كيف يقولون أن شعبنا ضعيف ولا يحقق الإنجازات؟ من أين لهم أن شعبنا عاجز ولا ينتج النجاحات؟ يبدو أنهم لم يقرأوا أو يسمعوا عن إنجازات شعبنا وتبوؤه أعلى المراكز، بل دخوله وبقامة مرفوعة إلى كتاب الأرقام القياسية غينيس؟ هل العيب في شعبنا أم في من يتعامى عن إنجازات شعبنا في مجالات عديدة؟ ولأن إنجازات شعبنا متعددة ومتنوعة، أكتفي بالإشارة إلى بعضها كي أضع إصبعا في عيون الحاسدين، عن الحقائق والأرقام القياسية متعامين.
إليكم أولا حقيقة تربعنا منذ عدة سنوات، ودون منافس على عرش “الجريمة والعنف”. ومن سنة إلى سنة نسجل ارتفاعا ملحوظا في عدد ضحايا الإجرام، حتى أن وسائل الاعلام باتت عاجزة عن إحصاء الضحايا بشكل دقيق، وبات من الضروري تأسيس مركز إحصاء خاص بضحايا الاجرام في مجتمعنا العربي، والضغط على لجنة محاربة الجريمة في المجتمع العربي، في الكنيست الإسرائيلي، تخصيص ميزانية لهذا المركز من الميزانية الحكومية المرصودة لعمل اللجنة في مكافحة العنف والإجرام في مجتمعنا الفريد. ولم نعد نكتفي بالأساليب التقليدية في الاعتداء والقتل، فأبدعنا طرقا ووسائل مستحدثة وسوبر عصرية، تفوقت ابداعا واخراجا دقيقا على أفلام الرعب الهوليودية، حتى أن مخرجي هوليود باتوا يفكرون بنقل ستوديوهاتهم إلى بلداتنا وأحيائنا، لتصوير عمليات القتل مباشرة ومجانا ودمجها في أفلامهم الخيالية.
ونحن لم نتفوق على المجتمع الجار اليهودي، بل تفوقنا على دول تعتبر متطورة وناجحة مثل اليابان مثلا، التي حلّت في المرتبة الأخيرة في مجال العنف والجريمة، حيث سجلت في إحدى السنوات جريمة قتل واحدة فقط. هل هذا يعقل، دولة يبلغ عدد سكانها أكثر من 125 مليون نسمة تسجل جريمة واحدة، ونحن مجتمع يربو على المليون نسمة بآلاف قليلة حققنا رقما قياسيا يربو على المائة ضحية في سنة واحدة، أفلا نستحق التقدير والإعجاب؟!
وننتقل إلى مجال آخر حققنا فيه أرقاما قياسية وهو ضحايا حوادث الطرق. بالرغم أن نسبتنا تزيد عن العشرين بالمائة بواحد أو اثنين من سكان دولة إسرائيل، إلا أن نسبة ضحايا حوادث الطرق التي سجلناها في عام واحد تبلغ أكثر من نسبتنا كسكان بضعفين، وقهرنا المجتمع اليهودي الذي يحاول جاهدا الوصول إلى هذا الإنجاز لكنه ما زال بعيدا عنا. مع أن شبابهم يحاولون منافسة شبابنا في نهاية كل أسبوع، حيث يسهرون ويسكرون حتى ساعات الليل المتأخرة في النوادي الليلة، في محاولة لاحتلال المرتبة الأولى في حوادث الطرق إلا انهم ما زالوا بعيدين عن تحقيق هدفهم، ونحن لن نتنازل لهم عن الدرجة الأولى بسهولة.
وإليكم مجال الضحايا في حوادث العمل سواء في البناء أو الزراعة أو الصناعة وغيرها، فإن العرب يحافظون على تفوقهم المطلق، وكمثال على ذلك بلغ عدد ضحايا العمل الإجمالي في العام الماضي (2021) 66 ضحية، وكان عدد العرب منها أعلى من النصف. وعلينا ألا نستهين بهذا الإنجاز، خاصة اذا علمنا ان “الدولة اليهودية” لا توفر جهدا أو وسيلة من أجل إنزالنا عن المرتبة الأولى لكن هيهات. قامت الدولة باحضار عمال أجانب من الفلبين والصين ودول أخرى إضافة إلى المهاجرين الجدد، في سبيل التغلب على العرب في حوادث العمل، إلا أنها فشلت فشلا ذريعا وبقي العرب على رأس اللائحة متفوقين على جميع خصومهم ومنافسيهم.
ولأننا شعب طموح ويملك القدرات والكفاءات، ولديه رغبة قوية لتحقيق المزيد من النقاط والإنجازات، فقد دخل في موسم الشتاء الحالي مجالا جديدا يسعى لأن يتبوأ المركز الأول فيه، ألا وهو ضحايا حوادث الحرائق المنزلية. حيث بدأت تصلنا الأخبار عن انتشار ظاهرة الحرائق في البيوت العربية، ووقوع ضحايا إما اختناقا نتيجة الدخان المتصاعد من الحريق أو ثاني أكسيد الكربون من مواقد الفحم وغيرها. ورغم تحذيرات وتنبيهات الهيئات المسؤولة، إلا ان الحوادث لا تقل بل تزيد بشكل ملفت للانتباه، مما يؤهل مجتمعنا لاحتلال المرتبة الأولى أيضا في هذا المجال..
ويقولون ويلحون أن اكتبوا، وكأن الكتابة ستأتي بالحل لكل اخفاقاتنا. وهنا علينا ان نسأل وبصراحة مؤلمة، هل يقرأ من توجه لهم الكتابات ما يكتب وينشر؟ وإذا قرأوا هل يدركون ويتعظون؟ وإذا أدركوا هل يعملون وينفذون؟