أضواء على كتاب البطل  المجاهد صياح نبواني كتاب من الثورة السورية الكبرى الى الاستقلال مذكرات ووثاق المجاهد صياح النبواني بقلم – مالك صلالحه – بيت جن

كثرة هي الكتب التوثيقة التي صدرت ..ولكن قلة منها تحمل الصدق والمصداقية في نقل الوقائع والأحداث..وذلك يعود ان المؤلفين او المولف لم يكن شاهدا عيانا على ما جرى ..وانما نقل ودون ما وصل اليه من وثائق او ما تناهى الى اسماعه ممن عاينوا او شاركوا في الاحداث ..اذ ان كل منهم كتب من زاوية ورؤيا تختلف عن نظيره من المؤلفين حول نفس الموضوع ..

قام بمراجعة هذا الكتاب ورافق ولادته الدكتور فندي جدعان من مواليد نجران في السويداء.

وعضو الهيئة التدريسية بجامعة دمشق كلية الاداب قسم التاريخ ..

وها نحن اليوم. بصدد هذا كتاب بغاية الصدق والمصداقية ..اذ ان من كتبه هو شاهد عيان عاش وعايش  احداث ومعارك الثورة العربية السورية الكبرى ..التي تولى قيادتها المغفور له المرحوم سلطان باشا الأطرش ضد الانتداب الفرنسي الاستعمار البغيض  تحت ستار الوصاية ..الا انه  اذل السكان الذي تحت وصايته ولم يأبه بتقاليدهم وعاداتهم وكرامتهم  وعاثوا فسادا في الأرض ..وكان نصيب سكان جبل الدروز ان ذاقوا الامرين منهم .اذ حاولوا النيل من عزتهم وعنفوانهم حتى بلغ السيل الزبى ..

عندما قام ثلة من الجيش الفرنسي باجتياح حرمة بيت سلطان باشا الأطرش واقتادوا دخيله ادهم خنجر  للاعدام ولم يقيموا وزنا لطلبه بالافراج عنه اذ ان عملهم يعد إهانة له حسب العرف والتقاليد  المحلية لدى أبناء بني معرووف ..فثارت ثائرته  وهاجم قافلة الجند المعتدين ..وكانت هذه انطلاقة الشرارة الأولى للثورة ضد المستعمر الفرنسي..لتشتعل نيران الثورة وتنتشر الى باقي المناطق في سوريا الكبرى لتصبح ثورة شاملة وعامة ضد الاستعمار الفرنسي البغيض ..وكان ما كان.

وكان من بين الابطال الذين رافقوا سلطان في النضال والمعارك التي قادها المجاهد البطل المغوار صياح النبواني ..حيث دوّن  الاحداث في مذكراته يوما بيوم وساعة بساعة بكل امانة ودقة .لتقوم ابنته السيدة منيره صياح النبواني من بلدة ام الرمان النائية والدانية حبا للوطن.

فكان حلمها بعد رحيل والدها ان تحفظ مذكرات والدها  البطل بين دفتي كتاب حتى لا تضيع..وتكون شاهدة على العصر..فحاولت بعض الصحف الفرنسية والبريطانية والبعض من مثقفي بلدها بتقديم عروض لشراء المذكرات بمبالغ كبيرة ..الا انها كانت ترفض في كل مرة وتقول:

” أنها جزء مني لا يمكن أن أبيعها .. وإذا لم يقيّض لي نشرها .. تبقى لأولادي من بعدي يكملون ما بدأت”

الا انها قررت أخيرا طباعتها بين دفتي كتاب بدعم من اسرتها خاصة “اخيها يوسف وابن عمتها الغالي يوسف سلمان علي النبواني .. صاحب الفضل الكبير في تمويل هذا العمل .. وقد قدم الدكتور فندي أبو فخر خبرته وعلمه ووقته الثمين في ضرورة توثيق الذاكرة الجماعية الموصلة ابدا بمستقبل وما آلت الأحداث “..حيث  وفِّقت أخيرا فخرج هذا الكتاب القيّم تحت عنوان ( من الثورة السورية الكبرى الى الاستقلال ..مذكرات ووثائق المجاهد صياح النبواني ) فصدر الكتاب بحجم كبير ضخم وبطباعة انيقة وبعدد 536  صفحة ..

اذ جاء في الافتتاحية شرح عن عائلة نبواني والمجاهد صياح النبواني (1906- 1983)

التي يعود اصلها الى عائلة برغشه  التي عاصرت فترة المحنة زمن الدعوة والتي قادها سكين وابي جمعة  والتي قمع شوكتها الأمير معضاد ..اذ اودع سيفه لديها ..وكان لها الشرف في مقارعة ظلم القوات العثمانية الغاشمة..اذ دعمت المؤلفة كتاباتها بالوثائق التي تضيء رحلة العذاب في النضال والمعارك والعيش في قسوة المنافي في بادية الأردن والنبك ووادي السرحان..

