في جنازة سميح القاسم – علاء مهنّا

ما للعيونِ يَجودُ الآنَ مَنبَعُها

والقَلبُ مِنْ حُزْنهِ الأَضْلاعَ يَخْلَعُهَا

والرُوحُ تَسْكُنُها  الأَشباحُ لا عَجَبٌ

والنَفْسُ لا نَفَسٌ في الصَدْرِ يَنْفَعُها

وأَنَا فَتىً قطُّعَتْ فِي جَوفِهِ كَبدٌ

ونَكْبَتِي أَنّنَي مَنْ عَاشَ يَقْطَعُها

شَجنُ البَقاءِ كَأنْ تَحيا عَلى قَلقٍ

والرِيحُ تَحْتَكَ والنُكرانُ يَدْفَعُها

تُلقي القَصَائِدَ لا تَدري لم انْطَفَأَتْ

شَمسُ البِلادِ وَصَارَ القَبرُ يَسْطَعُها

سَميحُ يَا ثَائراً  يَشدو إلى أَبَدٍ

يا وَهْجَ قَافِيَةٍ جَادَتْ رَوَائِعُهَا

يَا حَيْدَراً حَيَّرتْ آفاقُهُ أُمَمَاً

سَقَطَتْ وَخابَتْ وَلمْ تَفْلَحْ مَطامِعُهَا

يَا حَيْدَراً حَاوَرَتْ أَحْلامُهُ بَلَداً

بَقِيَتْ عَلى وَجْنَةِ التَارِيخِ أَدْمُعُهَا

هَلْ مُتَّ حَقّاً أَمِ  الأَشْعَارُ قَدْ لَبِسَتْ

أَنْوارَهَا كَفَنَاً وارتَابَ مَطْلَعُهَا ؟

يَا قَامَةَ الشِعْرِ فِي أَعْرَاسِنَا تَرَحٌ

والحُزنُ يَقْتَصُّ مِنْ آهي وَيَقْمَعُهَا

وأَنا القَصِيدَةُ والأَنْوارُ فِي قَلَمِي

وُلدتُ أُغْنِيَةً تَحْلُو مَسَامِعُهَا

وَكَمْ حَلُمْتُ بِأنْ يَخلو بِها نَغَمِي

لَكِنَّ رُوحِيَ قَدْ قُضّتْ مَضَاجِعُهَا

فَتَشَرّدَتْ فِي صِقاعِ الكَونِ لاجِئَةً

أَحْلامُها عَوْدَةٌ والقَهْرُ وَاقِعُها

كبَرتُ مَعْ شِعركَ النَامِي إلى وَطَنٍ

صَحْرَاؤهُ خُذِلَتْ واختَلَّ طَابِعُهَا

قَطرُ النَدى قَطَّرَتْ فِي الليلِ أَدْمُعُهَا

حَنَّتْ وَغَنَّتْ وَكَمْ أَنَّتْ مَسَامِعُهَا

وَأَنْتَ مُبْدِعُها والكَونُ قَامِعُهَا

وَطُفُولَتِي خَدُّها وَالشَيبُ مَخْدَعُها

والشَنْفَرى قِبلةٌ تَخْتَالُ فِي خَلَدِي

وَعَلْقَمٌ خَطْوَتِي والتِيهُ يَجْرَعُهَا

مَواكِبُ الشَمْسِ قَدْ مَارَتْ مُوَدّعَةً

والدَمْعُ خَانِقُها  وَالوَيْلُ قَارِعُهَا

أَعْلامُها خَفَقَتْ فِي الأُفْقِ يَحْرِسُهَا

وَهْجُ الجَليلِ وَنَحْوَ اللهِ يَرْفَعُها

لِلهِ إنْ شِئْتَ أَنْ تَمضِي إِلى أَجَلٍ

قُلْ لِلسَماءِ بِأنَّ الأَرْضَ تُودِعُها

خَيرَ الأَنَامِ وَمَنْ مَرُّوا بِهَا أبداً

سَميحَها، مُبدعُ الأَوطانِ صَانِعُها

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*