مدخل
هذه المقالة هي محاولة لسبر أغوار الانتماء في شعر سميح القاسم لغةً ومصطلحًا علميًّا ومواقف يفرضها المضمون، وذلك نظرًا لأهمّيّته في الحياة المشتركة كتلك التي عاشها الشاعر بين أصحاب انتماءات مختلفة، ولأنه موتيف على عدم التصريح به، إلّا أنّه تلميحًا يبرز جليًا في شعره. ولأنّ للانتماء أهميّة خاصّة في تكوّن اتّجاهات الإنسان الذي يحاول أن يدافع عن كينونته، وعن وجوده في صراع الهويّة والأرض. ستتناول المقالة ثيمة “الانتماء” عند سميح القاسم في اتّجاهات مختلفة، سنثبتها من خلال القصائد.
الانتماء:
اِنتِماء لغويا من الجذر “ن م ي” وهي مصدر “اِنْتَمَى” وتعني الانتساب إلى־، الانضمام إلى־، أن يكون جزءًا من־. و”انتمى” تعني ارتفع إذ نقول انتمَى إلى الجبل: صَعِد. وانتمَى الطَّائِرُ: ارتفع من موضعه إلى موضع آخر. ومن هنا، ربما يكون الانتماء يعني الارتفاع المعنويّ، لأنّ الانتماء يُشعر الإنسان بالطمأنينة، وبأنّه ليس وحيدًا، وهكذا يرتفع معنويّا بانتمائه لمجموعة، فنقول فلان ينتمي إلى أسرة، إلى بلد، إلى وطن، إلى قوم وغيرها وبذلك فهو يرتفع إليها، ويُعرّف الانتماء اصطلاحاً بأنه مجموعة من الأفكار والمشاعر التي تدفع الفرد إلى أن يكون عضوًا في جماعة يهمّه أمرها وملتزمًا بحاجاتها وبأنماطها السلوكيّة وعاداتها مع شعور برغبته في تنميتها أو تحسينها، وغالبًا تنتج درجة التزامه عن درجة رضاه عمّا تقدّمه له، وما يحصل عليه، وبشكل عامّ يعبّر الانتماء عن إخلاص الفرد وتمسّكه وارتباطه وولائه لها، ويكون هذا في بعض الأحيان نابعًا من حاجته إلى الأمن والطمأنينة التي تمنحه إيّاها الجماعة. ممّا ينمّي دافعًا للتعاون معها. توجد علاقة مهمّة وخاصّة للانتماء في هوية الفرد؛ فالانتماء إلى أقليّة أو إلى جماعة متدنّية ينجم عنه ازدياد في تهديد هوية الفرد ممّا ينعكس ذلك في ازدياد الشعور بالانتماء لأنّ وجوده في حالة تهديد لهويته يؤثّر على سلامته وأدائه في العمل وتحرّكاته من مكان إلى مكان.
درجة التزام الفرد وارتباطه بجماعةٍ معيّنة وعمق الارتباط يختلف من جماعة إلى أخرى، تقول د. انتصار يونس (1995) “قد يكون الارتباط كليًّا أو جزئيًّا، فبعض الجماعات تهيمن على شخصيّة الفرد بأكملها، مثل الجماعات السرّيّة التي تسيطر على نشاط الفرد فلا يكاد يفكر إلّا بأسلوبها وبعض الجماعات تسيطر سيطرة جزئيّة عليه ويكون ارتباطه محدودًا، مثل عضويّته في نادٍ رياضيّ توجّه جزءًا من اهتمامه للنادي وجزءًا آخر لعمله وثالثًا لأصدقائه الخ.”
يرى العالم النفسي ابراهام ماسلو أنّ الانتماء والمحبّة هي حاجة نفسيّة־اجتماعيّة مهمّة جدًّا وتأتي بعد حاجته إلى الأمن والطمأنينة. وتشمل مجموعة من الحاجات النفسيّة مثل الحاجة إلى القبول على الآخرين والحاجة إلى الصداقة والعلاقات الوجدانيّة مع شخص آخر، والحاجة إلى أن يكون الفرد عضوًا في جماعة أوليّة مثل الأسرة أو جماعات ثانويّة منظّمة ومن هنا تأتي الحاجة إلى الانتماء إلى شعب لوجود تنوّع في الشعوب وإلى وطن لوجود تنوّع في الأوطان.
الانتماء وتكون الاتّجاهات:
يعرف ألبورت الاتجاه (Attitude) بأنّه “حالة استعداد عقليّ عصبيّ يكتسبها الفرد عن طريق الخبرات الشخصيّة” وتفاعله مع البيئة من حوله، فهو يعيش مع أسرة وأصدقاء وجيران ومدرسة وطوائف عديدة وبلد وبلدان مجاورة وشعوب ويسير في الشارع ويقرأ الصحف ويسمع ويشاهد الأحداث والاخبار المحليّة والعالميّة وغيرها وهو يتفاعل معها كلّها وهي تؤدّي في نهاية المطاف إلى تكوّن اتّجاهاته والتي يقول عنه مورغان (في يونس 1995) “هي محصّلة المعاني التي كوّنها الفرد من خبراته السابقة والتي تميل بالسلوك نحو موقف معين فربما يكون معه أو ضدّه”. وتجدر الإشارة أنّ للأسرة تأثيرًا كبيرًا في تكوين اتّجاهات اطفالها وبما أنّ للفرد قدرة على التعلّم فهو يثبّت ما تعلّمه أو يعدّله أو يحسّنه أو يغيّره وكلّ ذلك حسب تفاعلاته مع من يلتقي بهم من أُناس وأحداث وغيرها. من الجدير به أن نذكر بأنّ اتّجاهات الفرد تتكوّن من ثلاثة مركّبات حول كلّ أمر:
- ماذا يفكّر عن ذلك الأمر وما هو رأيه.
