3 قصائد – تفاحة سابا

مَخْمورَةٌ

 

أُمْسِيَةٌ بِحُلْمِ السَّماءِ مَخْمورَةٌ…

الْقَمَرُ مُكْتَمِلٌ بَدْرًا

وأَنا أَفيضُ عَنْ ضَفَّتَيَّ دمًا

وَالْأَرْضُ حُبلى بِبراعِمي

لا نَشْوَةٌ دونَ الْحُضورِ التَّامِّ..

لا حُضورٌ دونَ الْغيابِ التَّامِّ

معًا…!

أُمْسِيَةٌ بِحُلْمِ السَّماءِ مَخْمورَةٌ…

أَرْبُطُ أَطْرافَ أَجْزائي الْمُتراخِيَةِ

أَرْفَعُها إِلى وَجْهِ السَّماءِ

كَما تَرْفَعُ نِساءُ الْقُرى فَساتينَها

دونَ أَن تُباليَ.. الْكَشْفَ

يَشْتَدُّ قِوامي

لا يُمْكِنُ الْعُبورُ إِلى الضَّفَّةِ الْأُخْرى بالْفَساتينِ الطَّويلَة!

مَخْمورَةٌ بِحُلْمِ السَّماءِ أُمْسِيَتي…

أَحْمِلُ الْمَوْتَ عَلى رَأْسي

قُرْبانًا

أُقدِّمُهُ لِكُلِّ إِلَهاتِ الْأَرْضِ

للجَّمالِ، للْحُبِّ، لوَفْرَةِ الْخِصْبِ

أَتَخَفَّفُ مِنْ أَحْمالي.. مِنْها كُلُّها

أَرْقُصُ حَوْلَ اشْتِعالِها مَحْمومَةً بِاكْتِمالِ الْقَمَرِ

مَخْمورَةً.. أَدورُ وأَدورُ

حَتَّى أَلِدَ مِنْ نارِها

وَمِنْ تَمامِ نورِهِ

رَعْشَةَ بِدْءِ التَّكْوينِ..

وَالْقَصيدَة..

 

فَوْضى

 

كُلَّما تَراكَمَتِ الْفوضى في بَيْتِي

وَفي حَديقَتي الْمُهْمَلَةِ

تَنامَتِ الْأَعْشابُ

أُدْرِكُ أَنَّ مَلَفّاتي الدّاخِلِيَّة

تَدْعوني لإِعادَةِ تَرْتيبِها.. تَبْويبِها

دَمْجِها.. فَصْلِها..

إِعادَةِ بَرْمَجَتِها

أَوْ رُبَّما حَذْفِها..

أُدْرِكُ أَنَّ الْعَطَبَ قَدْ أَصابَها

فَتَدورُ الْأَسْئِلَةُ مِلْحاحةً

في دَوَّامةِ روحي

كَما يَدورُ الْفَراشُ حَوْلَ الضُّوءِ

في شِبْهِ وَعْيٍ..

في شِبْهِ غَيْبوبَةٍ..

 

كُلَّما تَكَدَّسَتِ الْمَلابِسُ فَوْقَ بَعْضِها

أُدْرِكُ مِنِ اخْتِلاطِ الْأَلوانِ

مَعْنى الْمَوْتِ

فَيَسْتَوْطِنُني شَغَفُ الْبَعْثِ

 

كُلَّما تَبَعْثرَتِ الْأَحْذِيَةُ وَالْجَوارِبُ

في كُلِّ مَكانٍ

وَالتَفَّتْ كَحَبْلِ الْمَشْنَقَةِ حَوْلَ عُنْقي

مُعْلِنَةً غِياب الصَّوْتِ

كُلَّما اصْطَفَّتِ الْأَواني الْمُسْتَعْمَلَةُ

وَبَقايا الطَّعامِ عَلى الطَّاوِلَةِ

تُحَدِّقُ بِعَجْزي

كَعُيونِ كَلْبٍ جائِعٍ

يَنْتَظِرُ حِصَّتَهُ

كُلَّما تَشَقَّقَ التُّرابُ في أُصَصِ وُرودي الْبيتيَّة

وَعَلا الْغبارُ تُحَفِي الصَّغيرَة

وَكُتُبي صارَت يَتيمَة

كُلَّما أَغْلَقْتُ نَوافَذي وَأَبْوابي

وَغابَتِ الطَّريقُ إِلى الْقَصيدَة

أُدْرِكُ أَنَّ الْحُبَّ قَدْ غابَ عَنّي وَمِنّي

وَأَنَّ لا بُدّ لي

مِنَ التّوَهانِ وَالْغيابِ في الدَّوامةِ

 

