بين ليلٍ منيرٍ وفجرٍ بهيم – محمد بكريّة

مُقرفصٌ على حجرٍ فوقَ تلّةٍ علياء.

ترجّلَ غيمٌ قاتمٌ  ,

والمطرُ قد انحدرَ كسهمٍ جامحٍ بلا صلاةٍ أو دعاء.

هاجرتْ الطيورُ  ,  كلُّ الطيورِ ,

لم يبقَ حمامٌ على قبّةٍ أو كنيسةٍ

طارَتْ فراخُ القطا في السماء.

وحدي أنا…

أنادي على السومريِّ في خيمتِه البعيدة:

يا صديقي:

ما أقْتَمَه, ما أقْتَمَه من ضياء.

وحيدًا,

 ليَ أنْ أعبثَ بدودِ الأرضِ

فأرى المدى  زنزانةً.

وليَ أنْ  أقلّدَ زرادشت في التأمّلِ

 فأصيحَ:

 ما أوسعَه , ما أوسَعَه من فضاء.

وحيدًا على تلّةٍ كمتعبّدٍ

ليَ أنْ أهْوي في لجّةٍ بحرِ

وأقضي من جنونٍ وشقاء.

أوْ أركبَ ظهرَ غيمةٍ

وأصيرَ قمرَا في الدهماء.

ليَ أنْ أعتكفَ في صومعةِ ناسك.

ويمّحي العمرُ في الخفاء.

أو أذرعَ حدائقَ قصْرٍ

وأغنّي ما أرحبَه من فِناء.

ليَ أنْ أصبحَ داهوقًا للنار في خُلوةِ المجوسيّ

وأنعمَ بدفئها في لياليِ الشتاء.

أو  أجهرَ برسائلِ الحلّاجِ

ويُنْثَرَ جسدي رمادًا وهباء.

وحيدًا

عارٍ أنا , عارٍ على تلّةٍ كنخلةٍ حدباء.

والأرضُ مثلُ أرجوحةٍ

كطيرٍ كسيحٍ أنا , تعصفُني الريحُ كما تشاء.

ليَ أنْ …

ولَكِ  أنْ تعيدي للرّوحِ زينةَ الرّوح

ولكِ أنْ تفرُشي ليلي بحُلّةِ بيضاء.

ولكِ أنْ ترقّشي على المُحيّا بسمةً

فأركعَ للربِّ قانعًا في السرّاء والضرّاء.

لكِ أنْ تَحُلّي في النَفسِ ظلَّا

فأصرُخً :

 لسْتُ وحيدًا أيّها الّليل.

سأغفو بلا أقراصِ نومٍ أو دواء.

ولكِ أنْ تُنيري بوميضِ عينٍكِ ليلي

فأصيحَ منْ فرحٍ

كم أنتَ موحشٌ أيّها الفجر,

كم أنتَ بهيٌّ أيّها المساء.

 

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*