هذه الدراسة تمتد على ثلاث حلقات
الجزء الأول : شيء من التاريخ العربي المسيحي ….مسيحيو الشرق.
الجزء الثاني : العرب المسيحيون… ونشأة الاسلام حتى الفترة العباسة
الجزء الثالث: عن المسيحيين المشرقيين العرب في فترة الدويلات والصليبية
***
الجزء الاول
هذا المقال يسلط الضوء على بدايات النشأة المسيحية في الشرق وخاصة بين العرب المشرقيين.
اذ اخذت الجانب التاريخي فقط , دون التطرق الى الدين نفسه وفلسفة المسيحية او الايمان المسيحي ,وكذلك دون الدخول في الانقسامات والمذاهب المختلفة.اذ ان هذه المواضيع بحاجة الى بحث آخر .قصدت من هذا المقال الاشارة الى الواقع التاريخي للمسيحيين العرب,في ظل بعض المقولات ان المسيحيون العرب هم بقايا الفرنجة او اليونان او ان اصلهم لا يمت للشرق بشيء. هذا نسمعه اليوم ايضا, في اطار استغلال الدين في الشؤون السياسية.
اذن هنا الحديث عن البدايات حتى ظهور الاسلام,واما لاحقا يكون ايضا بحلقات اخرى.
للمسيحية في الشرق جذور عميقة تعود الى فترة ظهور المسيح , وهي جزء من مكوناته الروحية. السيد المسيح هو النبي و /او الاله الوحيد الذي ولد وعاش ومات وقام في فلسطين,هنا اختار الله ان يتجسد ابنه .المسيح الذي لم يترك فلسطين الا لفترات قليلة ومتقطعة متنقلا بين صور وصيدا وبانياس….اي ضمن ما عرف ب “بلاد الشام ” وفلسطين كانت احدى ولاياتها.
للمسيح والمسيحية جغرافيا وتاريخ .لا يمكن فصلهما عن الشرق وبلاد الشام وفلسطين خاصة .
* في الناصرة جرت بشارة العذراء مريم…انجيل لوقا 1:26…..(الاصحاح الاول الآية 26 )
* وفي مغارة بيت لحم ولد..انجيل لوقا (1:2* في نهر الاردن تعمد انجيل يوحنا . 1: 19- 28)* ثم تنقل في جبال وصحاري وبحار فلسطين, وبشر وصنع العجائب وسار الى مدنها وقراها كفر ناحوم الناصرة كفر كنا /قانا الجليل عمواس اريحا, جبل الطور وبيت صيدا, نين وجنين / بورقين العيزرية وبيت عنيا وغيرها …..وغيرها , علم ووعظ وفي ازقة القدس تألم وحوكم ومات وقبر وقام كما في الكتب.* سار الى الجليل والتقى بتلاميذه ,اكل من خيراتها العنب والتين والزيتون والقمح وذكر اسماء حيواناتها….تعرف على الناس في وطنه….علم وكرس ووعظ ونشر المسيحية.
* هنا في فلسطين, تأسست الكنيسة الاولى والاسقفية الاولى في القدس ” الكنيسة الام “.انطاكيا السورية كانت اول “عاصمة “للمسيحية اما القسطنطينية وروما فقد اصبحتا عاصمتين سياسيتين وكسبتا اهميتهما المسيحية بعد حوالي ثلاث مائة عام ,بعد ان صارت المسيحية الدين الرسمي للامبراطورية مع اعلان او مرسوم ميلانو من العام 314. في انطاكيا سمي المؤمنون في الدين الجديد ولاول مرة “مسيحيون”,اذ سمي الدين الجديد “المسيحية “.في هذه الفترة برز العديد من اللاهوتيين وفلاسفة كبار ,فسروا المسيحية وعمقوا شرحها من خلال الاستفادة والنقض مع الفلسفات القائمة والادبيات الوثنية واليهودية, اذ وضعوا علم اللاهوت المسيحي.من هذه الكنائس والمدارس تخرج معلمون ومبشرون,وجرى انتقال كهنة واساقفة لرئاسة كنائس في الغرب الاوروبي ,بما في ذلك اثينا وروما,اذ كان اول بابا فيها سوريا. لقد سرقت المسيحية واغتصبت جغرافيتها وتاريخها اثناء الاحتلال الروماني /اليوناني,وتم تصويرها بانها غربية….حتى صرنا نرى صور المسيح اشقر الشعر وازرق العينين وابيض البشرة.استمر هذا طويلا,واصبحت المسيحية كانها غريبة في الشرق….ثم قالوا ان المسيحيين العرب هم فرنجة او صليبيون , وهذا ما نسمعه حتى اليوم للاسف الشديد.كذلك تبدلت الاسماء الى اليونا نية ,وبسبب الاحتلال الروماني والبيزنطي فقدت اللغة العربية دورها , اذ طغت اللغة اليونانية وكذلك السطيرة الدينية والسياسة .لذلك من الصعب معرفة النسب اواثبات الاصل العربي للعديد من الشهداء والقديسين .