كل ذلك تحمّل والدها المرحوم صياح برفقة القائد سلطان ورفاقه مختارين( العيش تحت اشعة الصحراء المحرقة ولياليها الباردة والمظلمة ورياحها العاصفة مرددين قول شاعر العرب أبو الطيب المتنبي :

إذا غامرت بشرف مروم   فلا تقنع بما دون النجوم

فطعم الموت في امر صغير   فطعم الموت في أمر عظيم

يرى الجبناء أن العجز عقل  وتلك خديعة الطبع اللئيم )

فكان للمجاهد دوره البارز ..اذ كان اليد اليمنى للمرحوم القائد سلطان الأطرش وامين سره ورفيقه المخلص الأمين .” وكان موضع  ثقة عطوفة القائد العام للثورة سلطان الأطرش وقادتها واركانها”.الذي دون يوما بيوم وساعة بساعة أحيانا كل الاحداث التي جرت بامانه وصدق فجاء في نص  المذكرات حيث كتب المجاهد البطل صياح النبواني بقلمه ما يلي :

” بعد التوكل على الله تعالى .. أبدأ بتدوين مذكراتي المتراكمة طوال مدة قضيتها بين امال وآلام .. شأن كل انسان معذب على وجه هذه البسيطة ..لأن الاحداث جسام.

وبعد أن ضعفت المقاومة في الجبل وتغلّب الفرنسيون علينا بتجنيدهم قوى من أبناء البلاد .. وصارت مقاومتنا لأببناء بلدنا ..فضلا عن الجنود المغاربة والمراكشيين والجزائريين والتو نسيين والسنغال والكميرون ونزحنا الى الأزرق ..فاستقبلتنا الحكومة الأردنية  بالترحاب (بادىء الامر) ثم لعبت سياسة الاستعمار الإنكليزي – الفرنسي ..تغيرت الأحوال وتبدلت الأمور ذاك الحين..

وإنني لا ادّعي رؤية ومعرفة كل شيء في معركة تمتد عدة كيلومترات .

سائلا المولى سبحانه أن يسدد خطانا ويبعدنا عن الخطل والزلل .. والله من وراء القصد.”

من مذكرات الخميس 16 تشرين الأول 1967 .”

فكتبت المؤلفة وجامعت مذكرات والدها .. عن المرحلة الأولى التي ضمت قائمة المعارك الهامة ضد المستعمر الفرنسي كالكفر وتل الخروف ورق الصخر والمزرعة ثم العادلية والمسيفرة التي يشيب من شعرالأطفال لهولها..

ثم اتبعتها بالمرحلة الثانية وهي مرحلة النفي من الأزرق الى النبك الى وادب السرحان .. ووثّقت رحلة العذاب والألم والجوع ..ثم تُتبعها بالملاحق المختلفة من مذكرات حمد نبواني وهايل نبواني وغيرها

ولم تنس المؤلفة ان توثّق الحياة الاجتماعية في محافظة السويداء من عادات وتقاليد لا زالت حتى يومنا هذا.. كالمعارف والقضاء العشائري وعقد الراية والعطوة والديّة والنخوة والفزعة والبيرق والراية والوساقة.. ثم تُردفها بفصل عن ملامح الحياة الاقتصادية والجغرافية للجبل..مساحته ومياهه ..واخيرا تكتب وترفق ملحق خاص في رثاء والدها المجاهد المرحوم البطل صياح النبواني ..

وفي الخاتمة تضع ملحقا يتضمن ملحقا قيّما من الوثائق الشاهدة على تلك الفترة يصل عددها الى 21 ..

ثم تنهي الكتاب بمصادر البحث التي اعتمدتها من مذكرات منشورة وغير منشورة..

وأخيرا اترك للقراء فرصة اقتناء الكتاب للإطلاع على كتاب  في غاية الأهمية  لما جاء فيه ككتاب شاهد عيان على تاريخ مُشّرف.. كان المسمار الأول في نعش الاستعمار الفرنسي البغيض ورؤية فجر الحرية والاستقلال الذي سطّره  2331 من شهداء الجبل بينما قدمت سوريا كلها 1882  أي ان الجبل قدم اكثر من نصف الشهداء في الثورة . شهداء الجبل  الابطال الذين سطّروا اروع  ملاحم البطولة واذلّوا  جيش الامبرطورية الفرنسية باعتراف الرئيس ديغول الذي صرح : ” إن العشيرة المعروفية من اشرف العرب واكرمهم ..بيوتها ومضافاتها فنادق مجانية ومقاهي مجانية ..انها تحب الحق وتموت في سبيله .لا تتعدى على احد..ولا تنام على ضيم .تحمي بالدم وتبذل الغالي والرخيص فداء كرامته..وحمايته واجب مقدس عندها الضيف والدخيل  …عاداتها… وتقاليدها من اشرف العادات ..

حاربناها لكنها هزمتنا . ولم يُذّل الجيش الفرنسي إلا امام العشيرة المعروفية فقط.. رغم كل الانتصارات التي حققها في اكبر المعارك المصيرية – المؤرخ الفرنسي بوجي سان بيير ”

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*