انا بالحي كنت زيتونة خضراء
مع التي في القلب مسكنها
والتي في الشريان لها دار حمراء
مع التي تسبح بدمي كريات
والتي لأجلها جعلت اضلعي قيثارة السماء
و قد كان لنا بيتا نعيش به بأمان
كنت ألهو بساحاته والعب ألعاب الصغار
وعلى شاطئ بلدي كنت ابني بيوتا بالرمال
وقد بنيت لي قصرا في مرة من المرات
قصرا يشبه قصر الملك العظيم شهريار
ذاك القصر الذي عاشت به شهرزاد بذكاء
ورايتك بذاك القصر تعزفين على الناي
الحانا ترقص على انغامها خراف سمان
تجلسين تحيكين لي كوفية زرقاء وحمراء
رايتك تصنعين لي قلما أبني به
وطنا نطوفيا عموريا يابوسيا
ورايت بحديقة القصر الجميل
اشجارا وارفة مثمرة بأطيب الأثمار
وتخيلت نفسي أعيش معك بهناء
تخيلتنا نقطف الزيتون في الخريف
نجتمع كلنا صغيرناوكبيرنا على حد سواء
نجمع الثمار ثم نعصرهاز زيتا حشيشيا ذهبيا
مذاقه زكي كثير الطعمات
عِلْتٌ بالبداية وفلفل في آخر اللسان
نطهو الطعام به ونضيئ عتمة ليالينا السوداء
وأذكرنا بين أشجار الزيتون والتين والصبار
نقطف الأكواز الناضجة نقتات بها
ونقطف قبلات بين الحين والحين بسخاء
قبلات ملؤها الشوق والشوك والعشق
قبلات مرسلة عبر نسائم الصباح
كان ذلك كله خيال يا جميلتي
الواقع ان ريحا صرصرهيونية هبت
اتت على الحي واقتلعت اشجار البستان
اتت على الحي واقتلعت البيوت
واقتلعت من السهول الزرع المنبوت
واقتلعت من الحي معظم السكان
قطفت من الحقل السبلات الناضجات
واسطونت بالحي الذي افرغت منه تلك السبلات
وبقيت سبلات لتنضج رغم انف تلك الريح
لترتفع وتعلوا وتعلوا وتعلوا مع الزمان
اسيد عيساوي
١٢/١٠/٢٠٢١