حكايَةُ زيتونةٍ – د. أسامه مصاروه

نظرتْ إليّهِ حزينةً متألّمهْ
أمريضًةٌ هيَ أمْ ترى متوهّمهْ
لكنّ حالتَها بدتْ مُتأزّمهْ
ومِنَ المذلّةِ ربّما مسْتسْلِمهْ

لا ليسَ هذا طبعَها كمناضِلَهْ
كمْ واجَهت أعتى الغزاةِ مقاتلهْ
صمدَتْ وما زالتْ تقاومُ باسلهْ
لولا خيانَةُ حاكمينا السافلهْ

وقفتْ تُساءِلُ نفسَها عن أهلِها
ماذا عساهُمْ فاعلونَ لأجلِها
أَتُراهمُ راضونَ عن أحوالِها
أو عنْ صمتِ أمَّتِها وعنْ إذْلالِها

“ما لي أراكِ حزينةً هذا الصباحْ
يا منْ صمدْتِ أمامَ أهوالِ الرياحْ
ما زلتِ سيّدةَ الفيافي والبطاحْ
مالي أراكِ كطائرٍ فقدَ الجناحْ”

“أنظرْ إلى زمني وقلْ لي من أنا،
أأنا أنا وعلى المدى وطني هنا؟
وإذا تمادوْا هل سيبقى في الدُنى
وطنٌ لمهزومٍ أُذلَّ فأذعنا؟

وهلْ بربِّكَ سوف يبقى عندَنا
شرَفٌ إذا خُنّا جميعًا عهدَنا
لمَ لا نواصِلُ أو نُجدّدُ مجدَنا
لِمَ ننْدُبُ الماضي ونسلخُ جلْدَنا”

“مالي أرى أُمّي مُعذّبَةَ الفؤادْ
وهِيَ التي ملكتْ نجادًا وَوِهادْ”

“أيَسرُّ عينَكَ أن ترى حالَ البلادْ
كيفَ التمنّي والعروبةُ في رُقادْ؟”

“أُماهُ لا تتوقّعي خيرًا كثيرْ
من حاكمٍ، ملكٍ وحتى منْ أميرْ
فجميعُهمْ خَلعوا عباءاتِ الضميرْ
وتدثّروا بِرِداءِ عبْدٍ أو أسيرْ”

ومعَ انْسِدالِ ظَلامِ تلكَ الليلَةِ
خرجَ الغزاةُ كدأْبِهم في ثُلَّةِ
وَمِنَ الجُحورِ تسابقوا للتلّةِ
بسمومِهمْ وشرورهمْ يا ويلتي

وصلوا إليها بكلابِهم وفؤوسِهمْ
والحقدُ طاغٍ ذاهبٌ برؤوسهمْ
أمّا الجنونُ فذاهبٌ بنفوسِهمْ
والحِقْدُ ديْدَنُهمْ وملءُ كؤوسٍهم

أشجارُ زيتونٍ هَوَتْ وَتحطّمتْ
وبيوتُ عزٍّ فُجِّرتْ وتهدّمتْ
حتى الأواني كُسِّرتْ وتَهشّمتْ
أمّا المياهُ فَلُوِّثتْ أو سمِّمتْ

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*