تلقينا ببالغ الحزن والأسى خبر وفاة الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب، الذي وافته المنية يوم الجمعة بتاريخ 20.5.2022، بعد أن طوى مرحلة طويلة، قاسية ومضنية من التشرد القسريّ، بين عواصم وحواضر عربية وأوروبية لا تحصى، بعيدا عن الأهل والمحبين والوطن، وبعد أن جرّب السجن والظلم والجور من السلطة منذ بداية جيل الشباب. فهو الشاعر الثائر الجريء الذي لم يجامل ولم يساير الأنظمة العربية وحكامها، فعبّر عن رأيه بوضوح وشفافية بلغة قريبة من إدراك القراء على اختلاف مستويات ثقافاتهم، عبر أشعاره الفصيحة والعاميّة.
عُرف الشاعر النواب بمناصرته للقضية الفلسطينية، فكتب قصائد جارحة وجريئة شنّ فيها حملة شعواء على الأنظمة التي لم تقدم الدعم اللازم للشعب العربي الفلسطيني في مسيرته التحررية. ولهذا فقد تمكنت قصائده من دغدغة مشاعر المتلقين فحفظوا أشعاره ورددوها في الكثير من المواقف والمناسبات.
ولد مظفر النواب في مدينة بغداد سنة 1934 وتعلم في إحدى جامعاتها، ثم عمل مدرسا، لكنه لم يستقر في وظيفته إذ طرد من جهاز التعليم بسبب مواقفه السياسية، حين كان معيلا لعائلته الفقيرة. وكان قد انتسب للحزب الشيوعي العراقي، فعوقب ولوحق من السلطة آنذاك على يد النظام الملكي، لكنه بعد ثورة 1958 عيّن مفتشا في وزارة التربية، ثم فصل وهرب مرة أخرى، وسجن من جديد حتى صدر قرار بالعفو عن السجناء السياسيين، ولكنه لم يعرف الاستقرار والهدوء والراحة فتنقل من دولة إلى أخرى ومن قطر لآخر ليتعارك في أواخر حياته مع مرض مؤلم حتى وافته المنية.
إننا في الاتحاد العام للكتّاب الفلسطينيين – الكرمل 48، نعبر عن استنكارنا وعن ألمنا الشديد من حرمان هذا الشاعر الكبير من العودة إلى وطنه إلا محمولا في نعش، ونهيب بكل المسؤولين إلى فتح الأبواب كلها أمام الأدباء والمفكرين كي يقولوا كلمتهم بوضوح دون خوف أو وجل من عقاب قد يلحقهم، أو يلحق بعائلاتهم، فمثل هؤلاء يقدمون خدمة جلّى لأبناء شعبهم لأنهم ينيرون لهم الطريق كي يسيروا في طريق النور بعيدا عن الظلم والظلام. وندعو إلى تسجيل أسمائهم بحروف من ذهب كما فعلت شعوب كثيرة حين حملت بعض المعاهد والمؤسسات أسماء أدبائهم ومفكريهم.
رحم الله شاعر الفقراء والمشردين مظفر النواب، وألهم أهله ومحبيه وقراءه الصبر والسلوان.
الاتحاد العام للكتّاب الفلسطينيين- الكرمل 48
الأمانة العامّة
21 أيّار 2022