- كيف يشعر حوله.
- كيف يتصرّف.
ردود فعل الأفراد قد تكون تصرفات أو أعمال أو تطوّع أو تبرّع أو نضال أو إبداع كتابيّ وغيرها. وسميح القاسم عبّر عن اتّجاهاته بالإبداع الشعريّ.
ثلاثيّة الانتماء في شعر القاسم:
وجدنا في شعر القاسم ثلاث دوائر في الانتماء. وهذه الدوائر متوازية من الدائرة الصغرى في الداخل نحو الدائرتين الأخريين في الخارج، وقد تكون من الخارج إلى المركز المشترك. الدوائر المتوازية (Parallel circles) تثير المتلقي وتُبَئِّر اهتمامه لماهيّة الموضوع (شامير 1986). تتّجه الدوائر عند القاسم من الداخل إلى الخارج كما في الرسم:
ثلاث الدوائر عند القاسم هي كما يلي:
- أنا الشاعر – والطبيعة
- أنا الشاعر –والوطن
- أنا الشاعر – والعالم الواسع (انظر صورة الدوائر المرفقة)
- أنا الشاعر – الطبيعة.
القصائد التالية:
في القصائد التالية يأتي ذكر نباتات وأشجار تنتشر في فلسطين:
- منتصبَ القامةِ أمشي (“دخان البراكين-1968)
- زنابق لمزهرية فيروز (“دخان البراكين”. شركة المكتبة الشعبية- الناصرة 1968)
- قصفة الفيجن (“في انتظار طائر الرعد”، 1969)
- لو كنتِ شجرةً. (“أحبك كما يشتهي الموت”. الفارابي. بيروت. ط1/1970 )
- رسالة رجل لا نعرفه إلى امه (كولاج 1 – منشورات عربسك، حيفا 1983).
- زهرة البرقوق البرية (كولاج 1 – منشورات عربسك. حيفا 1983)
- العرّاف (كولاج 1 – منشورات عربسك. حيفا 1983)
- فراقية- حبق الشرفة ذابل (“لا أستأذن أحدًا، 1988)
- لا استأذن أحدا! (“لا استأذنُ أحدا!”-1988)
- الجدران (مقطع من أوبريت “الجدران”،2010)
معطيات من القصائد أعلاه:
- منتصب القامة أمشي:
القصفة: قطعة صغيره من غصن وتسمّى قصفة من قصف ويقال: قَصَفَ أَغْصَانَ الشَّجَرِة: كَسَّرَهَا، قَطَّعَهَا.
العوسج: نبتة شجيرة شوكية معمرة يصل ارتفاعها إلى حوالي مترين ويتواجد في فلسطين في صحراء النقب وسيناء والأردن.
الريحان: هو الحبق بأنواعه وينتشر كثيرا في فلسطين ونجده في أكثر البيوت على الشرفات وفي زَهْرِيَّات
- زنابق لمزهرية فيروز:
زنابق حمراء، زنبقة حزينة، زنبقة بريئة، زنبقة ريّانة، زنبقة شريتها، زنابقي، زنابقي.
- قصفة الفيجن:
الفيجن: من النباتات المنتشرة جدا في فلسطين وفي أغلب بلاد العالم. تحتوي على الكثير من الزيوت الطيارة واستعملت لدى الفلسطينيين لطرد الحشرات الطائرة من البيت. كما يمنع الروائح الكريهة. وتستعمل اوراقها الغضة بعد تقطيعها واضافتها الى الزيتون الأسود لتضفي عليه طعما مميزا. وأخيرا يقول المثل الفلاحي ” الي بمر عن الفيجن وما بشمو النبي بري منه”.
- لو كنتِ شجرةً:
لو كنتِ شجرةً سأكونُ عندليبًا يعشِّش بين أغصانك: من منا لم يشاهد أعشاش العصافير على الشجر.
- رسالة رجل لا نعرفه إلى امه:
بين الدبابة وبين قلبي كانت زيتونة في شهرها التاسع، زيتونتي: الزيتون شجر مبارك له قدسية خاصة في جميع الديانات الإبراهيمية، وورد ذكره في الثقافات القديمة اليونان والإغريق والكنعانيين والفينيقيين والفراعنة. وشجرة الزيتون لها مكانة خاصة في الثقافة الفلسطينية كشجرة مقدسة وكمصدر رزق.
- زهرة البرقوق البرية:
هي شقائق النعمان وهي زهرة برية حمراء جميلة ارتبطت بالأدب العربي ونجد منها ألوان أخرى، وهي منتشرة جدا في فلسطين.
