هذه الدراسة تمتد على ثلاث حلقات
الجزء الأول : شيء من التاريخ العربي المسيحي ….مسيحيو الشرق.
الجزء الثاني : العرب المسيحيون… ونشأة الاسلام حتى الفترة العباسة
الجزء الثالث: عن المسيحيين المشرقيين العرب في فترة الدويلات والصليبية
***
تمهيد :
هذا هو القسم الثالث والاخير من هذه الدراسة,القسمان الاول والثاني نشرا في صفحة ” منتدى المرشدين العرب “على الواتس اب وفي موقع Ahlan .co.il الياس ابو عقصة , بتاريخ 17/1/21.
ذكرت في الجزء الثاني من هذه الدراسة ان الفترة العباسية الثانية شهدت السيطرة المطلقة غير العربية على قصر الخلافة .فالمنصور ابن السفاح(754—775 )استحدث الوزارات في الحكم وسلم ادارتها الى الموالي(العجم المسلمين غير العرب ,الذين اسلموا اثناء الفتوحات ), حتى اصبح هؤلاء اصحاب الحل والربط. كذلك فعل المعتصم حين تولى الخلافة(833—842 ),اذ سلم امر الحراسة للموالي من بربر واتراك…كان هذا بداية الانحلال والتفكك,اذ بدأت حركات التمرد والثورات مطالبة بالمساواة للشعوب غير العربية مثل الفرس والاكراد والتركمان وغيرهم . ففي هذه الاجواء ضاعت هيبة وسلطة العرب وروحهم القومية ,ولكن بقيت اللغة العربية /لغة القرآن هي السائدة واصبحت لغة عامة للجميع . باختصار ممكن القول انه مع انتهاء القرون الثلاثة الاخيرة للخلافة العباسية ,بدأت نهاية التاريخ العربي في الاسلام . وبدأت مع ذلك ظهور دويلات واقاليم ذات نزعة انفصالية ,وظهور حركات مذهبية اجتماعية,مثل الزيدية والقرامطة والزنج واخوان الصفا والباطنية .يشهد على ذلك قول المتنبي عن عالم العرب : “لكن الفتى العربي فيه غريب الوجه واليد واللسان…” ما تفلح عرب ملوكهم عجم “”…كان للموالي وتسلطهم اسوأ الاثر على تفسيخ دولة الخلافة , وعلى التعامل مع النصارى العرب . مثلا ابان حكم الاخشيديين وهم موالي حكموا في مصر وفلسطين,تم نهب وحرق كنيسة القيامة وذبح البطريرك ذبحا ,حيث كان والي القدس محمد بن اسماعيل الصناجي.
اسس الموالي اماراتهم وممالكهم مثل : الادارسة في المغرب (788—974 ) والاغالبة (800—909 )في تونس , الطولونية (868—905 ) والاخشدية (935—969 )والفاطمية (910—1194 ) والايوبية (1174—1249 ) وكذلك السلاجقة (1055—1194 )….وكانت بعض هذه الدويلات تدين بالطاعة الاسمية للخليفة العباسي في بغداد , واغلبها تنكرللخليفة.فمثلا الدولة الحمدانية في سوريا (944—1003 ) التي حكمها امراء عرب , وكذلك في الاندلس الاموية (755—1031 )حيث سيطر عليها صقر قريش الاموي عبد الرحمان الداخل, الذي فر من العباسيين بعد ان سيطروا على دمشق .ثم المماليك (1250—1517 ) /منها البحرية للاتراك والبرجية للشركس .
