راشديّة د. نبيل طنوس النصراويّة –  حسن عبادي/ حيفا

شاركت يوم الأربعاء 06.07.2022 بالاحتفاء بمولود آخر للحركة الأسيرة؛ الاحتفاء بنطفة محرّرة كبرت ونمت ونضجت، ديوان شعر بعنوان “أنا سيّد المعنى” للأسير ناصر الشاويش.

 

وفي نفس اليوم شاركت في برنامج “على طريق القدس” الذي تقدّمه وفا سرايا على قناة الميادين الذي تناول أدب الأسرى… مقاومة من خلف القضبان.

 

وختامها مسك؛ ندوة حوارية حول كتاب “راشد حسن، ويسكنه المكان… دراسات وقصائد مختارة” للدكتور نبيل طنوس (لوحة الغلاف: الفنان الفلسطيني الراحل محمد الجولاني، إصدار جسور الثقافيّة للنشر والتوزيع والرعاة للدراسات والنشر) في مقهى ليوان الثقافي في الناصرة.

 

ليوان“؛ هو مقهى ثقافي في البلدة القديمة في مدينة الناصرة، مكوّن من بواقي منازل فلسطينيّة أعيد ترميمها، يهدف إلى إعادة إحياء السوق، يعرض أفلام ويقيم معارض رسومات وصور

وندوات ثقافيّة وأمسيات فنيّة ملتزمة ويديره الصديق سامي جبالي.

 

كتب راشد حسين:

 

الله أصبح لاجئًا يا سيّدي

                  صادِر إذن حتى بساط المسجدِ

وبِع الكنيسةَ فهي من أملاكه

                  وبِع المؤذن في المزاد الأسودِ

واطفِئ ذبالات النجوم فإنها

                  ستضيئ درب التائه المتشرّدِ

 

 

“اعرفوني كما أريد! وسأختار ما أريد وأُترجمه بنفسي!” هذا ما قاله د. نبيل طنوس في حواريّة حول الترجمة وأصولها، الترجمة عبارة عن فن وضرورة كونيّة من أجل التعرّف على الآخر وتفهّمه عبر ثقافته، والحديث عن الترجمة الأمينة، بعكس الترجمة الحرفيّة و/أو الحرة، التي تسعى للحفاظ على روح المتّرجَم ورونقه وليس الترجمة “الغوغليّة” الحرفيّة الخشبيّة أو المعدنيّة التي تُفقِد النص جماليتّه وتُشوّهه؛ تحدّث د. نبيل عن رحلته مع الترجمة ومشروعه الثقافي الذي يسعى من خلاله إلى إيصال الحرف العربي الأصيل إلى المتلقّي اليهودي دون تشويه لدحض محاولات شيطنته، ومن خلال هذا المشروع ترجم مئات القصائد من العربيّة إلى العبريّة ونُشرت في الصحف والمجلّات والكتب وبعضها يُدرّس في الجامعات.

 

 

تغنّينا براشد حسين وزرع فينا الاعتزاز والفخر بأنفسنا وبشعبنا (وأذكر أنّه كان ملصقًا إجباريّا في غرف السكن في الجامعات):

 سنُفهِم الصخر إن لم يفهم البشر

أنّ الشعوب إذا هبّت ستنتصرُ

 

ووصف د. نبيل “علاقته الشخصيّة” براشد حسين، فحين كان طالبًا في الابتدائية حصل على كتبه، قرأ أشعاره، وما زال يحتفظ بتلك الدواوين من خمسينيّات القرن الماضي ممّا جعله يترجم قصائده وحفّزه على هذا الإصدار وبصدد إصدار كتاب مترجم من أشعار راشد للعبرية.