- العراف:
وردة حمراء: نقصد غالبًا الورد الجوري
حوض النعناع: مشهد فلسطيني منتشر جدا.
- فراقية – حبق الشرفة ذابل:
حبق، سنابل، لوزٌ وكُمثْري: نباتات وثمار منتشرة في فلسطين
حساسين، أيائل: منتشرة في فلسطين.
- لا استأذن أحدا!:
وردَةَ حُزني الجوريَّة
- الجدران:
جذعِ زيتونتي النازفةْ
لا تقتلعْ سنديانتي
تعداد وتكرار أسماء نباتات منتشرة؛ ثمان عشرة مرة وكلمة زنبقة سبع مرات والسنابل، واللوزٌ والكُمثْري في فلسطين وذكر القدس، وقدس الأقداس، وجسد القدس، والقدس العتيقة، وسفح الكرمل، وجنين، بلعين، وكلمة قريتي، وخليل الرحمن، والمآذن، ونجمة الصبح – كل هذه دوال على طبيعة فلسطين، ما يدلّنا على زخم انتماء الشاعر القاسم إلى هذه الدائرة المركز.
- أنا الشاعر – والوطن
القصائد التالية:
في القصائد التالية مضامين وطنية واضحة يتغنى القاسم بفلسطين، يغضب، يصرخ ويأمل الخلاص لشعبه الفلسطيني:
- إلى حارس فنار عكا (“دمعي على كفي” 1967)
- خِطَابٌ في سُوقِ البَطَالَةِ (“دمعي على كفي” 1967)
- هكذا (“دمعي على كفي” 1967)
- لن (من كتاب “دمعي على كفي” 1967)
- أحكي للعالم (“دخان البراكين”، 1968)
- تعالي لنرسم معاً قوس قزح (“في انتظار طائر الرعد” الجليل والنشر، عكا، 1969).
- الرعب (“في انتظار طائر الرعد” الجليل والنشر، عكا، 1969).
- العائد (سقوط الأقنعة، منشورات دار الآداب. بيروت 1969)
- ديمومة (سقوط الأقنعة، منشورات دار الآداب. بيروت 1969)
- أنا الغضب (“الموت الكبير”، دار الآداب، بيروت، 1972).
- آخر ما سمعته منه (قصائد مهربة في ديوان سميح القاسم. إصدار عربسك 1979)
- بطاقة تذكير (قصائد مهربة في ديوان سميح القاسم. إصدار عربسك 1979)
- حبيبتي يا قدس (كولاج 1 – منشورات عربسك. حيفا 1983)
- أرادت أن تناديني (كولاج 1 – منشورات عربسك. حيفا 1983)
- حوادث الطرق (كولاج 1 – منشورات عربسك. حيفا 1983)
- شخص غير مرغوب فيه (“برسونا نون جراتا”. العماد للطباعة والنشر 1986. حيفا)
- الطريق (“أرضٌ مراوغةٌ، حريرٌ كاسدٌ، لا بأس!”- منشورات إبداع- الناصرة 1995)
- عجائب قانا الجليل (عجائب قانا الجليل. سربية. منشورات إضاءات. الناصرة 2006)
معطيات من القصائد أعلاه:
ورد الوطن في هذه القصائد كما يلي: المكان، الحالة الآنية، رجاء العودة وجميعها دوال على انتماء القاسم إلى الوطن.
يقول طيب حمايد (2018) “حضور المكان في شعر سميح القاسم لم يكن بمحض الصدفة، لكونه يرتبط بوعي الشاعر ليستلهم من ذكرياته وعواطفه أفقًا تغلغل في الهدف المنشود، ليكون بذلك المكان مرجعية ثابتة يتعدّاها الشاعر من ذلك الحيّز الجغرافيّ الذي يعكس ظاهر الإنسان الفلسطينيّ إلى الجوهر الباطنيّ الذي يلمّ بجوانبه الحسيّة النفسيّة والاجتماعيّة لذلك نجد سميح القاسم يتفنّن في رصد معالم الأمكنة بمختلف أنماطها. والمكان باعتباره جزءًا لا يتجزّأ من تركيبة النصوص الشعريّة………….. جاء عند الشاعر سميح القاسم ليعبّر عن اتّجاهاته لقضيّة الأرض والوطن التي كانت شغله الشاغل، فجعل من قصائده مرتعًا لنقش هذه القيم التي جعل لها شعارًا ثابتًا يبلور توجّهه الفكريّ اتّجاه القضيّة الفلسطينيّة”
تجلّى المكان في القصائد أعلاه في التركيز على: القدس (قباب القدس، بروج الحمام)، عكا (الفنار، الشاطئ، شباك الصيد والقارب والحبال)، جبال النار في نابلس، قانا الجليل، الأرض، الحديقة، الصحراء، العواصم، بلادي، ألوطن، القرية، الأطلال وركام القرى، البيت الذي كسروا قنديله، السجن وجهنم. (للتوسع حول المكان وتوظيفه ومدلولاته أنظر طنوس 2020)
القضية الفلسطينيّة خلقت حالة استثنائيّة للمكان في شعر القاسم، تتجلّى هذه الاستثنائيّة بثنائيّة ضدّيّة تجمع بين المكان الذي يعني الدفء والحميميّة والأمن والطمأنينة إلى مكان ركام وسجن وغيرها، مثلا:
- “والقارب المهجور
غطت رمالُ الشطِّ دفتَّه
وجنبهُ المكسور
وكاد أن يورق-
مجذافُهُ المطمور!” (إلى حارس فنار عكا)
المكان هو شاطئ البحر عند عكا، وهنا هجر الصياد قاربه عنده مما أدى إلى انكسار جانبه ومجذافه المطمور لأنه لا يستعمل وكاد يورق، هذا القارب الذي كان يشكل مصدر رزق للصياد أصبح بقايا مهجورة على الشاطئ.