استمرالتعدي واضطهاد المسيحيين ولكن بتفاوت بين فترة واخرى او بين موقع وآخر. اذ ان معاملة الحكام المسلمين للمسيحيين ظلت تعتمد في الدرجة الاولى على شخصية الحاكم ومدى انفتاحه وتحرره وليس سياسة او ايدولوجية معينة. مثلا ايام الطولونيين كان احمد بن طولون متسامحا نوعا ما مع المسيحيين عكس كافور الاخشيدي الذي امر بسلب كنيسة القيامة وحرقها كما احرق كنيسة صهيون وقتل البطريرك المقدسي .,وبشكل عام نعم المسيحيون بشيء من الطمأنينة بعد استيلاء المعز لدين الله الفاطمي على زمام الحكم واعلان الخلافة الفاطمية في مصر وبعض اجزاء سوريا الجنوبية . (كان الفاطميون عربا سوريين ينتمون للمذهب الشيعي في الاسلام, وينتسبون الى فاطمة بنت الرسول,وهكذا ادعوا الخلافة لانفسهم كونهم قريشيين .) اتسم حكم المعز بالتسامح مع المسيحيين ومنحهم بعض الحريات. لكن الامور اختلفت بعد خلفه الحاكم بامر الله. فابان حكمه (996—1021 ) للدولة الفاطمية الشيعية , ورغم كون امه مسيحية ,وكان منفتحا في اوائل سني حكمه الا انه انقلب و تعرض المسيحيون للاضطهاد والظلم في ارجاء دولته في مصر وفلسطين وسوريا .الحاكم بامر الله هو المنصور بن العزيز بالله الملقب “ابو علي “الذي خلف والده العزيز بالله في الحكم وهو في الحادية عشر من عمره ,وكان من دعاة المذهب التوحيدي— الدرزي المنحدر من الاسماعيلية في الشيعة , والذي اعتقد واتباعه انه هو التجسيد لله نفسه .واعتقد انه مختار من قبل الله ,اذ اختاره الله اداة للتجسد , واحاط نفسه بهالة دينية وسلطان مطلق.
اصدر الحاكم بامر الله امرا ملزما ,يفرض على المسيحيين بموجبه التمايز الواضح عن المسلمين في لباسهم وسلوكهم ,مثلا ان يعلق المسيحي في عنقه خشبة صليب بطول ذراع ,وعليهم ربط زنار واضح حول الخصر ,وركوبهم للبغال والحمير وليس الخيول ,دون وضع السروج عليها. وفي عهده هدمت الكنائس ونهبت محتوياتها,بما في ذلك كنيسة القيامة في القدس. .. يقول بعض المؤرخون انه قتل بايعاز من اخته, لكن الموحدون الدروز يعتقدون انه اختفى على جبل المقطم في مصر, اذ وجدت ثيابه فقط هناك .( مثل المسيح صعد الى السماء ) .يؤكد المؤرخون ان الحاكم بامر الله امتاز باصدار احكاما غريبة على المسلمين والموحدين انفسهم ,ويبدو بسبب تأثره بالمذهب السلفي,منها منع التنزه واقامة الموائد واللهو ولعب الشطرنج والاستماع للموسيقى وشرب الخمر وتناول بعض الماكولات مثل الملوخية والجرجير,ولمنع صناعة الخمرة اصدر امرا باقتلاع كروم واشتال العنب في مصر…واصدر امرا بمنع خروج النساء من البيوت ,وامر بمنع صناعة الاحذية النسائية . يقول بعض المؤرخون انه كان مختل عقليا,غير متزن الفكر ومليء بالتناقضات .بعده حكم الخليفة الفاطمي الطاهر (1021—1036 ),فالغى كل هذه الاجراءات بحق المسيحيين واعاد بناء كنيسة القيامة وغيرها .
سنة 1069 تغلبت القبائل التركية / السلاجقة على الروم / البيزنطيين. في معركة مانذيكرت بقيادة اميرهم آلب ارسلان ,واستمروا بحملتهم حيث انتزعوا من الفاطميين معظم اجزاء سوريا بما في ذلك القدس سنة 1071, واستمر حكمهم للبلاد حوالي 25 عاما , عاثوا فسادا ودمارا في الديار المقدسة اضطهدوا المسيحيين, ودمروا الكنائس وفرضوا حكما ارهابيا مما اضطر بطرك القدس سمعان الثاني الى الهرب مع اساقفته الى القسطنطينية.عادت القدس بعدها للحكم الفاطمي ,ثم انتقل الحكم في مصر الى الايوبيين سنة 1169 بعد ان عين صلاح الدين الايوبي قائدا للقوات السورية في مصر من قبل امير الدين الزنكي .
