.”ثوب مطرز ووشاح” – فوزية كتاني

أيتها السيدة الجميلة
تعارك يداك المعروقة إبرة تجوب حقولا …
وتهرب منك ألوان قد اختزنتِها عمرا لفرح قادمٍ..
يوم كنتِ صبية، حلمتِ بثوب  يعلن أنوثتك
يوم كنت صبية اشتهيتِ وشاحا يعمد كبرياءك
يوم كنت صبية
تبعك غرورك كظلك
أثقلك وهم ثوب مطرز، تراقصت أطرافه على وقع خلخال فضي في معزوفته الغجرية
على كتفك حملتِ طيفَ وشاح
رفرفت فراشاته مناكفة أطراف شعرك المتمرد…
يوم كنت صبية، نظرتِ في المرآة كثيرا..
شاخت مرآتك، ومن بين الشظايا والشروخ
ظهر الفستان والوشاح لوحة غير سوية
طار وهم وشاحك من على كتفك، ليعلق بسياج…
أشواكُه أمام العبور عصية
فيما القبة المذهبة من بعيد ترنو بصمت..
أشحت بوجهكِ، تدارين دمعة انزلقت..
تَبَلَّلَ وشمكِ..
بحب همست مرآتك:
من يشيح النظر عن ثوب
إبرته قلمٌ، قماشه صفحات تجري فيها مياه الربيع؟
خيوطه حروف تتثنى بغنج..
فتعيد الفرح للتراتيل الكنعانية؟
من يشيح النظر عن وشاح
طرزته يد معروقة، مخضبة بحناء، مغموسة بإباء؟
من يشيح النظر عن سيدة
عطرها زعتر، وبلسمها أوراق هندباء؟
كيف لا أيتها السيدة، وستة حروف لونت خيوطك بألوان الوجود:
ف -فلاح عشق الأرض فصارت له القضية
ل –  لؤلؤة في بحر يافا بانتظار بحار كان يعتمر الكوفية
س – سنابل قمح طرزت رؤوس الحقول الذهبية
ط – طائر الحجل يجوب البلاد في رقصة أزلية
ي – يحيى، ذاك الشاب الذي لا يفتأ يبحث عن حياة وعن هوية
ن – نرجسة تزين الكرمل وتنثر شذاها على مدى البرية
ايتها السيدة المخضبة يداها بالحناء
عمرك  لم يكن يوما هباء
فعلى كتفي كل صبية تُبعَثين من جديد
وفي أثواب العذارى يمتد قاموسك نحو الأبدية.

فوزية كتاني
كانون الأول 2021

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*