- ” وعلى أنقاض أبراج الحمام!” (تعالي لنرسم معا قوس قزح)
ابراج الحمام المليئة بالهديل والحركة والحية أصبح أنقاض.
- “أحكي للعالم.. أحكي لَهْ
عن بيتٍ كسروا قنديلَهْ
عن فأسٍ قتلَتْ زنبقةً
وحريقٍ أوْدى بجديلَة
أحكي عن شاةٍ لم تُحلب
عن عَجْنَةِ أمٍّ ما خُبِزَتْ” (أحكي للعالم أحكيله)
قنديل البيت المخصّص لإضاءته كُسر والفأس المخصّصة للعمل الزراعيّ أصبحت تعمل العكس، تقتل زنبقة؛ الشاة لم تحلب والعَجْنَة لم تُخبز – كلّ هذا يحدث في البيت، المكان المتوقّع أن يحدث فيه عكس ما يحدث.
- “رُبَّمَا تَبْقَى عَلَى قَرْيَتِنَا كَابُوسَ رُعْب..
يا عَدُوَّ الشَّمْسِ.. لَكِنْ.. لَنْ أسَاوِمْ.. ” “خِطَابٌ في سُوقِ البَطَالَةِ)
يبرز الثنائية الضدية هنا في أن عدو الشمس يحول قريته إلى كابوس.
اتجاهات القاسم حول الوطن المسلوب كانت الرفض والإصرار على مواقفه الملتزمة بقضية شعبه، مثلا:
- “مثلما تُغرس في الصحراء نخلة
مثلما تطبع أُمي في جبيني الجهْمِ قُبلة
مثلما يُلقي أبي عنه العباءة
………………………………
مثلما تعرف صحراء خصوبة
هكذا تنبض في قلبي العروبة!” (قصيدة هكذا)
- “أنا الغضب
حديقتي تمتد من سري
إلى ابعد ما في الأرض من أسرار” (قصيدة الغضب)
- “أنا الغضب
حديقتي تمتد من سري
إلى ابعد ما في الأرض من أسرار
حديقتي تنهار
لذا فأنني أجدل الإعصار.” (أنا الغضب)
- واغفري لي صرختي للنار في ذل سجودي:
أحرقيني.. أحرقيني لأضيء (تعالي لنرسم معا قوس قزح)
- أنا لا أشعر بالنقص.. ولكني اقول
لا لكم.. لكن أقول
“للقرى الأطلال، للوادي المدمى، للسهول
ليس حسبي
أنني أعلنت حبي
لبلادي ولشعبي
وأنا أعلم أن الموت بالمرصاد،
في عطفة درب!” (قصيدة “بطاقة تذكير”)
- “يَا عَدُوَّ الشَّمْسِ، لَكِنْ، لَنْ أُسَاوِمْ
وَإِلَى آخِرِ نَبْضٍ في عُرُوقِي.. سَأقَاوِمْ” (قصيدة ” خِطَابٌ في سُوقِ البَطَالَةِ”)
تتكرر هذه الفقرة أربع مرات وتنتهي القصيدة بتكرار الفعل “سأقاوم” ثلاث مرات للتوكيد.
- “حبيبتي يا قدس” يتكرر التعبير 4 مرات والقدس 7 مرات (قصيدة ” حبيبتي يا قدس).
انتماء الشاعر القاسم إلى فلسطينيّته كان عقلانيّا واعيًا وهذا يتّفق مع ما يقوله الناقد نبيه القاسم (1989) حول هذا أنّه مثلًا في قصائد ديوان “لا أستأذن أحدا” يقول: “لم يغب الإنسان الفلسطينيّ وإن لم يظهر باسمه الواضح وظلّ وجوده هو الطاغي. فهو الغائب الحاضر، وقضيّته هي الشاغل الأوحد. لكنّ الشاعر آثر الامتناع عن الصراخ والعويل والندب وجلد الذات والتشهير والإدانة، فكتم حزنه وترفّع عن الشتم وآثر أن يترك للمتلقّي مهمّة أن يستشف القضيّة بنفسه من خلال القصيدة. وبذلك يجعله يحسّ إحساسًا قويًّا ومزلزلًا بكافة جوانبها”.
