بين البحر والنهر – أسيد عيساوي

بين البحر والنهر تربعتْ
بين البحر والنهر على مدى الدهر تموضعتْ
بين البحر والجبل كانت  هنا تعيش
وعندما مر جلجامش
بحثا عن نبتة الخلود
تلك التي ابتلعها  له الثعبان
وهو يستحم في مياه البحيرة
بعد عودته من ارض الأرز
كانت هنا  تعصر الزيت والنبيذ
كانت تقطف الزعتر والليمون
كانت تحصد القمح
تصنع منه خبزا وعيش
وكانت عنات الغزية قد بنت لها بيتا
تقطنه مع بعلها والاخرين
كانت به  تصول وتجول
كانت تنام به وبه كانت تقوم
وهاهي بقايا ملامسها الناعمة
ها هي حدائقها بتينها وصبارها
ها هي بقايا ملابسها المطرزة
وهذا اثر عطورها الفاخرة
مازال في الاجواء يعوم
مازال في الانوف يضوع
و ظلها في الارض  مازال يحوم
ما زال الصخر لابتسامتها يتوق
و البحر لملمس نهديها يشوق
البحر لمهبط ذراعيها يروق
ومن جنوب بحيرتها السامخة
مرت خيول ابو عبيدة الجراح
استحم فرسانه بمياهها العذبة
استظلوا بظلال اشجارها الوارفة
واكملوا طريقهم الى القدس مسترجعين
دخلوها بسلام  مع ابن الخطاب بعد حين
وللتاريخ احكام وقواعد
لا يفهمها الا السكان الاصليين
تفتح القدس ذراعيها بحب
تستقبل الابناء العائدين
لكن تلك العودة لم تدم
جاء حملة الصلبان االكاذبون
مزقوا كتبها ومزقوا الفساتين
سلبوا  حصاد شجرها
وبنوا قلاعا وبالاهل ينكلون
وكنعان الذي لا يموت
يقوم منتفضا من خلف الرماد
حاملا سيفه الى حطين
يقف على ضفاف بحر الجليل
ويرمي برماحه الجند المغتصبين
والسيوف تلهوا برقابهم
لتعبد طريقا امنا للقدس
من جديد .

اسيد عيساوي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*