إلى أوطاني – مقبولة عبد الحليم

إلى أوطانيَ التي تنامُ وتصحو على ألمِ الجراح
من ديواني لأنك فيّ
مقبولة عبد الحليم
قُلْ لي: لماذا يُستباحُ دمُ الوجودِ
وإنهُ ما زالَ يرضعُ من ندى الأيامِ
قوتًا للحياة؟!
قل لي: لماذا ألفُ سِفرٍ
لن تجيبَ عنِ السؤالِ
فهل سنبقى نمتطي خيلَ السّرابِ
وجَنةُ الأرواحِ تنتظرُ البقيةَ
هل يا ترى ما عادَ للإنسانِ حرمةُ مكةٍ
والبيتُ فيها قد فداهُ اللهُ
بالروح الزكية؟!
آواه يا بلد الفتوحات التي شمخت بها كل المدائن
والمعابدِ
والقلوبِ الساكتاتِ على ظلمِ الجهالة
حينما بزغ الهدى
راحت ترددُ بهجةً ومحبةً
( طلع البدر علينا)
أواه كيف يعودُ الجهلُ نهجًا يا دعاة!
يجري السؤالُ على الشفاهِ بدهشةٍ
يقتاتُ منها ما يُلاقي
من ندًى يومًا تسربَ
حيث كان يؤمُّها ذاك الربيعُ المُشتهى
في الليلِ يهربُ
تاركًا ريحَ الخريفِ تريقها
آهٍ عليها
والعطاشى من بناتِ حروفِها
ذابتْ بوهجِ دموعِها
صارت قصائدَ من شَجَنْ
قل لي: لماذا!؟
واستبحْ كلَّ المعاني
علَّنا يومًا نعانقُ شمسَها
فلربَّما ترضى وتشرقُ للزمانِ
وتمنحُ الدنيا قطوفًا من نهارْ
صنعاءُ: لا تتحسري
بل لملمي يا منيتي جرحَ الأماني
ضمِّدي بالملحِ والصبرِ العميقِ حبيبتي
لمَّا شهقتِ حرقتِني
والآهةُ الحرَّى ترفرفُ قد كواني جرحُها
يا ليتَ روحي في رؤاها مزنةٌ
يا ليتَها غيثٌ
لتغسلَ كلَّ هاتيكَ الدماء
فجرًا تجلِّي في السماءِ
وبدرُك الغافي على كتفِ الغمامِ
تُهامسُ حلمَهُ النجماتُ كي يأتيَ لها
ويعانقَ الأشواقَ
يا أملَ الأحبةِ: كيفَ صار السعدُ دمعًا
كيف صار الجرح من سهم الحماة !
هيا فيوسفُ قد وفَى
بالوعد لما قد هفا
واشتمَ ريحَ العائدينَ وقال:
هيا فاملؤوا ذاك الصُّواعَ
فإنني واللهِ قد خفقَ الحنينُ بأضلعي
يا مصرُ هل يقسو الفؤادُ على الفؤاد!
يا مصرُ يا أرضَ الجِلاد تشجعي
هيا نضمِّدُ جُرحَنا
ذاك الذي قاحت دماه وأجهشت
لما يعادي الخل يومًا خلَّه
ماذا تبقى أنت يا أم الدنا
هل قد تبقى من حنين قد يلّم الأقربين
لترتقي بهم الحياة
وجع العراقِ يبيح للسهم المقيت بأن يغوص بخافقي
هل قد ذوى النخلُ الذي من نهرِ دجلةَ يرتوي
ماذا؟ وأهلي قد رووا جذر الفسائلِ
والثرى دمهم فرات !
وشآمِنا باتت تنوح على خدود الزهر
دمعًا قد تلظَّى
حينما ذبح البنفسج روحه
يا ياسمينًا قد ذوى
ماذا وقد “ردح ” الغزاة
أو تونس “الخضراء” قد بهت اخضرارًك
فالمسي مزنَ القلوب
وضمخيها بالسنا والدفء حتى تنتشي بل
مرري الأمجاد من فوق العباءات القديمة
سوف يمضي ظلمها
وظلامها
وتفج أنوار المدائن
والمآذن حين يُهتف للصلاة
دمعًا “
وليبية  المختار تلعق جرحها
أو ما تبقى من سمو في سماها
من شموس تنثر الأنوار في كل الجهات ؟
لما تناهى الصوتُ للمسرى أنينًا
مارت الأمداءُ من وقعِ المصيبةِ
غزةٌ ثارت ودارت
والدنا غصت بأصوات الفجيعة
ما بنا قل لي
وقد جشعت عيون في المدى طمعت
وأغراها بنا من ضعفنا روح الثبات
ماذا أقول
وكل أوجاعِ الأحبةِ تستبيح مدامعي
وقصائدي تبكي على عثراتها
وهي التي دومًا تماهت في تراب الأرض
بل عشقته
والتحمت به
حتى بدت في وجهه الغالي سمات
قل لي فهل نبقى على وقعِ الأنينِ
نشيجُنا يقتاتُنا وتموت فينا الكبرياء!
أم نُسْرِجُ الخيلَ الأصائلَ
ثم نمضي؟!
عزةٌ تجتاحُنا يا خافقي
وتقودُنا نحو السماء؟!

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*