- أنا الشاعر – والعالم الواسع
- إلى فيدل كاسترو (ارم. نادي النهضة في أم الفحم- مطبعة الاتحاد-حيفا 1965)
- إلى جان بول سارتر (ارم. نادي النهضة في أم الفحم- مطبعة الاتحاد-حيفا 1965)
- إلى بول روبسن (ارم. نادي النهضة في أم الفحم- مطبعة الاتحاد-حيفا 1965)
- إلى أوري ديفز (ارم. نادي النهضة في أم الفحم- مطبعة الاتحاد-حيفا 1965)
- إلى نجيب محفوظ (ارم. نادي النهضة في أم الفحم- مطبعة الاتحاد-حيفا 1965)
- من يوميات جوني غيتار (“دخان البراكين”. المكتبة الشعبية- الناصرة 1968)
- كيف لا؟ (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم! صلاح الدين- القدس 1976)
- بوبي ساندز (كولاج 1 – منشورات عربسك. حيفا 1983)
- ليلاً، على باب فدريكو (persona nongrata، العماد، دالية الكرمل – 1986)
- بوخنفالد (“كولاج 2”. الناصرة، الحكيم للطباعة والنشر. 2009)
- الوضوح (“بغض النظر”، إضاءات. توزيع مكتبة كل شيء، حيفا 2012)
- عينُ الصوابْ (هيرمافروديتوس (وقصائد أخرى)، مكتبة الأسرى الأردنية/ مهرجان القراءة للجميع. وزارة الثقافة – المملكة الأردنية الهاشمية. عمان 2012).
الفكر الإنسانيّ العالميّ:
يقول توفيق العيسى (2012) “ينطلق القاسم شاعرًا إلى جهات العالم، لتسمعه يغنّي لقصب السكّر في كوبا، ومتحدّيًّا الغزاة بقوله “تقدّموا تقدّموا، فكلّ سماء فوقكم جهنم”، ويغنّي مع “الأسطة سيد” للسدّ العالي، في مصر، يوحّد المضطهدين في قصيدة واحدة، يجمع فيها بين المشرّد والخائف، والجندي المقتول في حرب أسياده، والقراصنة الميتين، والشباب المهاجر سرًّا باحثًا عن لقمة الحرية، والمساجين … باسم هؤلاء كلّهم وشيوعيين لا يعرف أسماءهم في أسيوط واللاذقية وفولغوغراد ومرسيليا ونيويورك وأزمير وأسوة بهم يصرخ سميح القاسم ليقول: أسوة بي أنا نازفا جارحًا غامضًا واضحًا غاضبًا جامحًا …….. صارخا: آخ يا جبلي المنحني آخ يا وطني آخ يا وطني آخ يا وطني! لا فرق عند القاسم ان يكتب عن البندقية أو عن التاريخ أو الحب أو عن عدس الأرض طالما تمهّد دلالاتها للوصول إلى الحرية بانفتاح المعنى، وطالما تحمل دلالات الحق والحضور الجذريّ للفلسطينيين في مواجهة سرقة التاريخ وصناع الزيف”.
مجموعة الأسماء في القصائد المختارة أعلاه تشير إلى اتّجاهاته الثوريّة العالميّة فهو إذ يكتب لڨيدل كاسترو وجان بول سارتر واوري ديڨس والمغني بول روبسون وقصيدته لنجيب محفوظ (1965) وشخصية جوني غيتار (1968) والمناضل العمالي روبرت غيرارد ساندز (1983) ممّا يدلّ على تغنيه بالفكر الثوريّ وبحركات التحرّر العالميّة. في قصائد أخرى كتب لغيفارا وباتريس لومومبا وأحمد بن بلا وجميلة بوحيرد، وعن الحركات الثوريّة في الجزائر وغيرها من العالم العربيّ. كتب القاسم هذه القصائد على أثر اعتناقه للفكر الماركسيّ اللينينيّ، وانتخابه لعدّة مرّات عضوًا في اللّجنة المركزيّة للحزب الشيوعيّ وعمله في تحرير مجلة “الغد” الشبابيّة وجريدة “الاتّحاد” ورئاسة تحرير مجلة “الجديد” الأدبيّة – كلّ هذا أدّى إلى اقتناعه بأنّ انتصار الفكر الماركسيّ اللينينيّ يؤدّي إلى تحرّر الشعوب وإصلاح العالم بأسره. بقي القاسم على هذا الفكر الملتزم ولكنّه قرر أن يصبح مستقلًا خارج أيّ إطار تنظيميّ حزبيّ وسياسيّ ليمارس حرّيته المطلقة في الفكر والممارسة.
معطيات من القصائد أعلاه:
- قصيدة “إلى فيدل كاسترو” (1965):
- فيدل أليخاندرو كاسترو (13 أغسطس 1926 – 25 نوفمبر 2016) رئيس كوبا منذ العام 1959 بعد إطاحته بحكومة فولغينسيو باتيستا بثورة عسكرية ليصبح رئيس الوزراء حتى عام 2008 وكان كاسترو في 1965 أمين الحزب الشيوعي في كوبا وقاد تحويل البلاد إلى النظام الشيوعي ونظام حكم الحزب الوحيد. وأصبح في عام 1976 رئيس مجلس الدولة ومجلس الوزراء. وكان أعلى قائد عسكري. توفي عن عمر يناهز 90 عامًا. كان كاسترو مع إرنستو تشي جيفارا قادة للثورة في كوبا.
