تأملت ذات قهر بذلك الحّيز من الفراغ، وذلك الوضع منالرواغ، بتلك العقلّية المهتّزة وذلك التفكير المتحّرك والتيتدعى ” كرسي ” القرار. وقفت احتراماً وصمتّ تبجيلاً لنفوذهذا الجماد، وأكبرت فيه هذه القدرة والاستطاعة الفائقة علىتلوين الضمائر، واستعباد الحرائر، بألوان التسلّط والحيف،للمقيم والضيف، وبأخرى تفوق ألوان الطيف، وإن ظهربالخريف أو بالصيف، وبثالثة تسلب الرشد، من كل ذي عقلوخلد، وإن كان صوريّ أليف، وبرابعة تشعل في المبصرينقناديل الكفيف، وإن كان في ظلام طفيف.لله درّه من فنان بلورة، حذق النظرة، ذائع الشهرة، متعددالوسيلة، متلّبس بالفضيلة، في زرع كل هيبة في تلك الأجسادالخاوية، إلا من مناقير الشفط وخراطيم الضغط وملاعقكبيرة، لبلع كل وليمة أو وكيرة، وهضم كل مسيّر وخنق كلحساب، وليخسأ كل عقاب.مسكينة أنت أيتها الفضيلة، فأنت محاربة على أية حال، فمن نُفِخت فيه روح المسؤولية، حتى وإن كانت بأنفاسرديئة، يصبح أول الطاعنين، ومن زرعت فيه بذراتالأمانة، ُيسّمى أول القالعين.
ليت المصيبة تقتصرعلى نفخ الكروش، بما لذّ وطاب من القروش، و” نبذ ” كل غشّ مغشوش، بل الأمر يطول ولا يقصر عند تلك الإرهاصات والتشنجات والتخبطات في سمو القرار، أو في دونية الإصرار . فلكَم سمعنا عن ويلات الضعاف، وحسرات العفاف، وأنين النحاف، من جرّاء قرارات جائرة، وتسلطات قاهرة، من أولي المقاعد الوثيرة، والنفوس الشريرة، ولِكم تعست مبادئ وتورمت ِقيم بل تقهقرت ونزفت ولا مجيب لزفراتها، بل الأدهى قيل: أتركوها لحالها، فإنها في كتب المبادئ مسطورة، وعن قلوبنا وضمائرنا مستورة، فكيف تأمن من “خان”، ولمصالحه الفردية قد صان، هل أنتم للقوى التي من إطارها شاردة، ململمين ومحتضنين كل وارد وواردة، هل أنتم ملجأ للأعضاء، ولكل من عن شركائه ناء، هل توحيد القوى هو الذريعة، أم ترك المبادئ جريحة صريعة، أصبح لكم اليوم شريعة، لقد أصبحتم تتبعون المصالح، وقبوله حتى وإن كان مرّ مالح، هل شغلنا الشاغل تكثير الأعضاء، والتغاضي عن الإخلاص والعطاء، لقد ملّت نفسي العتاب واللوم، وأكاد أسقط في بحر من النوم، ولكم سقط العدل مغشيّا عليه، ولكم ديس الحق بخُفّيه أمام نواظر ذلك الأخرق، وهو ممسك بساطور تلطخ بدماء فلذات كبد الُنبل والحق والعدل والقيم والمبادئ والاستقامة والطهر والنقاء . ما لك تتأرجح وتدير ظهرك المحدودب نحو لسان صدق أراد نقاءك وصفاءك ووفاءك؟! هل ضمنت طول السلامة، أم معك دون البشر ” حصانة “، أم أنت ممن على رأسه علامة ؟!
تبا لك يا قلمي، فلست بأول المكتَشِفين، ولا بآخر المصفوعين، ورغم البون الشاسع، والفرق الواسع، والسبب الرافع، والذل الواضع، الأول والأخير، تبقى تسعى وتركض حتى تلهث، ويتدلى لسانك خلف الكرسي، ولنا نحن الصبر والتأني، وطول البال والتأسي.
عمر رزوق الشامي – أبوسنان