ألــين لا تحبّ كورونا – توفيق فياض – تونس

 

قصة للأطفال

 

ألين بنت صغيرة، عيناها سوداوان واسعتان، وشعرها أسود طويل يتدلّى فوق كتفيها وظهرها، وشفتاها باسمتان دائما، فهي دائما فرحة وسعيدة لأن حديقة بيتها خضراء ومزهرة دائما بعرائش الياسمين المتسلقة على الجدران، وحول شرفات البيت وشباك غرفة نومها، كانها نجوم بيضاء منيرة متناثرة، أما الورود المتفتّحة بكل أرجاء الحديقة حول البيت بألوانها المختلفة؛ فهذه الحمراء، وهذه البيضاء وهذه الصفراء والقرمزية، وهذه اللّيلكيّة التي تفوح برائحتها العطرة التي تحبها وتملأ بها أنفها ورئتيها كل صباح حين كانت أمها تصحبها إلى المدرسة القريبة من البيت، وعندما تعود بعد انتهاء الدروس عصر اليوم، وقبل أن تذهب للنوم وتأوي إلى فراشها…

وكورونا الشريرة لا تحب الياسمين ولا تحب الورد، ولا حتى روائحها العطرة المنعشة… فحبست أنفاسها بكمامة كريهة، وضعتها فوق أنفها وفمها، وألين تحب كثيرا، دروس الرقص التي كانت تصحبها أمها إليها في المساء يوما بعد يوم، وكل يوم سبت وأحد نهاية الأسبوع، في معهد الفنون والرقص الغير بعيد…

وكورونا الشريرة لا تحب الرقص، وتكره المعهد ومعلمة الرقص، بل وتكره حتى المدرسة…

وألين تحب اللعب واللّهو مع أطفال الجيران الصغار بصحبة أخيها فارس، ولكنها لم تعد تلعب معهم، لأن كورونا الشريرة منعتها، فهي لا تحب الأطفال ولا تحبّ اللعب…

وألين لم تعد سعيدة ولم تعد فرحانة وتبتسم… وأصبحت حزينة دائما، لأن كورونا الشريرة لا تحب الفرح، ولا تحب لألين أن تفرح… وتحبّها أن تكون حزينة دائما..

وألين أصبحت تبكي صباح كل يوم عندما تصحو من نومها وفي المساء، لأن كورونا الشريرة حبستها في البيت أياما كثيرة جدا وليال طويلة.. طويلة..

لا مدرسة ولا رقص ولا لعب .. ولا تنشّـق لعطر الورد والياسمين..

وألين الصّغيرة تحبّ جدّها العجوز… ولأنّ ألين تحبّ جدّها كثيرًا كثيرا وحكاياه التي لا تنتهي كلّما زارته مع أمها التي كانت تتركها لتبيت نهاية الأسبوع عنده، وكلّما اشتاقت إليه… أكثر من عطر الورد والياسمين.. وأكثر من اللعب مع رفيقاتها ومع أطفال الجيران، وأكثر من الرقص…

وألين اشتاقت إلى جدّها العجوز واشتاقت الى اللّعب معه وإلى صوته الخشن وهو يقلّد صوت الذئب الذي لبس ثياب جدة ليلى الحمراء.. وطاقيّتها ونظّارتيها ونام في فراشها لكي يخدعها ويأكلها.. فكلّما لعبت مع جدّها لعبة “ليلى والذئب”… يكون هو الذئب وهي ليلى الحمراء، فينشب مخالبه وينقضّ عليها فتهرب ألين منه .. وحين يمسك بها مكشّرًا عن أنيابه يريد أكلها… تمسك بإحدى جديلتيها السميكتين الطويلتين وتجلده بها كالسّوط بقوة وهي تصيح به بأعلى صوتها: ابتعد عني أيها الذّئب الشّرير المحتال.. ابتعد… فيبدأ بالتّوجّع والبكاء، ثم يفرّ بعيدا وهو يصيح:” آي… آآآآي…”، فتضحك ألين منه وهي تصيح فرحة متقافزة: هزمتك أيها الذئب الشّرير المحتال…غلبتك…، ثم ترمي نفسها بين أحضانه وهي تمرغ وجهها بلحيته البيضاء الكثّة وتصيح سعيدة: غلبتك يا جدي العجوز غلبتك… وأنا أحبك يا جدي كثيرًا.. كثيرًا.. وأكثر من أي شيء في الدنيا….

وما إن تتذكر ألين جدها وحكاياه التي لا تنتهي، حتى تشعر بالشّوق الكبير إليه، لأ ن كورونا الشّريرة تمنعها من الخروج من البيت منذ مدة طويلة ولا تستطيع حتى رؤيته، فتجهش بالبكاء وهي تمزّق صورة كورونا المعلّقة على الحائط وتصرخ بها غاضبة: ألين لا تحبّك يا كورونا… ألين تكرهك … تكرهك…

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*