 

أَخافُ أَنْ يَكْشِفَهُ

 

وَشْوَشْتُ الصَّدَفَ سِرًّا،

أَخافُ أَنْ يَكْشِفَهُ يَوْمًا

قُلْتُ لَهُ: “إِنَّي تَوَرَّطْتُ

وَبَدَل الْمِلْحِ في الطَّعامِ وَضَعْتُ السُّكَّرَ

تَرَكْتُهُ عَلى نارٍ هادِئَةٍ يَغْلي،

وَذَهَبْتُ، نِكايَةً بِهِ، لِأَكْتُبَ الشِّعْرَ

فَغَفَوْتُ

مَعَ النَّومِ تَنْضُجُ في رَأْسي الْفِكْرَة

هكذا أَنا، أَحْتاجُ أَنْ أنْفَصلَ عنِ الْعالَمِ

لِأَنْسُجَ صُوَرَ الْحُبِّ عَنْهُ

امْتَلَأَ الْبَيْتُ بِرائِحَةِ الشَّيْطِ

اِسْتَيْقَظْتُ

بَطيئَةَ الْحَرَكاتِ

مُثْقَلَةَ الرَّأْسِ

مَنْفوشَةَ الشَّعرِ

نَظَرْتُ إِلى الطَّعامِ وَضَحِكْتُ

كِدْتُ أَموتُ ضَحِكًا مِنْ غَرابَةِ أَطْواري

وَشِدَّةِ تَوَرُّطي

تَرَكْتُ الْأَشْياءَ كَما هِيَ

وَعُدْتُ لِأَكْتُبَ!

مَنْ قالَ حُبّ الطَّهْيِ طَبيعَةٌ في النِّساءِ؟!

لا تَعْرِفُ الطَّبْخَ مَنْ تَسْكُنُها هَواجِسُ الشِّعرِ!

 

وَشْوَشْتُ الصَّدَفَ سِرًّا..

أَخافُ أَنْ يَكْشِفَه يَوْمًا

أَخْبَرْتُه عَنْكَ

قُلْتُ لَهُ: “إِنّي عَلى الْحافَّةِ مِنْ كُلِّ شَيءٍ أُحِبُّكَ

عَلى حافَّةِ الْمُغامَرَةِ وَالْخِيانَةِ وَالْخَطيئَةِ وَالسُّقوطِ

عَلى حافَّةِ الْحُلْمِ وَالجُّرْحِ

عَلى حافَّةِ الشَّهوةِ..

عَلى حافَّةِ روحي!

قُلْتُ لَهُ: “إِنَّكَ عندَما تَقولُ لي “بحبك”

وَأُجيبُ: “وَأَنا كمان”

أَقْصُدُ أَنْ أَقولَ لَكَ: “لا تَطْلُبِ الْمَزيدَ.. لا تَطْلُبْ جُمْلَةً تامّةً

أَنا أُجيدُ كِتابَةَ الشِّعْرِ فَقَط!”

ظَنَنْتُكَ تَعْرِفُ أَنّي أَخافُ أَنْ أُحِبَّكَ كُلَّكَ..

أَخافُ أَنْ أُحِبَّك فِعْلًا..

أَخافُ أَنْ أُحِبَّ..

فَروحي تَقِفُ عَلى الْحَدِّ

بَيْنَ الْبَحْرِ وَالشَّطِّ

وَتُوَشْوِشُ الصَّدَفَ

وَأَنْتَ غابَ عَنْكَ أَنّي ما زِلْتُ أَخافُ أَنْ أُحِبَّ

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*