اذن لا يحق لاحد لا تاريخيا ولاعلميا ولا ثقافيا ان يصور المسيحية وكانها دين غريب عن الشرق وبيئته العربية. نشأت المسيحية في فلسطين,ضمن الامبراطورية الرومانية,في بلدات يهودية تقع في المنطقة الجغرافية التابعة لمقاطعة “اليهودية “…..الجليل والسامرة. وذلك في عهد القيصراوكتافيوس /اغسطس قيصر ( 31 ق.م.حتى 14 م. وهذه فترة البشارة والميلاد ) ثم بدأ يسوع الناصري بنشر تعاليمه في عهد الامبراطور طبريانوس ( 14 م. حتى 37 م.) حيث كان هيرودوس ملكا في فلسطين (4 ق. م. حتى 39 ) وكان بيلاطس البنطي حاكم يهودا والسامرة وآدوم من قبل الملك ( 26 حتى36 ) . اي في اجواء الامبراطورية الرومانية الوثنية والمتعددة الآلهة من جهة واجواء الدين اليهودي الذي اتخذت مؤسسته موقف الرفض والعداء للمسيحية. بالرغم من العداء بين الوثنية واليهودية ,بقيت الامبراطورية الوثنية في بعض الحالات متسامحة مع اليهودية .المسيحية نشأت من رحم اليهودية, وهي ليست وثنية ولا تمثل مجموعة اثنية معينة بل تسعى لتبشير الامم وتنصير الوثنيين, واليهودية نصبت لها العداء وحرضت السلطة الوثنية لقمعها وملاحقتها, لان المسيحية دعت الى اصلاح وتكملة اليهودية وتحدت المؤسسة الكهنوتية اليهودية ( العظة على الجبل …انجيل متى 17:5..)” لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء,ما جئت لانقض بل لاكمل….) وفيها يعترض المسيح على الكثير من تصرف الفريسسين والصدوقيين والكهنة اليهود وآخرين .
علم المسيح وبشر وجمع تلاميذه وارسلهم ليبشروا بين الامم.( متى 16:28),(مرقس 15:16)( يوحنا 18:17)
البدايات :
** يتفق المؤرخون ان تأسيس الكنيسة يعود لسنة 33,في اليوم العاشر لقيامة المسيح من بين الاموات,حيث اجتمع التلاميذ وجماعة المؤمنين وامه في علية صهيون في القدس…(اعمال الرسل 6:2…12)…حيث كان بينهم عربا ….و بعد تأسيس الكنيسة فورا بدأت “بالتكلم بلغات مختلفة “…اشارة الى بدء التبشير بين الامم
** الرسول يعقوب (أخو الرب ) انتخب ليكون اول رئيسا للتلاميذ, واول اسقف لما سمي فيما بعد “ام الكنائس”. مات يعقوب مستشهدا على ايدي اليهود سنة 63 فخلفه سمعان الذي استشهد سنة 106 وبعده تعاقب على رئاسة كنيسة اورشليم 13 اسقفا وكان آخرهم مرقس منذ سنة 134 وهو اول اسقف لم ينحدر من الاصل اليهودي,اذ تقول بعض المصادر انه كان عربيا .
** الرسول بولوس الذي هو شاؤول,كان يهوديا متعصبا وشاهدا على رجم ستيفانوس, في القدس ومن المتحمسين للفريسيين, وقرر ملاحقة المسيحيين الى دمشق,حتى ظهر له المسيح في الطريق ,حيث اعلن مسيحيته واصبح اكبر مبشرا للمسيحية في دمشق, التي كانت تحت حكم ملك الانباط العربي الحارث الرابع .الذي حكمها كواليا من قبل الحاكم الروماني .يقول بولوس في رسالته الى كنائس غلاطية: “ذهبت على الفور الى بلاد العرب ” والمقصود دولة الانباط.
** الى انطاكيا وصل الرسولان بطرس وبولوس للتبشير, واسسا معا كنيستها واتخذها بولوس مقرا له,واصبحت انطاكيا “عاصمة ” للمسيحية في الشرق ,وتأسست فيها مدرسة لاهوتية.كانت انطاكيا المدينة الرومانية الهيلينية الثالثة في اهميتها بعد روما والاسكندرية .
** مصر اصبحت المركز الثاني للمسيحية بعد سوريا/ انطاكيا,اذ تأسست هناك الكنيسة القبطية على اسم البلد “ايغيبتوس ” او غيبيت…/قبط لتصبح فيما بعد بجامعتها اللاهوتية ومكتبتها المدرسة الاعظم والاعرق في تاريخ المسيحية القديم. في فترة متأخرة قدم الناسك هيلاريون من مصر الى غزة واسس فيها ديرا,واتته واهتدت بتعاليمه قبائل برمتها من العرب.
** اما في العراق وعلى الحدود مع مملكة فارس كانت مملكة ” الرها ” الصغيرة حيث اعتنق ملكها العربي الابجر التاسع (129حتى 214 ) المسيحية وتأسست فيها مدرستا الرها ونصيبين ,وتبادلا الثقافتان مع الفارسية , ثم دخلت السريانية وثقافتها كلغة اخرى بعد الآرامية في الطقوس والحضارة المسيحية .
