ثلاثيّة التواصل وثيقة إدانة تاريخيّة!
بقلم: مراقب
أصدرت الحركة الوطنيّة للتواصل – لجنة التواصل الوطنيّة (الشيخ عوني خنيفس) وميثاق المعروفيّين الأحرار (الشاعر أسامة ملحم)، مؤلّفًا من ثلاثة أجزاء بطباعة ملوّنة أنيقة، وهي في أيادي أعضاء الحركة في قرانا المختلفة.
الثلاثيّة والتي كتبها الكاتب سعيد نفّاع كهوامش في سيرة شخصيّة وجمعيّة وزُوّادتُها الوثائق المكتوبة، جاءت تحت العنوان الرئيسي: “التواصل وعُرْي القضاء الإسرائيلي”، لتفهم من خلال السرد إلى أيّ درك من التمييز والقياس بمعيارين انزلق القضاء الإسرائيلي الذي يدّعي الاستقلاليّة والنزاهة في تعامله مع ملفّات التواصل، إن كان ذلك ضدّ المشايخ أعضاء اللجنة أو راعي المشروع النائب السابق سعيد نفّاع، وأمّا العناوين الثانويّة لأجزاء المؤلّف فجاءت:
الجزء الأوّل: مؤتمر عمّان الأردن آب 2001، والتجنيد والتطوّع في ال-48، والمؤتمر الوطنيّ المقبور.
إشارة إلى المؤتمر الذي عقده ميثاق المعروفيّين الأحرار والحزب التقدّمي الاشتراكي اللبناني.
الجزء الثاني: التواصل من الأسريّ الأهليّ إلى الجمعيّ القوميّ – بين التآمر والسطو!
يتناول هذا الجزء كيف تطوّر هذا المشروع من أسري عائلي إلى جمعيّ بوفود، وكيف تمّ التآمر عليه داخليّا ومن الخصوم.
الجزء الثالث: كيف أحاك الشاباك المحاكمات ما بين التخلّي والوفاء.
هذا الجزء يتناول دور الشاباك ومعاونيه من بين الدروز اعتمادًا على شهادات ووثائق في أروقة الشاباك ومن شخصيّات في الشاباك والمتعاونين.
العناوين تكشف ما في طيّات الأجزاء، وعندما تقرأها تجد نفسك أمام سرد لمحطّات مشروع ربّما يُعتبر الأهمّ في حياة الدروز في البلاد وعلى الأقلّ على الصعيد الإنسانيّ، ولأنّه كذلك نرى في أجزاء الثلاثيّة وحسب اجتهاد المؤلّف، ولكن للحقيقة والتاريخ اجتهاد مدعّم بوثائق من مصادر كثيرة متنوّعة ومتعدّدة، نرى سردًا للمؤامرات التي تعرّض لها المشروع لضربه ونرى نجاح أصحاب تلك المؤامرات في قتله أو على الأقل وقفه.
شارك في الضرب حسب السرد والوثائق المدعِّمة: عناصر من داخل المشروع، هيئات حزبيّة درزيّة داخليّة، وقوى خارجيّة لبنانيّة وغيرها، والأهمّ السلطة الإسرائيليّة (الشاباك) وأذرعها المتعاونة داخل الطائفة دينيّة كانت أو سياسيّة.
الثلاثيّة سرد مشوّق ومصدر تاريخيّ يلقي الضوء على الوضع الداخليّ لدى الدروز؛ اجتماعيّا وسياسيّا وحتّى فكريّا، ويلقيه على التناقض القائم بين مصالح الناس الدروز العاديّين وقياداتهم؛ مذهبيّا وسياسيّا.
الغريب ورغم كلّ ما قيل أنّ الغالبيّة الكبيرة التي استفادت عينيّا من المشروع، وقفت موقف المتفرّج، حسب السرد في الثلاثيّة، حينما تعرّض أصحاب المشروع وفي مقدّمتهم النائب السابق المحامي سعيد نفّاع للملاحقة ومن ثمّ السجن الفعليّ.
لا يسعني في النهاية إلّا أن أثمّن عاليًا هذا العمل، فالجهد الذي بُذِل فيه ضخم ومبارك كتابةّ وإصدارًا. وأرى من المهمّ أن يقرأه الكلّ وليس الدروز منهم فقط وإنّما عامة العرب في البلاد، فصحيح أنّه يتناول المشروع من المنظور الدرزيّ لكنّه مهمّ من منظور عربيّ عام، لأنّه كان لكل العرب ورغم أن الدولة اختارت أن تُحاكم فقط الدروز.
الثلاثيّة وثيقة إدانة صارخة ومثبّتة بالوثائق، لقوى عربيّة عامّة فاعلة على الساحة لم تدعم لا بل وقفت ضد المشروع حسب السرد، ولقوى عروبيّة درزيّة فاعلة كذلك. والأهم للقيادات الدرزيّة؛ المذهبيّة والسياسيّة والتي فضّلت مراكزها ومصالحها الضيّقة على مصالح أهلها حتّى الإنسانيّة والمذهبيّة منها.
ربّ سائل: ولما الكتابة تحت توقيع مراقب، وليس بالاسم الصريح؟!
هذا سؤال حقّ، والأسباب كثيرة، ولكّن تبقى القضيّة ليست الاسم من عدمه، وإنّما الموضوع، وهذا الموضوع حريّ بالطرح، والثلاثيّة حريّة بالقراءة.
مراقب
من بلاد الله الضيّقة!