قصائد – تفاحة سابا

“لا بطولات في الصَّقيع”

 

رحلْتُ عنّي

وأَنا أَلهثُ بعيونٍ خرساءَ

لأَبعثَ صورةَ وجهِكَ في الذّاكرةِ

غابَتِ ابتسامتُكَ الشَّقيَّة..

ملمسُ صوتِكَ انسحبَ عَنْ رائحةِ جسدي..

تقشَّرَتْ كُلُّ رتوشِ الزَّمنِ عَنْ نبضي.. وبرزَتْ نتوءاتي..

لا أُحبُّها

لا تشبهُني.. دائريةٌ أنا كقصائدي

كحبّي الَّذي لا ينتهي

كلُّ الْجسورِ إِلى تلكَ الليالي تهاوَتْ

وإِليَّ أَكثر

ضعْتُ منّي

أَدقُّ أَبوابَ آباري الْقديمة

السَّحيقة..

علَّني أَنتشلُ منها سرَّ الْبقاءِ.. وأَرتوي منْهُ

فيخضرُّ قلبي.

ولا أَجدُ إِلّا هوَّةً فارغة

جافَّة

مشوَّهة

تشرَّدَتْ حنايا ضلوعي

تناثرَتْ بقعًا على بحرٍ مِنَ الثَّلجِ

لا بطولات في الصَّقيعِ

وأَنا بردانةٌ جدًا

 

“زُجاجي الْمتكسِّر”

 

سأَلتُ خيبتي الْمتناثرةَ ضبابًا،

على زُجاجي الْمتكسِّرِ

سألتُها عن فُقاعاتِ الْهوى

عن نعالِ الْكلماتِ الْواسعةِ

عندما تلطِمُ خدَّ الْبهجةِ الْمتورِّد

عندما تخبو الرّوحُ مِنها وتتَّشحُ بالْأَسودِ

سأَلتُها عنِ الْجوعِ اللامتناهي لاجترارِ الْماضي

عنِ الْعبثِ الْمتكرِّرِ في صحراءِ الْعمرِ الجّافة..

سألتُها: “لماذا ينقضُّ الْوجعُ علينا؟!

لماذا يرسمُ حدودَ اللقاءِ بيننا؟”

مقاساتُه ضيِّقةٌ جدًا

تخنقُني

هناك.. في حضنِ الْخيبةِ

تحسَّستُ الأَزقَّةِ الْمظلمةَ لغربةِ الْكلماتِ

لمتاهاتِ الرّوحِ الْباردةِ بينها

هناك.. تاهت منّي لغتي

عندما تهتَ عنّي بمفرداتِك الْفضفاضةِ

كيفَ لي أَنْ أجدَني بعدَك

وجسدي بحرٌ أَنت موجُهُ؟

هكذا اعتقدْتُ!

كيف لي وأَنتَ منَ الرّوحِ امتدادُ حروفِ الْعربيَّةِ

لعناقِ بعضِها؟

كيف لي وأَنتَ انزلاقاتُها الدَّائريَّةُ إِلى عمقِ هاويتي؟

وأَنت انتصابُها في وجهِ الْمتداوَلِ.. الْمبتذَلِ؟

هكذا اعتقدت!

فارغةٌ أَنا من لغتي..

منَ الْكلماتِ..

الْواسعةِ والضَّيِّقة..

منَ الْحروفِ..

الْملتويةِ والْمنتصبةِ..

فارغةٌ.. إِلّا من خيبتي..

منَ الضَّبابِ..

وزجاجي الْمتكسِّرِ!

 

“كلُّ شيءٍ.. أَيُّ شيءٍ”

 

أَصواتُ كلابٍ تنبحُ

لا تخيفُ النَّملةَ في مسارِها نحوَ الْحياة

أَصواتُ عصافيرَ محلِّقةٍ نحوَ مجدِها

لا تُعيقُها وسائلُ النَّقل ولا صفّاراتُها

وامرأةٌ ترعى بقرةً على حافَّةِ بحيرة

لا أَحدٌ يعرفُ ماذا يدورُ برأسِها الصَّغير؛

تفاصيلُ بسيطةٌ تطرِّزُ بها حكايةً منسيَّة

تجترُّ قلادةَ شهواتِها..

الباهتةَ.. الذّابلة

وردةً تلوَ الوردة

 

 

غصَّة!

رقصةُ حبِّ حبلى بقطراتِ الندى

حليبٌ مدرارٌ… عشبٌ أَخضر

شلالُ فيضٍ وعالمٌ أَجمل..

لائحةٌ تشيرُ إلى اسمِ الْمكانِ

احتلالٌ…!

متى غابَ المشاعُ؟!

قشرةُ جوزِ الْهندِ على الْأرضِ

تُعلنُ أَنَّ الْأَرضَ خيِّرة

معطاءة

صخورٌ عملاقة ناعمة..

نعم.. يجوز!

سوادُها يُضفي عليها جلالًا

في عرسِ الْأَلوانِ الْهندي

أشجارُ نخيلٍ عالية وأَشواك

لا توقِفُ دورانَ الصَّلواتِ في كلِّ مكان

أَعمدةٌ خشبيَّة ربَّما تفصلُ الْأَراضي عن بعضِها

تُعلنُ أَسماءَ أَسيادِها وتقولُ أَنا هشّةٌ ركيكة

ولا أَخاف

كلٌّ يؤدّي دورُه بتفانٍ

بدقَّةٍ متناهية كدقّاتِ السّاعة

وأَنا أَسيرُ وحيدةً

إلى الّلا شيء

أُراقبُ خطواتِ قدميَّ عَلى الْأَرضِ

أَتخفَّفُ من كلِّ شيء

من كلِّ خططي الْكبيرة

أَسيرُ..

كمن يتلاشى إِلى الغيمِ

إِلى الضَّبابِ

وأُصبحُ كلَّ شيء…

وأُصبحُ أَيَّ شيء..

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*