القاسم يخاطب كاسترو كمحررًا للشعب ومحطما الأغلال ويذم الاحتلال الأمريكي:
“قدمًا.. قدمًا.. في هذا الدرب!
يا حاطم أغلال الشعب
قدمًا.. يا أول شعلة
في عتمة أمريكا المحتلة”.
- قصيدة “إلى جان بول سارتر” (1965):
- جان بول سارتر – (21 يونيو 1905 – 15 أبريل 1980) هو فيلسوف الوجودية وناشط سياسيّ يساري فرنسيّ. حين احتلت ألمانيا النازية فرنسا، انخرط في صفوف المقاومة الفرنسية السرية. اشتهر بكونه كاتب غزير الإنتاج، وبأعماله الأدبية وفلسفته الوجودية. تمسك سارتر كباقي مثقفي عصره بقضية الثورة الماركسية. سارتر وسيمون دى بوفوار وزملاءهم بحثوا عن طريق آخر وهو رفض الرأسمالية والستالينية في آن واحد. كان له موقفا معاديا للحرب الهندوصينية وانتقد الاستعمار الأمريكي. بعدما في سنواته الاخيرة اهتم سارتر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكان يندد بالاحتلال وبالأحوال المعيشية القاسية للشعب الفلسطيني. وفي سياق مقالنا من الجدير أن نذكر كتابه “عارنا في الجزائر” الذي يندد فيه بجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر وصمت الشعب الفرنسيّ على ما يحدث من تعذيب وبهذا فالشعب يخفي متنكرا حقيقة التردّي الاخلاقيّ والحضاريّ الذي يصيب سلوكياّت الجنود الفرنسيين جرّاء تعذيب الرجال والنساء والأطفال. هذا القليل عن سارتر جعل القاسم يخصّص له قصيدة أقلّ ما يمكن أن نقول إنّها تدلّ على عالميّة القاسم وانتمائه إلى العالم الواسع يقول فيها:
“أطلقها.. نارًا.. في وجه الأعداء
أطلقها. كلمتك الحمراء
………………….
يا أنبل قنديل
في عتمة باريس العمياء
أطلقها..
في وهران
في هافانا.. في هارلم.. في كل مكان
كلمتك المورقة الخضراء
أطلقها! أطلقها! أطلقها!!
من قوس النصر المحمول
فوق رقاب الأحرار الشهداء!”
- قصيدة “ إلى بول روبسن“(1965):
- بول روبسن (بالإنجليزية: (1898 – 1976) هو مغنٍ، ومحامٍ، وكاتب، وموسيقي، ولاعب كرة السلة، ولاعب كرة قدم أمريكية، وممثل أفلام، من الولايات المتحدة، توفي في فيلادلفيا، عن عمر يناهز 78 عاماً، بسبب سكتة قلبية. كان ناشطا في حقوق الإنسان وداعما للحزب الشيوعي في الولايات المتحدة.
الأغاني الأفرو-أمريكية التي أنتجها جذبت الكثيرين في الولايات المتحدة وخارجها لسماع هذا اللون الذي احتوى ايضًا على أغتني احتجاج. هذا ما دفع القاسم لكتابة قصيدة له يحكي فيها كيف كان يسمعها في بيته ويقول:
“ينهل غناؤك في بيتي
يا أعمق صوت
ينهل غناؤك في بيتي
يا أقسى لافتة في الدرب
يا فاضح جور الإنسان على الإنسان
من أقصى أطراف الدنيا
“بالله خذوا أمي للبيت
كي لا تشهد موتي”
وتهوم في عينيا
أشباح الكوكلوكس كلان”
- قصيدة “إلى أوري ديفز”(1965):
- يعرف أوري ديفيس نفسه بقوله “أنا فلسطيني عبريّ من أصل يهوديّ من مواليد القدس عام 1943 قبل إقامة الدولة العنصريّة وأنا مناهض للصهيونيّة”، انضمّ إلى حركة فتح في العام 1984 باقتراح خليل الوزير وشارك في المؤتمر السادس في لجنة العلاقات الخارجية، ويقول “قرّرت الترشح لعضوية المجلس الثوريّ من أجل العمل في لجنة العلاقات الخارجيّة بالمجلس”.
يقيم حاليا في رام الله وهو متزوج من فلسطينيّة ويعمل حاليًّا محاضرًا في جامعة القدس الفلسطينيّة. في عام 2009، فاز بانتخابات المجلس الثوريّ الفلسطينيّ التي عُقدت أثناء المؤتمر السادس لحركة فتح في بيت لحم وصار عضوًا فيه.
من أجل هذا كتب القاسم قصيدته التي يقول فيها:
“في كفي دفء من كفك!
في قلبي صوتك: “إني في صفك!”
في ذهني وجهك.. ذات لقاء
وهتافكم: “إني معكم يا اخوتي الشرفاء”
“معكم.. معكم.. في وجه الأعداء!”