بناءا على ما تقدم ,تكون المسيحية قد انتشرت من ناحية اثنية في العهد الرسولي,وعلى مدى قرنين بعده ,بين السكان الاسيويين الشرقيين في المدن والارياف من آراميين وسريان وعرب واقباط وارمن وكذلك يوناني الشرق.بعدها وصلت طلائع المسيحية الى اوروبا , دون ان تنتشر كثيرا فيها .
دور العرب الكنسي :
تؤكد الوثائق التاريخية الكنسية وجود بطريركا عربيا في القدس في اواخر القرن الخامس (494- 516) واسمه ايليا ويعود اصله الى نجد من بلاد العرب .الا ان خلافه مع الامبراطور انستاسيوس (491- 518 ) حول المذهب المسيحي / الطبيعة الواحدة للمسيح , ادى الى نفيه الى ايلة / العقبة حيث توفي هناك .
في سنة 632 استقبل بطريرك القدس العربي الدمشقي الخليفة عمر بن الخطاب ,وسلمه مفاتيح المدينة واستلم منه “العهدة العمرية ”
يذكر مطران اثينا خريستوفوس,في كتابه “تاريخ كنيسة اورشليم “ان ابنا لشيخ عربي من قبيلة بدوية في سيناء,يدعى سبيفيت او سبيت ,شفي من مرض ما على يد القديس افتيموس هناك في احد الاديرة, فتنصر الشيخ العربي سنة 421 ومعه قبيلته, وحين تعمد سبيت اصبح اسمه بطرس , وفيما بعد لقب “بطرس- محبوب العرب ” وصار اسقف مضارب البدو ” وفيما بعد ” اسقف العرب الاحلاف في وادي الاردن “,وذلك في القرن الخامس.وكان هذا قد شارك في مجمع افسس سنة 431 الامر الذي يدل على معرفته وتعمقه في اللاهوت المسيحي . في مجمع نيقيا سنة 325 شارك خمسة اساقفة عرب مندوبين عن ” المقاطعة العربية الرومانية “وفي مجمع خلقدونبيا سنة 451 وسبعة عشر اسقفا من مقاطعة بصرى ,وعشرة عن مقاطعة بترا .
العرب المسيحيون والمسيحية العربية :
قد يكون النص الآشوري من القرن التاسع عشر قبل الميلاد,هو اول نص تظهر به
“كلمة عرب ” المقصود بها سكان الصحارى البدو . اليونان الاغريق اطلقوا اسم “ارابيا ”
على بلاد العرب منذ القرن الخامس قبل الميلاد.اما الامبراطورية الفارسية فاطلقت اسم “طيايا ”
وربما مشتق من الاسم ….طي , القبيلة العربية الكبيرة .التي سكنت في حدود الامبراطورية الفارسية …..فيما بعد اطلقت الامبراطورية الرومانية اسم ” اقليم ارابيا ” على مناطق في سوريا وفلسطين وشرق الاردن وارض الرافدين .
اذن “العرب ” هم سكان البادية ….البدو وينتمون الى الجنس السامي الآسيوي (افريقيا موطن الجنس السامي الحامي) وهم قبائل بدوية واقوام تربطهم اواصر النسب . فالقحطانيين هم عرب اقحاح سكنوا جنوب الجزيرة ,تطورت حضارتهم واقاموا ” ممالك ” يحكمها شيخ القبيلة .وقبيلة كندة سمت حاكمها “ملكا “,والعدنانيون سكان شمال الجزيرة في نجد والحجاز.
وصل التبشير المسيحي الى هذه المناطق في العقود الميلادية الثلاثة الاولى.عن طريق القوافل التجارية والنساك والرهبنة بالاضافة الى البعثات التبشيرية المسيحية.وكان عرب الحجاز السباقين بين العرب للاعتقاد باله واحد سموه “الاه ” ومثل اليونان والفرس والمصرين والرومان كانوا قد عرفوا الديانتين التوحيدتين اليهودية والمسيحية ,اذ عاش اليهود والمسيحيون الى جنبهم وبقربهم في تلك المناطق .
قبل ظهور الاسلام ,قطن العرب وتنقلوا في ثلاث مناطق جغرافية , البلاد السورية وبلاد ما بين النهرين ثم في شبه الجزيرة العربية , وفي هذه المناطق قامت مراكز مسيحية ذات مكانة خاصة في تاريخ المسيحية العربية , وهي “الجابية ” في الجولان السورية و “الحيرة ” في العراق ثم نجران في شبه الجزيرة العربية .وكانت كلها بين حضارتين الفارسية الساسانية ومعتقداتها الزردشتية والامبراطورية الرومانية بمعتقداتها الوثنية .
المسيحيون العرب في الشرق: البلاد السورية , في العراق ,في شبه الجزيرة العربية
في البلاد السورية :
ذكرنا سابقا ان بلاد سوريا / حسب التقسيم الروماني / البيزنطي ضمت سوريا ,فلسطين,شرق الاردن,منطقة الفرات,فينيقيا اللبنانية ( فينيقيا الثانية ) وفينيقيا الساحلية ( فينيقيا الاولى ) ,والمقاطعة العربية حول حوران .وهناك وعلى الطرق التجارية ,قامت ممالك عربية .
