على رأس تلّة عزباء..
انفصلت عن الرّيح منذ عصور الفرح
وُلدتُ مُقِلّا في القراءة خوفا من العنقاء
أمّي ولدتني في ليالي الشّتاء الحزينة
لكنّها لا تذكرني إلّا حين ينقطع المطر
أنا ابن الرّيح من أم عربيّة،..
ولدت في صباح لم تكن فيه العذارى
قد بلغن سن الرّشد بعد!
والملوك كانوا يلهون مع الخطيئة
أنا الّذي ولدت في حضن المعصية
أنا ابن المعصية! ..
وُلدتُ وفي جعبتي ألف سؤال عن السّبب
ليس كُفرا ..
ولكن لحساسيّة موقف الرّيح عند السّؤال!
أنا الجنود والحدود
والرّكّع السجود
أنا نخلة يانعة تمارس الجّنس تحت الرّمال
دون إذن من الحرّ
أنا على مقربة من تينة ممشوقة الثّمر
أُلملمُ حبوب منع النّهار
أنا نكاح القاصر حتّى مطلع الفجر!
أنا ريح صرصر عاتية
تُداعب خدّ يتيم في أوج عطائه
وبرميل نفط يُسكب على رأس عذراء
حامل بسبعة شهداء وحوريّة بحر
أنا خرساء تعلن ولاءها لصفّ عسكر
مرّ من هنا ، ، ،
من تحت أوتار صوتي المسروقة
في طريقه إلى القدس مرورا
بعواصم الغدر
أنا عليم بذوات الصّدور العارية
وقِبلة أصحاب البطون الملساء
والنياق الوركاء
أنا الصّياح على منابر النّساء !
أنا الصمت على مقابر الصّوت !
أنا مُحدب ….
قصير القامة …..
حين أمرّ ببلاط الشّهداء
أنا الخديعة الكبرى
والخيانة الكبرى
أنا سادن الخرافة
حتّى مقتل الحلم..
أنا جلبة صامتة
لا يُسمع لها صوت صراخ
إلّا عقب ممارسة الجّنس ..
أنا أمنية الملائكة حين يموت القدر..
فاخلع نعليك حين تصلّي عليّ
واقذفها على وجهك ..
يا من خُلقت لتعبد الأصنام التي حطّمتها
من قبل..
ومن بعد ..
أنا الشاة الّتي ذُبحت على قارعة الزمان
عشيّة عيد مولدي..
أنا هاجس كلّ مولود
أنا فرعون العصر..
ووكيل الخرافة في أسواق العبيد
وخبير بالصّلاة على الميت
أيّتها الخطيئة !
تعالي نتكاثر بصمت ..
حتى لا يسمعنا أحد!
وكلّما ننجب طفلا نُشهده أنّه ابن الخطيئة
حتّى لا يصرخ ..
أنا أنين الوجوه المتراكم على سفوح الوجع
أنا ابن تلك الصّرخة الّتي ماتت
وهي لم تلدني بعد ..
وذلك الخريف الّذي لم يعقبه شتاء
أنا هذه الأرض
الّتي حُرقت بداعي أنّها تُعاشر الشّجر
أنا الكافر بالعشق..
العاشق للكفر…
أنا أخرس ..
طويل القامة حين أمشي بجنازة عيد..
عديم الرّائحة ..
حين أمرّ بموكب شهيد..
أنا الشّمس والقمر،
الرّيح والشّجر، ..
الغيم والمطر
الوعد والقدر ..
أنا الرّاكع
السّاجد
الخافض
الرّافع
المضرّ
النّافع
الثّائر
القاتل
أنا الأوّل
والآخر
الخامس
والسّادس
المؤمن
والكافر
أنا الميّت في قصص الفجر
الحيّ في أساطير الغدر
فلا تتبعوني…