متنفَّس عبرَ القضبان (71) – حسن عبادي/ حيفا

 

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛ 

عقّب مفيد الشرباتي من الخليل: ” آخ بس يعني شوف وين وصلنا ؟! ياسر بيطالب في دوبير لقسم ثلاجات الشهداء !!وناصر عاوز رابطة_كتاب_السجن!! وقيادتنا وفصائلنا ضاربها فيروس الإهمال الوطني حول قضية الأسرى؟! لا يا عزيزي احنا بنطالب بحرية اسرانا ومن الآخر احنا اولادنا يروحوا.  لك عزيزي حسن كل الحب على جهدك الرائع”.

وعقّب مجدي سالم من غزة: ” كل الاحترام والتقدير د حسن على جهودكم الطيبة والجبارة في الحفاظ على أدب الحركة الأسيرة من الضياع وحفظ ارثها ونشره وهناك تصور مسبق لدينا للتوقيع والاشهار في رام الله إن شاء الله جاهزين على غرار اشهار غزة“.

وعقّبت الكاتبة الصديقة أسماء ناصر أبو عياش: “راااااائع أنت وما تقوم به أخي وأستاذي حسن. رائع عنوان الديوان وأتمنى أن أحوز على نسخة من إبداع الحر العظيم نادر صدقة“.

شمس العُقاب”  

غادرت حيفا السادسة صباح الأربعاء 28 كانون أول 2022 متجّهًا إلى سجن ريمون الصحراوي، يرافقني الصديق مصطفى نفاع، للقاء أسرى يكتبون، وبعد لقائي بياسر الشرباتي وعبد العظيم عبد الحق التقيت بالأسير ناصر جمال موسى الشاويش [1].

كان فرحًا لمفاجأة اللقاء، وحدّثني بلهفة عن ديوانه الأخير “أنا قلت لي” وإشهاره في غزة ومشاركتي الحفل، وإمكانية إطلاقه في الضفّة الغربية، وكذلك عن ارتباطه بفاتن والجاهة والخطوبة وكتب الكتاب.

أخبرني عن لقاء الكتّاب الأسرى في قسم 8، والتنافس الثقافي الإيجابي وظاهرة “حسن عبادي” على حدّ قوله.

تناولنا فكرة إقامة “رابطة كتّاب السجون” تشمل كلّ الأطياف من وحي كتاب “الكتابة على ضوء شمعة” الذي وصلهم مؤخّرًا وأهمية مختبر سرديّات لمراجعة كتابات الكتّاب الأسرى قبل النشر وضرورة إيجاد حاضنة لأدب الحريّة، خاصّة وأنّ تكلفة الطباعة ومصاريفها تثقل على الأسير الكاتب.

تناولنا مشروعه الثقافي الأدبي، طباعة نسخة ثانية من ديوانه “للقيد ذاكرة وخنجر” وديوان عشق وغزليّات بعنوان “شمس العُقاب”.

فهمتك وما تفهّمتك”  

التقيت الأسير نادر صالح ممدوح صدقة [2] ساعات الظهر، مباشرة بعد لقائي بياسر، عبد العظيم وناصر، تصافحنا مطوّلًا عبر الزجاج، وأوصلته سلامات زوجتي سميرة وجيفارا ليبدأ تقييم اللقاء اليافاوي لإشهار ديوان “خلل طفيف في السفرجل” لصديقنا أحمد عارضة، حيث كان له دور كبير في إنجاحه، وكلمته التي ألقاها نيابة عنه الفنان التشكيلي جميل عمرية، ملخّصًا “فهمتك وما تفهّمتك” وباغتني قائلًا: “أنت كثير على هالزمن”.

سولفنا عن أم عسكر واشتياقه لاحتضانها وأخبرته عن محادثتي مع فداء بطريقي للقائه.

بدأ الأسر يصعبّ من يوم ليوم، لم يتوقّع في حينه أنّه سيبقى كلّ هذا الوقت خلف القضبان، والقادم أصعب.

خلاصة تجربته في رحلة الأسر الشاقّة ونصيحته لي: “لازم نحطّ إجرينا بخبابيصها”.

كان غرامشي حاضرًا بيننا؛ ومقولته السرمديّة “تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة”.

كان اللقاء مثيرًا وثاقبًا وأنهاه بابتسامة متفائلة: “الواقع رمادي والإرادة شجرة خضراء”. تواعدنا بلقاء قريب في حيفا.  

لكم أعزاءي ناصر ونادر كل التحايا، والحريّة القريبة لكُم ولجميع أسرى الحريّة.

 

                                                                                حيفا/ كانون أول 2022 

الهوامش

[1] الأسير ناصر جمال موسى الشاويش، أُعتقل يوم 02.06.2002، حكمت المحكمة العسكريّة الإسرائيليّة بحقّه حكماً بالسجن المؤبد 4 مرّات.

 [2] الأسير نادر صالح ممدوح صدقة، أُعتقل يوم 17.08.2004، حكمت المحكمة العسكريّة الإسرائيليّة بحقّه حكماً بالسجن المؤبد 6 مرّات و38 عامًا.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*