*** مملكة الانباط
منذ القرن السادس قبل الميلاد ,كانت اشهر واقوى العرب, وعاصمتها البتراء..قبلها عرفت هذه المنطقة ممالك اخرى,آدوم وموآب في الجنوب وعامون وغلعاد في الشمال .وصلت مملكة الانباط اوج عظمتها في عهد ملكها الحارث الرابع (9 ق.م–.41 ب .م) وعندما وصل شاؤول (القديس بولوس فيما بعد ) الى دمشق كان حاكمها ممثلا للحارث الرابع , اذ كانت جزأ من مملكة الانباط .الامبراطور الروماني تراجان (98 –117 )قضى على مملكة الانباط سنة 105 واقام مكانها اقليم ” المقاطعة العربية الرومانية ” .كانت لغة الانباط عربية بلهجة محلية ,تتخللها كلمات آرامية,اذ كانت هذه اللغة المكتوبة.بينما تطورت اللغة المحكية المحلية الى لغة فصحى مكتوبة واشتهرت بخطها النبطي الذي انحدرت منه الابجدية العربية…
****مملكة تدمر (بالميرا —مدينة النخيل باليونانية او المدينة القوية )
عمليا كانت وريثة مملكة الانباط ونواتها و كانت بالميرا / تدمرعلى الطريق التجارية,تبعت روما في عهد الامبراطور ادريان/ ادريانوس )117—134),لكنها حافظت على حكم مستقلة كمملكة عربية يعتنق بعض عربها المسيحية. وصلت قمة ازدهارها بين 130 —270 ,من اشهر ملوكها العربي “اذينة ” الملقب “ملك العرب “وكان قد هزم شابورالاول الفارسي نصرة لروما
بعد مقتله ,ورثت الحكم زوجته زنوبيا,امتازت بقوتها ونزعتها الاستقلالية وثقافتها الواسعة وتحديها للامبراطورية الرومانية. فهزمت جنود روما ولاحقتهم حتى مشارف انقرة وخلقدونيا,اذ احتلت اقساما من آسيا الصغرى وانطاكيا, ثم مناطق مصرية في الجنوب بما فيها الاسكندرية.وسمت نفسها “ملك الملوك” .زنوبيا نفسه لم تكن مسيحية,لكنها كانت تميل الى التوحيد والى المسيحية,ودعمت المسيحيين الملاحقين من روما الوثنية.
الامبراطور اورليانس (270—275 )هزم زنوبيا وقضى على مملكتها واخذها اسيرة فثارت عاصمتها تدمر,الا ان الامبراطور حرق العاصمة,وبدأت ملاحقة المسيحيين في مملكة تدمر .
وفي مدينة الرصافة التابعة لتدمر,اشتهر القديس ” سرجيوس “الذي استشهد سنة 305 , وعرفت الرصافة فيما بعد على اسمه “سرجيو بوليس ”
*** مملكة الغساسنة :
اصل الغساسنة من اليمن,من قبيلة جفنة, نسبة الى مؤسس سلالتهم جفنة بن عمر.لهذا سمى البعض مملكة الغساسنة “مملكة جفنة “.بدأت هجرتهم شمالا اواخر القرن الثالث,وزادت في القرن الرابع .واستوطنوا في منطقة حوران .اسسس الغساسنة مملكتهم ,ثم توسعت في القرن السادس وامتدت حتى خليج العقبة جنوبا . بلغت ذروتها وازدهارها في فترة الامبراطور الروماني يوستنيانوس (557—582 ). من اقوى واشهر امرائها كان الحارث بن جبلة (529—569) والمنذر ابن الحارث ( 569—582 ) والنعمان ابن المنذر (582—583 ).
اعتنقت مملكة الغساسنة المسيحية في القرن الرابع,وهي اول دولة عربية مستقلة في سوريا واهم مدينة لهم كانت بلدة الجابية في الجولان السوري.وكانت لغتهم العربية والآرامية.ومن شعرائها المشهورين كان حسان بن ثابت , الذي اصبح فيما بعد شاعر الرسول محمد .
اعتنق الغساسنة برمتهم المسيحية ,وبشروا ونصروا الكثير من العرب.وكانوا باغلبيتهم من انصار كنيسة اليعاقبة والطبيعة الواحدة المونوفيزية . تيودورا زوجة الامبراطور يوستنيانوس,تبعت ايضا المذهب اليعقوبي,وساهمت في تعيين ثيودوروس اسقفا على االجزيرة العربية للنصارى العرب الحلفاء ونصارى الحجاز .كذلك عين يعقوب البرادعي اسقفا على الرها .
ويصبح لغسان اسقفية منظمة ونشيطة منذ سنة 543 ,وتوسع نشاطها في فلسطين جنوبا حتى سوريا والعراق شمالا.
انتصر الحارث بن جبلة على ملك المناذرة,ضمن بلاد فارس سنة 554 لذلك كرمه الامبراطور يوستنيانوس بلقب ” بطريق, ” وهو لقب مدني-سياسي بعد الامبراطور.