 

“لأنكِ أُمِّي.. أُحبُ الجليلَ

وحيفا ويافا.. فأهواكِ أكثرْ”

 

كُتب عن راشد حسين الكثير وتناوله النُقّاد والباحثون، وحين قرأت هذا الكتاب حول أشعار راشد وجدته يحمل طابعًا آخر وحملني إلى أماكنه المختلفة وألوانه و”نسائه”، قرأها الدكتور نبيل طنوس قراءة مغايرة، ليبسّط معالمها، موضّحًا رموزها ودلالاتها، عمقها وأبعادها ليضفي عليها بعدًا آخر وتصير ثلاثيّة الأبعاد، ليفكّ رموزها المُشَفّرة كي تصل بسيطة بعمقها وبُعدِها وعميقة بمعانيها ومفاهيمها.

 

جاء هذا الكتاب بعيدًا عن القولبة النمطيّة، بعيدًا عن الشعاراتيّة المقيتة والتقديس والتأليه، مُطعَّمًا بثقافة كاتبه ومعرفته، بأسلوبه البسيط ممّا لا يقلّل من عمقه وشموليّته.

 

من يقرأ الكتاب، يفهم ويستوعب عمق أشعار راشد، يذوّتها ويتذوّقها ويحبّ فلسطينه ويهواها أكثر.

تحدّث د. نبيل عن شيفرة قراءته المغايرة لأشعار راشد حسين، قراءة تحليليّة تفكيكيّة، استعان بثقافته الموسوعيّة الشموليّة وبآليّات اكتسبها من خلال اضطلاعه على الأدب العبري والغربي الحديث والأدب المقارن.

 

 

أتّفق مع ما كتبه أستاذي كمال حسين في كلمة الأسرة التي جاءت في بداية الكتاب: “جاءت هذه الدّراسة للدكتور نبيل طنوس، إلى جانب دراسات أكاديميّة حديثة أخرى، محاولة ناجحة مباركة أعادت راشد إلى الضّوء، فأتاحت للأجيال التي لم تسمع به فرصة للتعرّف على سيرته، وقراءة إنتاجه الأدبيّ، فساهمت بذلك في إنصافه، وبدّدت الكثير من العتمة التي ظُلِّل بها”. نعم، يهدف الكتاب إلى أن يضيء على شعر شاعر وُصف أنه “رائد أدب المقاومة شعرا ونثرا“. وأكّد د. نبيل بأنّ راشد الشاعر قد ظُلِم ولم يأخذ حقّه مثل غيره من شعراء المقاومة رغم كونه من أهم روّادها وأعمدتها وركائزها نتاج التعتيم الممنهج ضدّه.

 

ترجمة الشعر من أصعب الترجمات لما يحوي من أحاسيس ومشاعر وذوق ولهذا نجد أن أفضل الشعر المترجَم قام بترجمته شعراء ذوّاقون للشعر وموسيقاه، وكما قال أكتافيو باث (الشاعر والأديب المكسيكي الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1990):”منذ البدء يعتبر الشعر هو الأقلّ ملاءمة للترجمة، وما يثير الدهشة أن أفضل الشعر المترجم قام بترجمته شعراء كبار”. تحدّث عن الصعوبات والتحدّيات التي تواجهه في ترجمة الشعر.

 

هذا وأشار د. نبيل بأنّه ترجم للعبريّة أشعار محمود درويش وراشد حسين وسميح القاسم، وكذلك لشعراء محليّين وأخرين، أصدر ثلاثية بالعربية حول محمود درويش، وراشد حسين وسميح القاسم وستصدر قريبًا ثلاثيّة بالعبرية حولهم وأشعارهم.

وكانت مداخلة للدكتور عصام عساقلة حول الكتاب (محاضر في الكلية الأكاديمية في حيفا، وكانت أطروحته حول الخيال العلمي في الأدب العربي) الذي قام بتحرير الكتاب وتدقيقه اللغوي، وكذلك مشاركات فعّالة من الحضور.

 

*** محاورتي في ندوة أقامها مقهى (ليوان/الناصرة) يوم الأربعاء 06.07.2022 حول كتاب “راشد حسين، ويسكنه المكان…دراسات وقصائد مختارة” للدكتور نبيل طنوس

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*