متنفَّس عبرَ القضبان (34) – حسن عبادي/ حيفا

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة؛ تعاصفنا وتثاقفنا، نعم، وجدت لقائي بهم، بأفكارهم وبكتاباتهم متنفّسًا عبر القضبان.

عقّب الصديق بسام الكعبي: “روائي بارع يحرس الحلم بثقافة تقدمية وبنصوص إبداعية، يقبض على جمر الكفاح ويلامس بحروفه سقف الأبجدية، ويحرر الأساطير من الأوهام بتحطيم نمطها التقليدي المعلب ودفعها إلى حافة الهاوية: الحرية للأسير المتماسك باسم خندقجي وكل رفاقه الأحرار. شكراً عزيزي  على تغريدة جميلة وجهد طوعي نبيل بدوام زيارة قامات عالية تضيء عتمة الزنازين، وشكراً من القلب للرفيق العزيز باسم على تهنئة عاصم وصمود بالزفاف. شعب فلسطين بانتظار فرحك بالحرية والزفاف قريباً جداً.. وبشغف كبير”.

أمّا الصديق محمد عارف مشّة فعقّب: “سلامات لأصابعك. سلامات لروحك قتيبة. أبناء شعبك لن ينسوك ولن ينسوا تضحياتك انت وجميع الأحرار الشرفاء في سجون الاحتلال.. الحرية للأحرار في سجون الاحتلال”.

 

“السيرة لكائنات كولونياليّة”

التقيت الروائي الأسير باسم محمد صالح أديب خندقجي صباح الأربعاء  4 آب 2021 في سجن “الجلبوع”، بعد عناق طويل عبر الزجاج حدّثني عن متعته وسعادته بجولته في حيفا عبر برنامج “صباح الخير يا قدس”، وقعدته على البراندة عبر شاشة التلفزيون، مستفسرًا عن أحفادي، ماهر وليم، وزوجتي سميرة.

تحدّثنا بدايةً عن مسار أدب سجون جديد، من وجهة نظره، وأعرب عن فرحته بإصدار ديوان “أنانهم” لأحمد العارضة و”أسرى وحكايات” لأيمن الشرباتي.

ومن ثَمّ تناولنا موضوع المثقّف الكولونيالي المغاير، المثقّف المشتبك والمثقّف الفلسطيني المغاير، باسل الأعرج ووليد دقّة مثالًا.

حدّثني عن رؤيته لتفكيك الذات الصهيونيّة والأبرتهايد الكولونيالي، محاولًا هزيمة الغول عن طريق أنسنته، ليحاور المتبرّعة اليهوديّة، وجدّها ناجٍ من المحرقة،  بكليتها لطفل من غزّة وندمت على ذلك.

تحدّثنا عن مشروعه الأدبي والعمل القادم “السيرة لكائنات كولونياليّة” وضرورة الردّ على الاستعمار بالكتابة والسرد، وكُفره بكلّ السرديّات المبتذلة وأهميّة ترجمته للعبريّة.

بشّرته بخبر “نجاح باسم 98.7 وليلى 99.5 ، أبناء أخيه أديب، في التوجيهي” لنحتفل معًا كما احتفلنا في حينه بولادتهما.

كان الوقت غريمًا مُرّا وجعلنا ننهي بالحديث حول مشاركته في لجنة الماجستير العليا لألتقي قتيبة.

وطلب أن أوصل تبريكاته لعاصم بمناسبة زواجه…

لك عزيزي الباسم أحلى التحيّات، على أمل نلتقي في حيفانا.

“حالة حصار”

التقيت الأسير قتيبة محمد صالح مسلّم مباشرة بعد لقائي بباسم، وبادر يحدّثني عن اهتمامي بالأدب عامّة وأدب السجون خاصّة وانتظر اللقاء بيننا ثمانية شهور، ومرّ بخمسة أبواب فولاذيّة من زنزانته حتى وصوله غرفة لقاء المحامين، وأخبرته أنّ لي صديقاً عزيزاً من بلدته، فراس حج محمد، الذي أوصاني بلقائه وأبلغته سلاماته ومدى انفعاله من زيارة العائلة وتسليمه الدرع.

حدّثني بانفعال عن اعتقالاته المتكرّرة (مواليد 1968)؛ أول اعتقالاته يوم 15.10.1984 وآخرها يوم 15.11.2000 بعيد تخرّجه من جامعة النجاح، وانتقل لشرح تفصيليّ عن برنامج الماجستير في السجون، وما زالت أوجاع الأصابع بسبب نسخ 56 (بلوك) و17 بحثاً أثناء التعلّم عبر القضبان بغياب ماكينة التصوير والحاسوب.

ما دام هناك استيطان واحتلال فالثورة تجمعنا، يجب أن يكون انتماء، واجبنا التصالح مع الذات وأن نكون أدوات تغيير، على حدّ قوله، ويحزّ في نفسه عقم التفكير وانهيار المنظومة. والأنكى من ذلك نمطيّة مصيدة الاحتلال الذي نجح في تشييد حاجز وهميّ داخل آذان رجال السلطة تجاه مسألة الأسرى والشهداء، وهنا تكمن الهزيمة الحقيقيّة فأصبحنا نعيش حالة حصار مؤلمة من أبناء شعبنا.

حدّثني بحرقة عن مخطوطة رواية “الزنزانة وأكثر من حبيبة” التي ما زالت أسيرة التسويفات المؤسّساتيّة منذ عام 2012 ولم تصدر بعد، ما زالت أسيرة “هذا أقلّ الواجب”!

وكذلك مخطوطة “حروف من ذهب” التي أنجزها في السنة الأخيرة، ووعدته الاهتمام بأمرها لترى النور قبل آخر الشهر.

لك عزيزي قتيبة أحلى التحيّات، على أمل نلتقي في تلفيت، في حفل إشهار كتابك قبل نهاية الشهر.

 

 

آب 2021

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*