بعد الحارث بن جبلة جاء ابنه المنذر بن الحارث,وفي سنة 580 انتصر على مملكة المناذرة اللخميين وقضى على عاصمتهم ” الحيرة ” .هذا كان ايضا من اتباع اليعاقبة المتحمسين للطبيعة الواحدة, ولذا فقد طرح على الامبراطور طباريوس (578—582) مبادرة عربية مسيحية تقضي للمصالحة داخل الكنسية الواحدة,تقوم على اساس احترام تعددية المذاهب,وعدم التعرض لفريق ما او اتهامه بالهرطقة,وان يؤدي كل فريق طقوسه الدينية حسب رؤيته.كاد الامبراطور ان يقبل ذلك حفاظا على وحدة الكنيسة كضامن لوحدة الامبراطورية,الا ان البطريركات الخلقدونية (المناوئة للمذهب اليعقوبي ) رفضت ذلك .
بعد ذلك نشبت حربا بين الروم والفرس,هزم بها الروم.اتهم المنذر بانه لم يساعد الروم كما يجب .وعليه فقد غضبت الاميراطورية منه لكونه من انصا ر اليعاقبة, واستغلت هذا الغضب ايضا الكنيسة الرسمية (المذهب الرسمي لمجمع خلقدونيا بوجود طبيعتي المسيح ).
بناءا على ذلك امر الامبراطور بالقاء القبض على المنذر اثناء تدشينه لكنيسة في حوران سنة 582 ونفاه الى صقليا ,ليخلفه ابنه النعمان. وهذا رفض ايضا طلب الامبراطور باعتناق المذهب الرسمي مع قبائله,فكانت النتيجة ان نفي ايضا كوالده. بعدها بدأت مملكة الغساسنة بالتفكك والانقسام الى 15 ولاية / امارة يتحكم الرومان بامرائها .
كان شفيع الغساسنة القديس سرجيوس…وعلى اسمه بنيت عدة اديرة,كذلك اشتهر بينهم اسقف “ارابيا “تيودوروس بسيامته لكهنة واساقفة عرب من الغساسنة وتأسيس اديرة وكنائس لهم .
اذن كانت كنيسة الغساسنة بحضارتها وهويتها ذات طابعا عربيا وترجمت بعض الاناجيل الى العربية ,كما استعملت اللغة العربية في الصلوات الى جانب اليونانية . بعدها اصبح دير مار سابا في فلسطين مركزا للاشعاع المسيحي ,واليه اتى يوحنا الدمشقي (منصور بن سرجيون ) صاحب الدور الكبير في اللاهوت المسيحي في بدايات الفترة الاموية .
المسيحيون العرب في العراق :
ضمن منطقة نفوذ الامبراطورية الفارسية الساسانية ,وخاصة في الرها تأسست مملكة عربية سريانية.اشتهر ملكها الابجر التاسع (179—214 ) كاول ملك مسيحي ل “دولة مسيحية “,لكن الامبراطورية حلتها وضمتها الى مقاطعة ما بين النهرين .فانتقل مركز ونفوذ المسيحين العرب الى جنوب العراق,الى بابل القديمة, حيث برزت مدينة الحيرة لتصبح مركزا مسيحيا عربيا وعاصمة للخميين المناذرة, حيث تنصر ملكها النعمان .نشطت الهجرة للقبائل من نجد والحجاز الى منطقة البصرى حتى حدود الشام ,وقبائل بكر سكنوا الجزيرة الفراتية, ولقبوا بالسريان التغالبة.لم تكن كل القبائل العربية في العراق بدوية بل ايضا حضرية حيث سكنوا في مدن وقرى العرب,مثل الحيرة والانبار ونصيبين وكريت .
وصلت المسيحية الى هذه القبائل وانتشرت بينهم منذ القرن الاول وتوسعت في النصف الثاني من القرن الثالث. الملك شابور الفارسي الذي جلب اسراه في غاراته على الامبراطورية الرومانية بين 241 و 260 ,بمن فيهم من كهنة ومطارنة ورهبان سوريين ,ساهموا في انتشار المسيحية هناك .
انتظمت المسيحية العربية والسريانية في العراق اولا في المدن ,وبين القرنين الرابع والسادس اصبح لها اسقفيات عديدة في سلوقية ونصيبين والموصل وميسان ومسكنة وحضر والحيرة والانبار. ثم اسس مسيحيو العراق العرب والسريان مدرستين لاهوتيتنن كبيرتين في الرها ونصيبين.
*** مملكة المناذرة :
قامت مملكة المناذرة في الحيرة جنوب العراق على اطراف البادية ,في اواسط القرن الثالث.ومن قبائلها تنوخ وبكر وتغلب وطي وربيعة. في التاريخ الفارسي عرفت هذه المملكة بمملكة “عرابيا ” وكانت موالية للفرس في مواجهة الامبراطورية الرومانية وحليفتها الغساسنة .اصبحت الحيرة اسقفية مع بداية القرن الرابع,واشتهر اسقفها يهوشوع سنة 410. ما ميز الحيرة عدا عن كونها مركزا مسيحيا عربيا , هو ظاهرة “العباد “وهم تحالف مسيحي لمجموعة قبائل,مفضلين الانتماء العقائدي على الانتماء القبلي ,فالعبادي لا ينتسب لقبيلته بل لعقيدته. حتى بداية القرن السادس كان حكام المناذرة العرب وثنيون ,لكنهم امتازوا بالتسامح تجاه انتشار المسيحية بين رعاياهم العرب.وفقط بعد تنصر ملكهم النعمان الثالث ابو قابوس (580—602),اصبح ملوكهم على دين رعاياهم .يقال ان الملك نعمان الثالث تنصر بتأثير صديقه الشاعر عدي بن زيد العبادي وهو آخر ملك للحيرة اذ تم بعد ذلك القضاء على المملكة باستسلام الحيرة لجيش خالد بن الوليد سنة 633.