- قصيدة ” إلى نجيب محفوظ” (1965):
- نجيب محفوظ (11 ديسمبر 1911 – 30 أغسطس 2006)، روائيّ، وكاتب مصريّ. يُعدّ أوّل أديب عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب. كتب نجيب محفوظ منذ الثلاثينات، واستمرّ حتى 2004. تدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها سمة متكرّرة هي الحارة التي تعادل العالم. من أشهر أعماله: الثلاثية، وأولاد حارتنا، والتي مُنعت من النشر في مصر منذ صدورها وحتى وقتٍ قريب. بينما يُصنف أدب محفوظ باعتباره أدباً واقعياً، وتظهر فيه مواضيع وجودية. يُعد محفوظ أكثر أديب عربي نُقلت أعماله إلى السينما والتلفزيون. خصص له القاسم قصيدة يحثه فيها أن يكتب عن الناس البسطاء والعامل والفران وأطفال الحارة وعن استغلال الأغنياء لهم ويحثه على توعيتهم وبث أحلام الرفض:
“فاغرف من أعماق البئر العذراء
واسق العامل والفران وأطفال الحارة
فالناسُ ظِماء
اكتب عن شحذ الهمة
أكتب عن أحلام الأمة
طوبى للحرف الشامخ في الليل منارة
والعار لأبراج العاج المنهارة
وسبايا النقلاء!!”
- قصيدة “ من يوميات جوني غيتار”(1968):
- يكتب القاسم على هامش القصيدة في كتاب “دخان البراكين 1968” عن جوني ما يلي: “جوني، شاب وهمي، خلقته أغنية قديمة تنشدها امرأة تعيسة، ولبراعة جوني في العزف على الغيتار، أطلقت عليه المغنية العاشقة اسم “جوني غيتار”، وما زالت منذ سنوات بعيدة تغني لحبيبها الذي لم يكن له شبه في روعة عزفه. جوني، الذي لم يخلق للحرب بل للحب والغيتار، جنده الرئيس الأمريكي جونسون وساقه إلى فيتنام، وهناك، في خط النار يكتب جوني يومياته مناجيا فيها حبيبته التي تحصل على لقمتها من العمل في مصنع النابالم وتنتظر عودة حبيبها جوني، حبيبها… جوني غيتار!”. مما يقوله القاسم في قصيدته:
“كان الصباح رائعًا.. في غابة الكمينْ
لكنّ جاري “مايك” ظلّ ساهمًا حزين
ومايك.. يا حبيبتي..
مُهرِّج وراقص طروب
ومايك.. زنجي من الجنوب..
أمسِ، أتى أخوه، في كتيبةٍ جديدة
وقال إن أُمَّهُ
خَلِّفها في الكوخِ، في دترويت
أرملةً.. وحيدة”
- قصيدة “ بوبي ساندز” (1983)
- روبرت غيرارد ساندز. كان عضوا في الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت، والذي تُوفي بسبب إضرابه عن الطعام أثناء حبسه في سجن إتش إم ماز بعد الحكم عليه في قضية حيازة أسلحة نارية. كان زعيم الإضراب عن الطعام في عام 1981. لذي احتج فيه السجناء الجمهوريون الإيرلنديون على إلغاء وضع الفئة الخاصة. انتُخب ساندز في البرلمان البريطاني أثناء إضرابه كمرشح عن آنتي إتش-بلوك. تُوفي ساندز في 5 مايو عام 1981 في مستشفى سجن ماز بعد 66 يومًا من الإضراب عن الطعام، بالغًا من العمر 27 عامًا. مما دفع القاسم لتخصيص قصيدة له ومما يقوله فيها:
“عينان من لا زوردْ
في جنة المجهول
يا أيها المقتول
انهض: وراءَ الجبال
بيتٌ وأمٌ وأخت
بعضُ الذي انتَ كُنتْ
يضمُّ كلَّ الخيال!”
- قصيدة ” الوضوح”(2012):
- يبدو واضحا انتماء القاسم العروبي والأممي، إلى العالم الواسع. يقول إنه عربي بسيط مُستفز ومظلوم ومن يفعل معه هذا الغزاة – الطغاة، ولكنه واضح بأمميته على الرغم من كل شيء وهولا ينحني ويحب جميع الأمم ويريد السلام إذ يقول في قصيدته:
“وأنا مَن أنا
عربيٌّ بسيطٌ أنا. وأُحبُّ جميعَ الأُممْ
رغمَ كُلِّ الألمْ
عربيٌّ بسيطٌ أنا. وأُريدُ السَّلامْ
رغمَ ما كَدَّسوهُ على كاهِلي
واستفزُّوا بِهِ مِعْصَمِي
واستثاروا بِهِ كَاحِلي
عربيٌّ بسيطٌ أنا. وأُحبُّ السَّلامْ
……………………….
فوقَ ظهري صُخورٌ ولكنَّهُ ما انحنى
ما انحنى
ما انحنى
وأنا واضحٌ..
كُلُّ شيءٍ واضحٌ”
- قصيدة “عين الصواب” (2012):
- كعادته يتألّق القاسم باتّجاهاته الإنسانيّة والتي تبدو جليّة في شعره وخاصّة في هذه القصيدة “عين الصواب”. المحبّة هي المحبّة، والعطاء هو العطاء. إنّها تعابير فوق-انتمائيّة. يقول المهاتما غاندي:” يصبح الإنسان عظيمًا تمامًا بالقدر الذي يعمل فيه من أجل رعاية أخيه الإنسان” والدالاي لاما يقول: ” السلام لا يعني غياب الصراعات، فالاختلاف سيستمرّ دائمًا في الوجود. السلام يعني أن نحلّ هذه الاختلافات بوسائل سلميّة عن طريق الحوار، التعليم، المعرفة، والطرق الإنسانيّة.” ونيلسون مانديلا يقول: ” أنا لست حرًّا حقًّا إذا أخذت حريّة شخص آخر. المظلوم والظالم على حدّ سواء قد جُرّدوا من إنسانيّتهم.”
