(مدخل)
– ما رائحة النسيم يا ابنة جنين؟
- صنوبر “مرج ابن عامر”
- وما رائحة الجدار يا روحَ حطّين؟
- طين آدم والحنين للحنين
- وأين تأخذك البوابة الحجرية الآن؟
- إلى شهقة الجليل
- وماذا تقولين للماء البعيد
الذي يدعي السراب؟
- أرتل آيات الأحباب..
___________________________
- أما من صِوَرِ يا سيدتي
تعيدني إلى رحم سنبلتي
تنقل لي رائحة الماء
طفولة أمي
عطر الحجارةَ
الشجرَ الخصبَ
أحاديث الدرب
وطعم النظرة في شفتيك
الحناء بكفيك
التربة والورق اليابس في قدميك!
أما من صِوَرٍ
تنقل لي ترنيمة خصريك
نوايا طفلٍ ماكرةٍ في ثوبيك
ذعر أرنبٍ في تلتيك
أما من صِوَرٍ تأخذني منّي
تطفئ صحراء الحلق
وتلقي تعبي
كالشال على زنديك
أما من صِوَرٍ يا سيدتي
توهمني أني ظل الزيتونة
عطرُ الفلاحةٍ
عكازةُ ذاك الشيخ
شريطُ الشعرِ لسحرِ الطفلةِ
والشهقةُ في رئة الغيم
الضحكةُ في العين
التقطي صورةً يا سيدتي
أكون فيها واضحا أو غائما
فكرةً أو رائحةً
صوّري مثلاً بيتاً وقولي:
“كنتَ تمرُّ من خلفه
لحظة التقاط السلام”
أو، صوّري شارعاً وقولي:
“كنتَ على ضفته الأخرى
منشغلاً بالحديث عن الركام”
أو، قدّمي صورةً فارغة وقولي:
أنت هنا.. ألا ترى.. كنتَ هنا!
“أنفاسكَ تملأ السماء بالكلام”
أو اعرضي عليّ لقطةً
لمسرحٍ فارغٍ وقولي:
“كنتَ هنا على المنصةِ مرتعشَ العظام..”،
صوّري كلّ شيء واوهميني
أنني كنت شيئا في كل شيء
صوريني واظهِري وجهي
على شكلِ غيمةٍ في تأوهات السماء
صوّريني عابراً في الشتاء
واخدعيني وقولي:
هذا قلبك في قطرة الماء
صوّريني على البعد ثم بعثريني
بحثت عني طويلا
في الصنوبر والجدار والهواء
فتحت رأسي عند بوابة البقاء
ولم أجدني.
يا سيدة التين والزيتون
عصا الراعي وابتسامةَ الزيزفون
لا تنشري صوراً إلا إذا كنتُ فيها
على هيئة إنس أو على هيئة جنّ
المهم أن أكون:
خيطاً في شال فتاةٍ
أو رقعة بنطال طفلٍ
أو قبّعةً على رأس مزارعٍ
أو دفتراً في حقيبة تلميذٍ
أو لوناً في كأس نبيذٍ
أو مشطاً في جيب شابٍ
يعتريه الجنون
المهم أن أكون..