العرب المسيحيون في الجزيرة العربية :
كباقي شعوب وعرب المنطقة فقد وصلت بشائر المسيحية في القرن الاول وذلك عن طريق المبشرين الى نجران وبحر اليمن .ولكن في اواخر القرن الثالث وعلى مدى القرون الرابع والخامس والسادس,اتسع انتشار المسيحية في لشبه الجزيرة العربية عن طريق التجارة وبالاساس من سوريا والعراق, عدا الرهبان واديرتهم في سيناء حيث يشكل الموقع الجغرافي مثلثا بين فلسطين ومصر ومدين شرق خليج العقبة .هناك دور هام ايضا للاحباش الذين احتلوااليمن . من اكبر القبائل هناك التي اعتنقت المسيحية كانت كندة وبكر ووائل وتغلب وطي.
اصبحت اليمن ونجران مركزا مسيحيا وفي سنة 500 تأسست هناك اسقفية , مع اديرة وكنائس وتنظيمات اخرى .
في اليمن كانت هناك ممالك منذ عدة قرون قبل الميلاد,مثل سبأ وحمير حيث تطورت الزراعة وبناء السدود وحياة الحضر.وفي عدن وظفار ونجران اقيمت اول الكنائس .
في اوائل القرن السادس (510—523 ) تهود الملك يوسف المعروف بذي النواس,وكان عدوا للمسيحيين,وفي سنة 520 نفذ مذبحة رهيبة بحقهم,خاصة في نجران وظفار ومأرب وحضرموت وكانت الحصة الاكبر لبني الحارث بن كعب,ففي نجران وصل عدد الشهداء الى 300 شهيدا وشهيدة ,تحتفظ الكنيسة النسطورية باسمائهم واشهرهم شيخهم الحارث , واشهر الشهيدات كانت رهم من ابرز نساء نجران .تعترف الكنيسة بهؤلاء الشهداء وتذكرهم في 24 تشرين اول /10 دون اهتمام خاص او تعميم ذكراهم جماهيريا او ابراز كونهم عربا .
الشيخ الحارث بن كعب ,وقبل استشهاده اعلن وصيته امام اهل نجران وامام ذي النواس وجاء فيها : “ايها المسيحيون والوثنيون واليهود اسمعوا ,اذا كفر احد بالمسيح وعاش مع هذا اليهودي,سواء كانت زوجتي ام من ابنائي وبناتي ام من جنسي وعشيرتي,فانه ليس من جنسي ولا عشيرتي, وليس لي شراكة معه, وليكن كل ما املكه للكنيسة التي ستبنى بعدنا في هذه المدينة.واذا عاشت زوجتي او احد ابنائي وبناتي باية وسيلة كانت,ولم يكفروا بالمسيح,فليكن كل ما املكه لهم ولتخصص الكنيسة ثلاث قرى من ملكي تختارها الكنيسة نفسها ”
(نسخ من هذه الوصية موجودة في الفاتيكان ومكتبة برلين والمكتبة الوطنية في باريس ).
لقد اصبحت اليمن نصرانية بالكامل اثناء الاحتلال الحبشي,اذ احتلوها واقاموا لهم مملكة,وازدهرت وتم بناء “كعبة الشهداء ” في نجران,واصبحت صنعاء العاصمة وبها شيدت كنيسة “القليس “على يد ابرهة الاشرم الحبشي الذي غزا مكة سنة 570—-571 (عام الفيل )وانهزم فيها . اما كعبة نجران , وهي كنسية وسميت هكذا على غرار كعبة مكة حج اليها المسيحيون العرب من مختلف مناطقهم ,بصفتها كعبة لذكرى الشهداء.
يقول الاصفهاني في “الاغاني “ان اهل نجران بنوا كنيسة وسميت الكعبة على غرار كعبة مكة واقام فيها اساقفة . اما ياقوت في ” معجم البلدان “فيسمي الكعبة ” دير نجران “, وان قبيلة ختعم قاطبة كانت تحج اليها , وان الذي بناها هو عبد المسيح بن دارس وصهره يزيد بن عبد المدان الحارثي , وعنها قال الشاعر المسيحي الاعشى :
فكعبة نجران حتم عليك حتى تناخى(ضم التاء ) بابوابها
نزور يزيد وعبد المسيح وقيسا وهم خير اربابها
توسعت المسيحية الى الاطراف الشرقية للجزيرة العربية ,من مصب الفرات حتى عمان ,وتأسست اسقفيات في المنطقة ,اقدمها اسقفية قطر, منذ سنة 225,واسقفية سماهج في مطلع القرن الخامس واسقفية جزيرة دارين سنة 410 .توسعت المسيحية الى عمان ومنطقة البحرين واقيمت اسقفية “هجر ” واصبحت مركزا مسيحيا هاما في القرن الخامس.