****** الاعداد للحملات الصليبية
ذكرنا سابقا ان العرب المسيحيون تعرضوا في الشرق الاسلامي للظلم والقمع والاضطهاد ,وتعرضت اماكنهم المقدسة الى النهب والحرق والهدم,بما في ذلك قدس اقداسهم …كنيسة القيامة . فكانت فكرة ” حرب صليبية ” قد بدأت تطرح قبل عقود قبل انطلاقها في اروقة الكنيسة اللاتينية الغربية,واعتبرتها حربا مقدسة ومباركة من قبل الله وابنه يسوع المسيح ,
اما البابا فهو” ممثل المسيح على الارض ” والمنفذ لمشيئته .من هنا كانت الدعوة للحرب ,بارادة الله وبحجة حماية الامبراطورية البيزنطية في الشرق ,حيث استغاثت طالبة النجدة,لان السلاجقة الاتراك المسلمين استولوا على مناطق واسعة لها في آسيا الصغرى . وفي الارض المقدسة …فلسطين تعرض المسيحيون ايضا للظلم من مماليك وامراء مسلمين,وحددوا حرية المسيحيين الدينية واعتدوا على الاماكن المقدسة . وعليه فقد استغاث هؤلاء ايضا طالبين الانقاذ.
سمى مشعلوا نار الحرب ب “الحرب الصليبية ” انتصارا للصليب,وذلك لان اشارة الصليب المطرز باللون الاحمر وضعت على صدور واكتاف الجنود .لكن اهل الشرق وحال لقائهم بهؤلاء سموهم “الفرنجة ” اذ انهم اجانب اتوا من الغرب لاحتلال الشرق . استمرت حملات الصليبيين / الفرنجة على بلاد الشام وفلسطين نحو قرنين من سنة 1097 حتى 1292 .
لا اود هنا الدخول في تفاصيل الاسباب والخلفية لهذه الحروب ,لكن ثلاثة محاور اساسية ساهمت مباشرة في انفجار الحرب وهي :الغرب اللاتيني والكتل السياسية الصاعدة هناك , والخلافات بين البابا والملوك وحركات التمرد ( للبابا الدور الاساسي في تعيين الملوك ) والانقسام في الامبراطورية الرومانية ( سنة 1054 تم الانقسام وتشكلت الامبراطورية الرومانية الشرقية الاورثودوكسية والغربية الكاثوليكية ) , والمحور الاخر هو الدولة والخلافة العباسية في الشرق,اذ بدأت تتآكل وتأسست فيها العديد من الدويلات,وابرزها امراء السلاجقة الاتراك, اذ اصبح الامير السلجوقي طغرل بك صاحب القرار في الخلافة العباسية .اما العنصر الثالث فكانت بيزنطية وخلافها مع الغرب اللاتيني الكاثوليكي , على الرغم من ضعهفا منذ ان استولى المسلمون على غالبية مقاطعاتها, فقرر الامبراطور البيزنطي اليكسيوس الاول الاستغاثة وطلب العون من اوروبا .
احتل الصليبيون القدس سنة 1099 .امر القائد الفاطمي افتخار مسيحييها بالنزوح عن المدينة قبل دخول الصليبيين اما هو وحاشيته فقد قدموا الفدية للصليبيين وغادروها بعد سقوطها .
اول عمل قام به الصليبيون هو انشاء المملكة اللاتينية في القدس , وامارات في الرها,انطاكيا وطرابلس,كما قاموا بتوزيع الاراضي بين الكنيسة والامراء وتجار جنوى وفينيسيا .وتعرض السكان المسلمون ومن بقي من المسيحيين,خاصة السريان والنساطرة, الى اعمال قتل وتنكيل على اعتبار انهم هراقطة .( على خلفية الانقسام الكبير سنة 1054)
وقف المسيحيون العرب منذ البداية وخلال فترة الحملات الصليبية بكاملها موقفا عدائيا منها ورفضوا التعاون مع الصليبيين. اما الصليبيون فقد اعتبروا الارثودوكس خونة,ونظروا بشك واحتقار للمسيحيين الوطنيين واضطهدوهم,مما اضطر اعدادا كبيرة منهم للهرب عبر الاردن.