الإنسانيّة هي ما يتميَّز به الإنسان من الأعمال الصالحة التي يقوم بها تجاه جميع أبناء البشر. أما اللّاإنسانيّة فهي عادة تكون إهدارًا لقيمة الإنسان وحقوقه، والتعامل معه بعنصريّة، وبقسوة وبسلب الحقوق.
أصبح مفهوم الإنسانيّة في العصر الحديث واسعًا وشاملا بعد الحربين الأولى والثانية وبعد حركات التطرّف العنصريّ والعنف الذي رافقها والذي أدّى إلى معاناة الشعوب من نتائجها فازداد الاهتمام بالسلام بين شعوب العالم عل الرغم من انتماءاته المختلفة والمطالبة بإعطاء الإنسان حقوقَه وبناء أنظمة ديمقراطيّة، وتحقيق العدالة الاجتماعيّة.
الإنسانية حسب الأونروا (unrwa) هي المبدأ الإنساني المركزي الذي تقوم عليه كل المبادئ الأخرى، وتعني أنه “يجب التطرق للمعاناة الإنسانية أينما وُجدت. الغرض من العمل الإنساني هو حماية الصحة والحياة وضمان احترام الإنسان.”
قصيدة “عين الصواب” للقاسم هي مثال عظيم للاتجاهات الإنسانية إذ تحتوي على النظرة الإيجابية للبشرية أجمع والنقطة الأساس (البوينتا) “في القصيدة هي “في الكون متّسع لكلّ الناسِ” لكل شيء ولكل مخلوق ولكل ثقافة ولكل عقيدة ولكل قوم وطائفة ولكل الألوان. هذه القصيدة هي فلسفة حياة وتصلح أن تكون شعارا للحياة المشتركة بين الجميع وتكتب بماء الذهب وتعلق في كل مكان.
يقول الشاعر القاسم:
في الكون متّسع لكلّ الناسِ. والاشياءِ. والأسماءِ.
……………………………………………….
في الكون متّسع لأهل الكونِ. من صفرٍ الى بيضٍ. ومن حُمْرٍ
الى سُمْر وسودْ
ولديه متّسع لنا العربِ، اليهودْ
ولنا الفرنسيين والألمان والأتراك والإسبان والشيشان
والبلغار والرومان والفرس. المغاربة. الصقالبة. الهنودْ
ولديه متّسع لكونفوشيوس وبوذا
ولديه متّسع لموسى
ولديه متّسع لعيسى
لمحمّد. ولآلهِ ولصحبهِ. للعلم والإيمان. والكفرانِ والغفرانِ
متّسع لمتّسع وضيقْ
ولديه متّسع لما يسَعُ العدوّ مع الصديقْ”
ملخص:
قمنا في هذه المقالة بدراسة مسألة الانتماء كما بدت لنا في شعر سميح القاسم، بدأنا بتعريف الانتماء لغويًّا ومصطلحًا علميًّا ومن ثمّ حاولنا الوقوف على الاتّجاهات التي تكوّنت عنده نتيجة لانتمائه. وجدنا ثلاثة دوائر انتماء في شعره: الشاعر والطبيعة الشاعر والوطن الشاعر والعالم الواسع. اخترنا قصائد من شعره لإثبات ذلك على سبيل المثال وليس الحصر وأنهينا المقال بالتعقيب على القصيدة القمّة في نظرنا “عين الصواب” لإنسانيتها.
المراجع
القاسم نبيه. (1989) “لا أستأذن أحدا ورحلة سميح القاسم الإبداعية.” مجلة أدب ونقد. العدد 47.
العيسى توفيق (16.2.2012). سميح القاسم “الشاهد على الجليل، شاعر أهدى شعره بطاقات معايدة موقع القدس https://www.alquds.co.uk/
حمايد طيب. (2018). شعرية المكان في الشعر العربي المعاصر. قراءة في شعر محمود درويش وسميح القاسم. أطروحة دكتوراه. جامعة جيلالي ليابس، سيـدي بلعباس. الجزائر
شامير زيڨه. (1986). أغان وأناشيد للأولاد- دراسة شعر بياليك للأولاد وللشبيبة، إصدار بابيروس. تل ابيب. (الفصل: الدوائر المتوازية ص 35-44.)
طنوس نبيل. (2020). المكان في شعر راشد حسين. مجلة المجمع. 15-2020 كلية القاسمي- باقة الغربية
يونس انتصار. (1995). السلوك الإنساني. إصدار دار المعارف بمصر. ص 212.
موقع الأونروا. وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى. https://www.unrwa.org/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9
ملاحظة: وردت أسماء كتب الشاعر سميح القاسم الثمانية عشر التي وظفتها في متن المقالة.