اما في الحجاز فلم تكن المسيحية منتشرة كثيرا ,وكانت الوثنية اقوى منها ,كذلك كانت اليهودية تسيطر على بلدات عديدة في الحجاز ,منها يثرب وخيبر والطائف…وعلى خلفية هذا الوضع سمي اتباع المسيحية في مناطق الحجاز “اهل الكتاب “. وفي مكة وجدت مقبرة اسمها ” مقبرة النصارى “, وفي طريق الحج الى عرفات كانت محطة سميت ” موقف النصارى “, وفي مكة اشتهر الاسقف ورقة بن نوفل ابن عم خديجة ’ زوجة الرسول الاولى,.
القبائل العربية :
قبل ظهور المسيحية,سكنت القبائل العربيىة في الصحاري على اطراف المدن ,في البلاد السورية وما بين النهرين وشبه الجزيرة العربية.للبلاد السورية كانت تتبع شرق الاردن وفلسطين وسيناء.وبعض عرب هذه القبائل تنصر في القرون الثلاثة الاولى للمسيحية . اي قبل تنصر الامبراطورية الرومانية . ازداد الانتشار بعد ان اصبحت المسيحية الدين الرسمي للامبراطورية.
في بادية الشام اتت قبائل عربية بعد خراب سد مأرب في اليمن.اشهرها قبيلة ” غسان “في الجنوب و” تنوخ ” في الشمال و ” تغلب ” في الشرق .وكلهم كانوا حلفاء للبيزنطيين في مواجهة الفرس .بينما كانت قبيلة “المناذرة “في الحيرة بجانب الساسانيين الفرس ضد بيزنطيا.
الحفريات الاثرية من القرن الرابع حتى السابع اي في الفترة البيزنطية ’عن وجود 300 كنيسة وديرا في القدس وجوارها,وفي جرش 20 كنيسة وفي مأدبا 14 وفي بادية الشام 15 كنسية .
هذا يدل على نهضة روحية بين القبائل العربية وتنصرها الى جانب شعوب اخرى .
وفي اليمن انتشرت المسيحية ابان الدولة الحميرية (300 -525 )وتأسست كنائس في عدن ونجران وظفر .ثم انتشرت الى شمال الجزيرة العربية من خلال تواصلهم مع عرب الشام والعراق المسيحيين ,واشهرهم قبيلة “كندة “و ” بكر ” و “وائل ” و “تغلب ” و” طي”.
اقام العرب دويلات او مقاطعات مسيحية على اطراف الامبراطورية البيزنطية مثل قبيلة
“لخم ” جنوب العراق على اطراف بادية الحيرة واعتنق ملكهم النعمان ابو قابوس المسيحية
وكذلك مملكة الانباط وان تأسست في القرن السادس قبل الميلاد ووصلت اوجها في فترة الحارث الرابع (9 ق.م. حتى 41 م. ).
دولة الغساسنة واميرها الحارث بن جبلة (529- 569)الذي سماه الامبراطور يوستنيانوس
527 -565 ) لقب البطريرك وذلك لنصرته في حربه ضد الفرس .( الغساسنة كانوا من اتباع اليعاقبة حيث كان يعقوب البرادعي اسقفا ….( اليعاقبة تيار مسيحي نشأ على اساس النسطورية ,) مثلهم كان عرب الحيرة والغساسنة . هذا الامر لم يرق للبيزنطيين ,فاستدعوا الاسقف المنذر ابن الحارث(569 – 582 )الى القسطنطينية ومن هناك نفوه الى صقليمملكة الرها بين بلاد فارس وبيزنطيا وسكنها العديد من العرب المسيحيين واعتنق ملكها الآبجر التاسع (179-214 )المسيحية حوالي سنة 200 اذ اصبح اول حاكم مسيحي لاول دولة مسيحية في التاريخ , سكانها عربا ولغتهم السريانية , واسقفها كان يتبع لبطريركية انطاكيا . هذه كانت البدايات لنشوء وانتشار المسيحية بين العرب المشرقيين,حتى بداية ظهور الاسلام .
فيما سبق ذكرت العديد من المصطلحات,وكذلك عددا من المذاهب المسيحية .رأيت من الضروري توضيح بعضها ليكون القاريْ على اطلاع ودراية لما كتبناه وفهم هذه المصطلحات .
*****.المجامع المسيحية:
بعد ان انتشرت المسيحية في ارجاء الامبراطورية الرومانية وخارجها,والناس على دين ملوكها ,كان لا بد من بلورة الفلسفة واللاهوت وفهم الكتاب المقدس,وكذالك توحيد اسس الايمان.
