كبرتُ يا أمي وصار لي جذور في الأرض
وصرت أنا شجرة لوز باسقة الثمر ..
صرت أعاند الريح كلما هبت مواسم الرحيل
صار شعري أسودا
ووجهي أبيضا
صرت خضراء العينين
حمراء الخدين
وصارت شفتاي تقبّل السماء
كلما مر بها ملاك الموت
وعندما تبكي الغيوم
أبدو كقديسة مريضة بالقبل
تعانق حبيبها نكاية بالمطر
كبرتُ يا أمي,,
وصار لي جسد وأطراف
وصار عودي صلبا
صار موغلا في التراب
متمسكا بجذوره لا بالارض
فلا تقلقي يا أمي,
سأعود حتما,
فالمدن البعيدة تأكل الغرباء
المدن البعيدة يا أمي صدر منكسر
وأجنحة عاجزة,
كانت قد سقطت بين قدميك الحافيتين
الغربة يا أمي ,,
حين لا تكونين أنت جزءا من تفاصيل المكان
كبرتُ وصرتُ شجرة عملاقة
والشجرة العملاقة يا أمي أكثر عرضة للموت في البرد
من الشجرة الصغيرة,
التي تنام بحضن الغابة كلما اجتاحتها موجة صقيع,
كبرتُ يا أمي
وصرت أنثى لا تنسى جروحها ,
والأنثى تدفن جروحها في قلبها بمقابر جماعية
دون مراسيم عزاء,
فهي تؤمن بتناسخ الحزن,
جرح ..
فوق جرح, …
حد جرح, ,,,
دون جرح ,
إثر حزن …
ثم تمضي وتبتسم ,
وصارت شوارع قلبي يا أمي كبيرة
تبدو تماما كشوارع تلك المدن البعيدة,
شائكة ومتشعبة,
يضيع المارة فيها
إن لم يحتاطوا مسبقا بدليل سفر
لا يأخذهم لأعماق المدينة
حيث تُقدم القرابين لالهة النسيان,
فحذار أن تضيعوا في متاهات جروحي الأزلية
حتى لا يُدرج اسمكم في قائمة المفقودين
كبرت يا أمي وصرت أحلم بتلال الحليب
الشاهقه على سفوح صدرك العاري
كيف تنحني خجلا كلما مر بها طفل رضيع
كبرت يا امي وصرت أتعثر بأنفاسك القديمة
صرت أجهل عمري
فقط أشعر أنك صرتِ بعيدة
وصارت تفاصيل كتفك ميتة
وصرت أنا في حضن وجهكِ قصيدة