ سند أو دليل تاريخيّ.”

في خلاصته الأخيرة هذه بيت القصيد!

الأخوات والأخوة

نحن الفلسطينيّين نعيش أزمةَ رواية في مشهدٍ شرسٍ من صراع الروايات حول الأحقيّة في بلادنا، فلسطين، ما بيننا وبين الحركة الصهيونيّة. والقضيّة ليست الروايةَ في مقابل الروايةِ في الكثير من المشاهد، وحين يكون ذلك فهذا سهلٌ. القضيّةُ حينما تتماهى الروايات بيننا، وقضيّة القضايا حينما يكون هذا التماهي في صالح الرواية الصهيونيّة.

المثالُ البارز والصارخ في هذا السياق هو؛ الروايةُ حول جيش الإنقاذ ودورِ هذا الجيش في النكبة عام ال-48 (بالمناسبة الكاتب ص81 يشير إلى هذا الجيش منصفًا)، والروايةُ حول العرب الدروز ودورِهم في المشهد الوطني الفلسطيني ما قبل النكبة وبعدها.

فبماذا تختلف روايتُنا عن روايتهم في هذين المشهدين؟!

ليس أنّها لا تختلف وإنّما تتماهيان كليّة، فما يقوله ابن تل أبيب وابن الطيبة وابن بيت جن هو نفس القول، ولشديد الأسف هو قولهُ هو ابن تل أبيب؛ الرواية الصهيونيّة.

هذا الأمرُ يسري على كنعانيّتنا، فالحركةُ الصهيونيّة تنفي عنّا كنعانيّتَنا كليّة، ولعلّ لنا المثالَ الفاقع فيما جاء في خطاب نتانياهو عام 2009 في اعترافه بحلّ الدولتين والمشهور بخطاب بار إيلان. فقد عرض الصراع وكأنّه بين اليهود العريقي الوجود لآلاف السنين والعرب حديثي الوجود ل1400 سنة، وما يترتّب على ذلك من أنّ البلد بلدُهم وهو (هم) يتفضّلون علينا باقتطاع جزء لنا منها نحن الوافدين قبل 1400 سنة.

هنا تكمن الأهميّة القصوى في كتابِ أمسيتنا وتأكيدِه على كنعانيّة الطيبة وبالتالي كنعانيّتنا، وهي، أيّ الأهميّة، أبعد كثيرًا من الطيبة وأهلِها وكلّ أوجه حياتهم التي غطّاها الكتاب بتوسّع، هي القضيّةُ الأمّ والأساس؛ القضيّة الفلسطينيّة والحقّ على أرض فلسطين.

طاب ذكرُه… وطابت ذكراه وذكرى الطيبة عربيّةً كنعانيّة!

سعيد نفّاع

3 آذار 2023م

صدقي إدريس الطيبة بنت كنعان (1)

 

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*