برز في تلك الفترة الامير رينولد / او رينو الشيطان امير الكرك ,الذي عرف بقساوته, ,ومن قلعتها شن هجمات على القوافل المارة بالقرب منها بما فيهم قوافل الحجاج المسلمين . وفي احدى غزواته سنة 1181 اسر رينولد اخت صلاح الدين ,واخذها الى القدس,الامر الذي شكل حافزا لصلاح الدين للانتقام ,واقسم ان يقتل ريموند بسيفه .
في حرب صلاح الدين ضد الصليبيين , شارك المسيحيون العرب الى جانبه ومنهم ابن المطران وعيسى العوام ,وكذلك خبراء في ضرب المنجنيق وفنون القتال وجنود عاديون, كما رافقته اعدادا كبيرة من المحاربين الاقباط الذين انضموا اليه قبل ذلك . بعد معركة حطين سنة 1187
واحتلال القدس,اعاد صلاح الدين للمسيحيين الشرقيين معظم املاك الكنيسة,عدا مقر البطريركية الخانقاة وكنيسة القديسة حنة التي حولها الى مدرسة .كذلك سلم مفاتيح كنيسة القيامة الى آل نسيبة المسلمين ,وكانت بايديهم منذ العهد العمري.كذلك اعاد صلاح الدين البطريرك الارثودوكسي دوسيتيوس الى القدس, الا انه عاد فيما بعد الى القسطنطينية سنة 1191 لانتخابه بطريركيا عليها ,وبعده اصبح مرقس ( 1191—1200)بطريركيا على القدس
كذلك طرد صلاح الدين رجال الدين اللاتين منها الى عكا. كل ذلك كان مكافأة للمسيحيين العرب الذين وقفوا الى جانبه في الحرب . بعد “حملة الملوك ” ضد صلاح الدين وفشل ريكاردوس قلب الاسد من احتلال القدس ,توصل سنة 1192 الى اتفاق او ” معاهدة الرملة “مع صلاح الدين,بموجبها اقام الصليبيون مملكتهم الثانية / الشريط الساحلي واتخذوا من عكا عاصمة لهم . وبموجب الاتفاق سمح للصليبين بزيارة القدس وبعض المدن المقدسة لديهم ,وسمح صلاح الدين للمسلمين بالتواجد قريبا من القدس في مواسم وشعائر دينية مثل موسم النبي موسى على طريق اريحا ,وموسم النبي صالح في الرملة والمنطار في غزة وذلك بهدف خلق حشد اسلامي حول القدس في فترات الحج المسيحي .
بشكل عام لم يتصرف الصليبون /الفرنجة ازاء نصارى المنطقة كحلفاء وكقاعدة اجتماعية لضمان وتثبيت سيطرتهم, بل اقترفوا المظالم بحقهم الامر الذي ناصبهم العداء . سيطر الفرنجة
على اوقاف الكنائس المحلية وحولوها لهم وعينوا اساقفة لاتين بدل الارثودوكس ( الغالبية العظمى من المسيحيين العرب كانوا اورثودوكس , وذلك بعد الانقسام الكبير بين الشرق والغرب سنة 1054 ) .لكن النشاط الاورثودوكسي لم يختف في ظل حكم الفرنجة , اذ بقيت عندهم كنائس عديدة في البلدات والقرى الصغيرة,والعديد من الاديرة داخل وفي اطراف المدن.
بعد وفاة صلاح الدين الايوبي سنة 1193 انقسمت سلالته الايوبية وتفسخت مناطق سلطته , التي امتدت من النيل في مصر الى دجلة في العراق.كما اشتدت الصراعات بين اولاده واحفاذه فابنه الافضل اخذ دمشق والعزيز اخذ القاهرة والظاهر في حلب, بينما اخذ اخيه العادل الكرك ثم اغتصب العادل الحكم من اولاد اخيه,ولم يقم ايا منهم بجهد لتحرير البلاد من الصليبيين بل حدث العكس تماما , اذ تعاون بعض الحكام المسلمون مع الفرنجة ضد بعضهم البعض, فكان الخلاف وكانت الحروب ولم يستطيعوا استعادة العديد من المناطق التي كان قد احتلها صلاح الدين . يذكر ان الخلافات اشتدت بين الاطراف المتنازعة على السلطة, لدرجة ان السلطان الكامل في مصر وقع اتفاقا مع الصليبيين سنة 1229 منحهم بموجبه القدس ,عدا قبة الصخرى والمسجد الاقصى ,والناصرة وبيت لحم, مقابل كسب تأييدهم له ضد عمه الناصر في دمشق.
