عندما تمددت أمي طريحة الفراش تعاني من الألم، تأملتُ وجهها فرأيت تجاعيداً وكأنني أرى وجهها لأول مرة، فدفعني ذلك الشيء الذي في داخلي لقول:
على خدِّ أمّي
وفوقَ الجبينْ
تفوهُ التّجاعيدُ
تقصُّ حكايةَ عمرٍ عميقٍ
كعمقِ السنينْ
تُرتّبُ زهراً وتكتبُ سِفراً
وترحلُ دهراً فيطفو الحنينْ
أحنُّ إلى بيتِ أهلي القديم
وخطو أبي فوقَ صدرِ الأديم
وفي وجنتيهِ بقايا ابتسام
تعودُ إلى وجه إمّي
قناديلُ عهد الوفاء
وذكرى الشقاء وصبرُ البقاء
تراتيلُ عمرٍ بحجمِ السّماء
كلامٌ جميلٌ ولحنٌ أصيلٌ
وصوتٌ عليلٌ رقيقُ النّداء
وفي ثغرِ أمّي حروفٌ تقول
عليكَ السلامَ وهَدْيَ الرّسول
على وجهِ أمّي
تجاعيدُ عهدِ جميل
كعمرِ النّخيلِ وعَذْبُ الهديل
تجاعيدُ وجهٍ بصمتٍ بليغ
وشجوٍ نبيل
تجاعيدُ وجهٍ عليه الدّموعُ تنام
ويغفو على شفتيها الكلام
يحوّمُ ليلاً سربُ الحمام
على وجهِ أمّي سطوعُ السلام
سلامٌ عليها سلامٌ سلام