قصيدتان – عمر الشامي

لا يغلب ظلمٌ نورين

صبراً وصبرَ فإنَّ الظّلمَ مُنصرمُ

فكيف يَعدِلُ عُربٌ قولُهم سَخَمُ

غابتْ بصيرتُهم ماتتْ ضمائرُهم

سودُ القلوبِ وفي أفعالِهم خَصَمُ

العُهرُ مطلبَهم والحقدُ ميزتَهم

والذّلُ أغرقَهم والفخرُ مُنهزمُ

أخبارُهم عارُ أسرارهم قارُ

فردوسُهم نارُ والمجدَ قد هدموا

يا باغيَ العرشَ كم أفسدتَ مِن قِيَمٍ

أخلاقُ وثّقها التّاريخُ والقلمُ

يا أسرةَ البغي كم أطفأتُمُ أملاً

صُغراً لأمرِ الغربِ المجرمُ الغَشِمُ

يا أسرةَ العُهرِ كم لطّختُمُ دّنساً

أمرَ المكارمِ حتّى أُهدرَ الكرمُ

يا خادمَ الأعداءِ لم يعدْ لَكُمُ

عَقْدٌ ولا حَسَبٌ عهدٌ ولا حَرَمُ

يا بائعَ الأوطانِ لن نهاودكم

وهل يساوَمَ عبدٌ رقّهُ العجمُ!

هذي دسائسكُم في كلِّ مَظلَمَةٍ

إنّ الجِمالَ إذا ما استَفرَدوا نقموا

خُنتمْ وأضحى الذّلُ من طبائِعِكُم

فهل يُرى فيكمُ عزٌ إذا ظلموا!

شريعةُ الظّلمِ باتتْ مِن خصائصِكُم

فسقٌ يُشرَّعُ والأقزامُ تلتزمُ

صارَ العميلُ على الأَحكامِ مؤتمناً

أمّا الشّريفُ فخلفَ الشّمسِ مُكتتمُ

لم يأتِ شرّاً إلا أنّهُ بطلٌ

يأبى الرّضوخَ وما ارتدّتْ له هِمَمُ

لولا زهور الشّامِ ما اكتسى ألماً

حتماً ولا جاءتْ غدراً به النُّقَمُ

لولا المحبّةُ والإخلاصُ ما صَرَمَتْ

به الكلاب وفي أنيابِها الزَّأَمُ

يدومُ فخراً دمشقُ زادها شّمَمٌ

شعبٌ عزيزٌ على الإرهابِ يهتجمُ

حَرُّ المصائبِ لن تحرقْ ثوابتَهُ

كلا ولم تهدأ ضُعفاً له ضَرَمُ

لا تأمنوا أنَّ الجفونَ سادلةٌ

خلف الجفونِ عيونُ الجمرِ تضطرمُ

إنَّ السّيوفَ إنْ صلّتْ مضاربُها

ما عاد يشفعُ تسليمٌ وإنْ جَثَموا

سلِ الملوكَ فللأشباهِ مزبلةٌ

فيها البقاءُ لمن للخصمِ قد خدموا

 

 

عمر رزوق الشامي

أبوسنان

 

نبضاتٌ لا تُرَدُّ

بِحبِّ الشّامِ نبضي لا يُعَدُّ

وفي نبضاتها للرّوحِ رَدُّ

عشقتُكِ يا شآم وليسَ قلبي

سوى ضَيفٍ ودربُك لا يُسَدُّ

أجاهدُ صَولةَ الهِجرانِ نزْفاً

ويقفزُ مِن خبايا القلبِ وعْدُ

معاني غُربتي في الدّمعِ بانتْ

مسالكُ دمعتي خَدٌّ تَحِدُّ

وطَعْمُكِ يا دمشقُ على شفاهي

كألحانٍ تُغنّى وهي فرْدُ

أحِنُّ إليكِ شوقُ الأمِّ دفْقاً

إلى طفلٍ لتحضنَهُ وتَحدو

ليُسقى زورقي مِن كلِّ بحرٍ

فهل يرويهِ غيرُ ” الفيجِ ” شَهْدُ!

وهل تروي الحبيبَ مياهُ قومٍ

سوى بردى! ترى للنّفسِ بَرْدُ

فلا برلينُ أضحتْ لي دِمَشقاً

ولا بَرَأَ العلاجُ الشّوقَ بَعْدُ

وإنْ تَشْدو طيورُ الغربِ دهراً

لَمَا نصَتَتْ لغيرِ الشَام غَرْدُ

فكمْ أروي لها الأشعارَ جهراً

وكم أَغرى الكواكبَ منكِ سُهْدُ

تَشلشلَ للشآم النّورَ فجراً

مباسِمُها ويروي الثّغرُ وِدُّ

تحيطُ بعالمي الأنّاتُ جُرحاً

وتختلجُ الجوارحُ إذْ تُصَدُّ

فحبري عن دموعي باتَ يروي

مِنَ القرطاسِ حرفاً يستردُّ

وشوقي للحبيبةِ قَدْرَ بحرٍ

وشِعري مركبُ القبطانِ يغدو

ندمتُ لأنّني هاجرتُ عنها

وعانيتُ الأسى والحزنَ مَـدُّ

غرامي يا دمشقُ غدا حياةٌ

حنونُ القلبِ من يهواكِ جَدُّ

دمشقُ الصّبرِ كم كَيدٌ وَخاها

بسيفِ الغلِّ، كان لهُ يَسُدُّ

وكمْ عادٍ يشاءُ بها دماراً

بذُلِّ الخِزْيَ يُغرقُ ثمَّ يغدو

فما بَقِيَتْ قلوبٌ باتً فيها

ظلالُ الغدرِ نحوكِ قد تَجِدُّ

فشامُ المجدِ للأبطالِ أرضٌ

وشاهرةُ السّيوفِ بها تَصُدُّ

فلو ما كنتِ يا شآمُ أُسٌّ

لدربِ الحقِّ والإنصافِ خُلْدُ

لَمَا أسداكِ ربُّ البعثِ فخراً

بلادُ الشّامِ يومَ النّشرِ وِرْدُ

متى قَدَرُ الإلهِ إلى رؤاها

متى رَحْلي إلى بلدي أَشُدُّ؟

 

عمر رزوق الشامي

أبوسنان

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*