عقدت المجامع /جمع مجمع او سينودس او كونسيل ,(وهو اجتماع قادة الكنيسة وممثليها من مختلف المناطق ) لبحث مواضيع اختلافية او غيرها والبت فيها.ثم جعل الموقف المتفق عليه في المجمع قرارا كنسيا ملزما ويكون بمثابة قانون.
بدءا من القرن الرابع حتى الثامن ,عقدت سبعة مجامع عالمية / مسكونية,حددت اسس العقيدة والنظام الكنسي.
- المجمع الاول “مجمع نيقيا “سنة 325 بمشاركة 318 اسقفا…بحث فيه بدعة الاسقف آريوس الذى نفى ازلية المسيح,وادعى انه مخلوق من الله وغير مساو له,وان الله منحه الطبيعة الالهية بعد خلقه ,وان مريم هي ام المسيح وليست ام الله .ثبت المجمع ان المسيح هومولود غير مخلوق,مساو لللآب في الجوهر,اله حقيقي من اله حقيقي.
- المجمع الثاني سنة 381 في القسطنطينية ,فقد عالج نصوص قانون الايمان,واقر بعض بنوده اهمها ان الروح القدس هو الاقنوم الثالث من الثالوث الاقدس .( آب ,ابن ,روح قدس )
- المجمع الثالث في افسس سنة 431 ,حيث عارضت الاكثرية نظرية نسطوريوس القائلة بان للمسيح طبيعتين,انسانية والهية وهما منفردتان ومتميزتان.اقر المجمع ان المسيح اقنوم واحد في طبيعتين متحدتين لان الاله : الكلمة :تجسد من مريم وتأنس فيها,وعليه فانها والدة الاله . (هذا المذهب النسطوري انتشر في فارس والعراق ).
- المجمع الرابع سنة 451 في خلقدونيا ,حيث استكمل النقاش حول طبيعة المسيح … اي ذوبان الطبيعة ال الالهية بالانسانية…(.مونوفيزية ).وعلى هذه الخلفية حدث اول انقسام في الكنيسة مما سمي ب “الانقسام الكبير ” الاسقف يعقوب البرادعي كان من اكبر المروجين للمونوفيزية في سوريا , استطاع تجنيد الغساسنة والسريان ,وسمي اتبعه باليعقوبيين .كذلك في مصر / الاقباط والارمن , بينما تمسكت كنائس الجزيرة العربية والحيرة / الآشوريين بالمذهب النسطوري بتاثير فارس عليها .على اثر هذا الانقسام ارادت بعض الكنائس التحرر من التبعية البيزنطية , فتشكلت كنائس قومية منها القبطية والحبشية والارمنية والسريانية والعربية.بينما حافظت كنائس آسيا الصغرى على علاقتها بالكنيسة البيزنطية…..وفيما بعد اصبحت تدعى خلقدونيا ..وسمي انصارها ب “الملكيين ” نسبة للملك / الامبراطور مركيانوس الذي كان رئيسا دينيا ودنيويا ..
تجدر الاشارة هنا ان الخلافات مع الكنيسة البيزنطية قد توسعت,وبدأت حملة اضطهاد ضد الشعوب في سوريا ومصر من قبل البيزنطيين بهدف اعادة السيطرة العقائدية والسياسية عليها.
- المجمع الخامس سنة 553 وسمي ايضا مجمع القسطنطينية
- المجمع السادس سنة 681 ايضا في القسطنطينية … وكلاهما اكدا قرارات مجمع خلقدونيا بان المسيح ذو طبيعتين متحدتين في اله واحد .
- المجمع السابع في نيقيا سنة 787 وبحث قضية الايقونات وضرورة وجودها او عدمه.اقر المجمع بالسماح بارجاع الايقونات,بعد خلاف شديد بين مؤيد ومعارض لها,/ما اسموه ب “حرب الايقونات “’على خلفية بحثا لاهوتيا في” سر التجسد” ./يبدو ان تأثير الاسلام واليهودية كان واضحا في محاربة الايقونات على اساس انها وثنية .
كان من ابرز انصار الايقونات يوحنا الدمشقي ,الذي ساهم بنشأة الايقونة في سوريا وفلسطين,وترعرع في العالم البيزنطي ,ووضع المجمع قانونا يضبط رسم / كتابة الايقونة ويقيدها بنماذج تاريخية…..جاء في انجيل يوحنا ان الله صار جسدا, فالرسم ليس لله وانما لتجسده, والايقونة ليست صنما نعبده بل هي رمز للذي نعبده,ونحن نعبد الشخص الذي تمثله الايقونة نفسها. والهدف الآخر للايقونة هو نتعلم ونتذكر ونتثقف من خلالها على اعمال المسيح والرسل وما جاء في الكتاب المقدس .
المصادر: شيء من التاريخ العربي المسيحي ….الياس ابو عقصة 2003
عرب مسيحيون,..د. جريس سعد خوري …2006/نيسان
عرب مسيحيون ومسلمون …د. جريس سعد خوري 2006/ايلول
المهد العربي …سميح غنادري 2009
الحجارة الحية ….فؤاد فرح 2003
زمكانية المسيحية في الارض المقدسة …د. شكري عراف 2005
مجلة اللقاء.. عن مركز اللقاء للابحاث الدينية /القدس….اعداد مختلفة