بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّب الصديق إبراهيم الخطيب أبو وسيم من الشتات: “التحية الحارة لأحبابنا الاسرى رمز شموخ شعبنا في وجه الجلاد…واشد على يديك على هذا الدأب والجهد المتميز. الشهداء والاسرى في فلسطين هم اشرفنا وأصلبنا عودا..وأحبابنا الذين يتربعون في الفكر والفؤاد.. الرحمة والخلود لشهداء شعبنا. والتحية لأسرانا وراء قضبان الاحتلال الزائل بإرادة شعبنا الفولاذية…والموت للخونة الانذال.
وعقّبت الكاتبة أسمهان خلايلة: “لهذه الاماني كل الامنيات العميقة والحب اشد على يديها وانحني امام نضالها. لك اخي حسن كل التحية والتقدير كلما زرت سجينا من مناضلينا البواسل”
“ديزني لاند”
التقيت صباح الأربعاء 02 تشرين ثاني 2022 في سجن الدامون بالأسيرة المقدسيّة أماني خالد حشيم؛ تلازمها تلك الابتسامة المشرقة، وبدأت تحدّثني بشغف عن يوميّات الزنزانة والأسر.
تناولنا مشروعها البحثيّ “أضواء على مبادئ الدبلوماسية”؛ النشأة والتطوّر، القواعد والقوانين، الحصانات والامتيازات التي يتمتع بها السلك الدبلوماسي، القانون الدولي والدبلوماسيّة وحلمها أن تعمل في السلك الدبلوماسي وتمثّل فلسطين في الجزائر.
حدّثتني عن فرحتها حين سمعت المتضامنين يحتفلون بعيد ميلادها وزميلاتها بجانب سجن الدامون، هدوء تام لسماع الصوت بوضوح (شي بعني لنا كثير) وحين سماع الصوت أفضل من التلفزيون، إنّه صوت الحياة.
تفكر كثيرًا في ساعة الإفراج، ويشغلها “كيف بدّي أتعرف على ولادي من جديد؟” وتحلم بجولة في ديزني لاند باريس برفقة أحمد وآدم.
طلبت زيارة مفتوحة مع أولادها، أكثر وجع -العلاقة مع الأولاد، وبدها تحضنهم وتعرف طولهم عنجدّ.
استفسرت إذا كنت عند وعدي بالمشاركة برفقة زوجتي سميرة مناقشة رسالة الدكتوراه، وحضور حفل التخرّج، فأخبرتها أن الأمر مشروط بتخرّجها بتفوّق.
“تنهيدة موجوعة”
بعد لقائي بأماني أطلّت الأسيرة إسراء رياض جعابيص، اللقاء السابع لنا في الأشهر الأخيرة.
حدّثتني عن زميلات الأسر وظروفه، وتناولنا تفاصيل “موجوعة”؛ كولاج يشمل رؤيتها للإهمال الطبي داخل السجون، خواطر وأناشيد، ورسومات بريشتها ودور رنا عفو بشارة. لوحة الغلاف الأماميّة والخلفيّة والإهداء والشكر.
كذلك الأمر بالنسبة لتفاصيل زيارة الدكتور عبد الحميد صيام لبيت أهلها ونقل قصّتها ومعاناتها للمحافل الدوليّة.
قرأت على مسامعي “تنهيدة” بدأتها:
“برسالة عبر الزمن أرمي بها في بحر الحياة
فموجوعة كلمة تعبّر عن الألم
تُخرج كلّ أحاسيس المألوم لتخفّف عنه
بِهدهدة المكابرة
وتنهيدة المجروح المصاب بألم الاشتياق
والمتأوّه من جراح جفّت
مع جفاف فصول الخريف
الثماني التي مرّت عليها موجوعة
وهي تحت أغلال القيد
دون أن تُكسر”
تناولنا مطوّلًا مشروعها البحثيّ الجديد حول التعلّم داخل السجن وقرأت لي استمارة بحثيّة ستُحوّل للأسرى ودور راتب حريبات في البحث.
لكما عزيزاتي أماني وإسراء كل التحايا، والحريّة القريبة لكُن ولجميع أسرى الحريّة.
حيفا/ تشرين ثاني 2022