صحيح ان هذا لم يدم طويلا,اذ بعد خمس عشرة عاما احتل الاتراك الخوارزم القدس, وطردوا الفرنجة منها .
لقد عانى المسيحيون كثيرا اثناء حكم الخوارزم, وتعرضوا للقتل الجماعي وسبي النساء والاطفال وفرضت عليهم وعلى الحجاج ضرائب باهضة, بالاضافة الى السرقة والنهب وتدمير المقدسات, مما اثار ثانية ملوك اوروبا ,وتكررت الصورة مع قيام ملك فرنسا لويس التاسع سنة 1248 بحملته نحو مصر,الا ان المصريين انتصروا عليه في معركة المنصورة واسروه ثم افرجوا عنه مقابل فدية كبيرة .
ازاء ذلك استولى المماليك سنة 1250 على الحكم في مصر,واحتلوا القدس وطردوا الخوارزم منها.ثم بدأوا بمحاربة الفرنجة ,الذين بقوا في سواحل فلسطين الشمالية , واثناء ذلك وجد المماليك انفسهم امام الزحف المغولي الآتي من الشرق, ففي طريقهم احتلوا بغداد سنة 1258 وقضوا على الخلافة العباسية ومحوا آثارها الحضارية وقتلوا معظم سكانها ,ثم توجهوا الى دمشق التي عانت منهم الامرين, وفي طريقهم الى مصر بقيادة جنكيز خان تصدى لهم جيش المماليك بقيادة الظاهر بيبرس وانتصر عليهم في معركة عين جالوت سنة 1260 .
انصب اهتمام المماليك بعد القضاء على المغول,على التعرض للمسيحيين في البلاد, اذ كانوا يضمرون العداء لهم دون التمييز بين الوطنين منهم والاجانب ,وذلك ردا على الجرائم التي ارتكبها الصليبيون بحق المسلمين ,واتهام المسيحيين بالتحالف مع المغول, اذ كان منهم جنودا من الارمن وجورجيا ,فانتقموا وقتلوا جميع المسيحيين في الناصرة وصفد وقيساريا, ثم تقدم بيبرس الى انطاكيا واحتلها ثم الى طرابلس وارتكب العديد من المجازر بحق المسيحيين .
توفي بيبرس في دمشق سنة 1277 وخلفه في الحكم السلطان قلاوون (الذي حاصر طرابلس ) وهدمها خوفا من عودة الفرنجة .بعد وفاته قام ابنه خليل بحصار عكا واحتلها سنة 1292 وحرقها وقتل اهلها وهرب البعض الى البحر, ولسوء حضهم فقد انقلبت الزوارق نظرا للازدحام وغرق الكثيرون منهم .(معروف ان المماليك هدموا كل المدن والقلاع الصليبية ,خوفا من عودة الفرنجة اليها) مع الانتصار في عكا ,خرج الفرنجة من البلاد .
كان حكم المماليك تجاه من بقي من المسيحيين في البلاد ظالما جدا ,تدمير مقدسات ,فرض ضرائب عالية واجبارهم على لبس عمامة زرقاء تميزهم عن المسلمين . ومع كل ذلك فقد تفشت الامراض ووقعت هزات ارضية مما اصاب الناس بالاحباط والقهر الامر الذي دفع الكثيرون منهم لاعتناق الاسلام او التشرد والنزوح شرقا هربا من المماليك . بقي المماليك في البلاد حتى 1517 حين احتل السلطان سليم الاول القدس سنة 1517 وسلم للبطريرك العربي فيها فرمانا يعترف به على سيادة البطريرك على المزارات والكنائس ويمنح المسيحيين حرية العبادة ,فارتاحت الكنيسة من الاضطهاد في ظل الاستقرار والامن النسبي الذي دخلت فيه المنطقة .